جديد للدكتورة حياة قطاط

زائر

«العرب في الجاهلية الأخيرة والإسلام المبكّر» كتاب جديد للدكتورة حياة قطاط

هشام جعيّط : «.. وهو بالأخص أول كتاب وضع في هذا المجال بالعربية فأثرى مكتبتها ويثري فكر القارئ بقراءته واكتشافه».

روضة الشتيوي – عن جريدة الصحافة

أثرت الدكتورة حياة قطاط المكتبة التونسية والمكتبة العربية بمؤلف هام عنونته بـ «العرب في الجاهلية الأخيرة والإسلام المبكّر» صدر عن «دار أمل للنشر والتوزيع» في موفى سنة 2006. والكتاب كان في الأصل ـ كما ذكر الدكتور هشام جعيّط في تقديمه له ـ أطروحة دكتوراه اشتغلت عليها المؤلفة مدة تزيد على الخمس سنوات.
وكانت نتيجة هذا الجهد دراسة أنتروبولوجية ثرية استندت إلى عديد المصادر والمراجع ممّا جعله يدخل «في اختصاص الأنتروبولوجيا التاريخية بصفة أنّ الكاتبة تشتغل على إنسانية قديمة زالت، وسجّلت حياتها في كتب التاريخ والأدب والأشعار وغير ذلك»... هذا بعض ما جاء في مقدمة الكتاب بقلم الدكتور هشام جعيّط الذي أضاف : «الكتاب سهل القراءة، ذو أسلوب عذب، وقد قامت المؤلفة بوضع جداول بيانيّة واضحة وهو بالأخص أول كتاب وضع في هذا المجال بالعربية فأثرى مكتبتها ويثري فكر القارئ بقراءته واكتشافه».
احتوى الكتاب على ثلاثة أبواب توزّعت على أكثر من 350 صفحة، وتفرّع كل باب منها إلى ثلاثة فصول تبحث بدقّة في كل التفاصيل التي لها صلة وثيقة بموضوع البحث. وكانت البداية مع «الزواج في المجتمع العربي الجاهلي والإسلامي الأول» الذي انطلقت فيه الكاتبة من سؤال محوري طرحته على النحو التالي : «... فما الذي حافظ عليه الإسلام من النظام القديم للزواج العربي وما الذي ألغاه أو أدمجه مع مبادئ الدين الجديد ؟».
وتدرجت في إجابتها على هذا السؤال إلى البحث في أهم أنواع الزواج العربي وطقوسه والى الحديث عن الزواج ودوره في تأطير الحياة الجنسية والى درس أطراف الزواج واستراتيجياته.
ومن مؤسسة الزواج إلى «دراسة التراكيب الاجتماعية في المجتمع العربي في الجاهلية والإسلام المبكّر»، حيث ركّزت حياة قطاط في هذا الباب على العلاقات التي كانت تميّز المجتمع موضوع الدراسة، وهي علاقات لا تسير أغلبها بمنأى عن مؤسسة الزواج وما ينشأ عنها «من علاقات مبنيّة على أساس النسب والمصاهرة، إلى جانب العلاقات الإنسانية الأخرى القائمة على أساس العقود التي تمليها المصلحة المشتركة وظروف التعايش الإجتماعي في بيئة لها مقوّماتها، تراكيب إجتماعية معيّنة هيكلت المجتمع العربي في الجاهلية ومنحته خصوصياته الثقافية الكبرى التي ظلّت راسخة وثابتة في الضمير العربي حتّى بعد ميلاد الدولة الإسلامية» (ص. 163).
وهذا ما استوجب ضرورة دراسة «جدلية العلاقة بين العشيرة والقبيلة» و«العشيرة» و«القبيلة» و«الرهط كقسم من أقسام العشيرة» بالإضافة إلى البحث في موضوع «الأسرة والأهل والبيت» و«أسس التراكيب الاجتماعية العربية» و«القبيلة العربية ومؤسساتها التأطيرية» بما فيها «مجلس القبيلة» و«دار الندوة».
الباب الثالث جاء تحت محور «دين العرب» الذي تفرّع إلى ثلاثة فصول هي : «جدلية الصحراء والبداوة والحيوان في الثقافة العربية القديمة» و«مؤسسة التضحية في الثقافة العربية وأهم عناصرها» و«مؤسسة التحريم عند العرب القدامى».
في بداية هذا الباب وضعت الكاتبة ملاحظة منهجية مهدت بها للموضوع قائلة : «لا يقصد بدين العرب الدين وحده بمعنى الإيمان والعبادة .. بل المراد بذلك هو تجاوز هذا الجانب الذي يشكل عنصرا رئيسيا من عناصر دين العرب بمفهومه الشامل والكبير والمتمثل في مجموعة القيم والعادات والتقاليد وكل ما يتصل بالذهنيات ويعرف بالثقافة. وهي عناصر مترابطة يصعب فصلها» (ص. 264)، وهكذا جاء هذا الفصل مليئا بالبحث في التفاصيل المكوّنة للمناخ الثقافي في تلك الفترة والتي لها علاقة بالبيئة المناخية والجغرافية وكذلك بطريقة العرب في التديّن وعلاقتهم بالعالم الفوقي وتصوّرهم له وكيفية اتصالهم به وبكلّ القيم التي انبنت عن ذلك.
«العرب في الجاهلية الأخيرة والإسلام المبكّر» كتاب جامع وثري ويحتوي على غزارة في المعلومات التي أوردتها حياة قطاط بدقة لا متناهية كما أنها دعمت ما ذهبت إليه في بحثها برسوم بيانية لمزيد التفسير والإيضاح وللتلخيص أيضا حتى تصل المعلومات الواردة في الكتاب إلى القارئ بسهولة وليونة. كما أن ما ورد في الكتاب بخصوص المراجع التي اعتمدتها المؤلفة، يدلّ على جدية كبيرة في البحث والتدقيق وفي تناول الموضوع المطروح خاصة إذا ما نظرنا إلى كثرة هذه المراجع والى تنوّعها في المادة وفي الإمضاءات الواردة بأقلام عربية وأجنبية.

» حياة على هامش حياة
» تعازينا الحارة للدكتورة نجاة بوتقبوت والشاعر رشيد الخديري
» حياة قطط
» حياة عادية
» في حياة أخرى