الشاعر المغربي المرحوم عبد الله راجع (1948/1990)
عبد الله راجـع
نبذة موجزة عن حياتـه
ولد سنة 1948 بمدينة سلا، حصل على الباكالوريا بعد التحاقه بالتجنيد الإجباري بمدينة الحاجب.
أحرز على شهادة الإجازة في الأدب العربي من كلية الآداب و العلوم الإنسانية بفاس سنة 1972، كما حصل على دبلوم الدراسات العليا في الأدب المغربي المعاصر من كلية الآداب بالرباط سنة 1984 .
اشتغل أستاذا بمدينة الفقيه بن صالح ثم حارسا عاما بالتعليم الثانوي بالدار البيضاء، فأستاذا بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بنفس المدينة.
التحق عبد الله راجع باتحاد كتاب المغرب سنة 1976 .
انضم إلى هيئة تحرير مجلة " الثقافة الجديدة " ابتداء من عددها التاسع سنة 1978 .
أصدر رفقة أمجد ناصر حسون ( عراقي مقيم في المغرب) مجلة " رصيف".
أصدر عبد الله راجع مجموعة من الأعمال الشعرية و الدراسات النقدية:
في الشعر، الدواوين التالية:
ـ الهجرة إلى المدن السفلى : شعر ( دار الكتاب) ـ 1976
ـ سلاما و ليشربوا البحار: شعر ( منشورات الثقافة الجديدة) ـ 1982
ـ أياد كانت تسرق القمر: شعر ( دار النشر المغربية) ـ 1988
في الدراسات:
ـ القصيدة المغربية المعاصرة: بنية الشهادة و الاستشهاد ( جزءان ـ عيون المقالات )
الجزء الأول: 1988 ـ 316 صفحة.
الجزء الثاني: 1989 ـ 208 صفحة.
توفي الشاعر عبد الله راجع في 28 يوليوز 1990 بإحدى مصحات الدار البيضاء.
قصيدة تروبادور
للشاعر المغربي الراحل عبد الله راجع
قصيدة تروبـادور
ها وردةٌ أولى :
هي الأرضُ التي تحبو على كتفي تترك في القصيدةِ
لحمَها
و أنا امتدادُ الحلم في الجسدِ المحاصرِ بالكتابه
لا شيء يُنقدني من الأرض التي تمشي
سوى الأرضِ التي تأتي
و ليس رحيلُ أحبابي سوى مرِّ سحابه
و أنا أحبكِ يا زهيراتِ الخريف ،
و لكنْ ،
كيف أمشي
و على جفنيكِ ظلٌّ من كآبه ؟
ها وردةٌ أخرى :
هي الموتُ المؤجلُ ،
و هي خاتمتِي الغريبه
و التي تأتي لتسأل عن دخانِ القلب
تُحْيِِينِي
تُضيف إلى سنينِ العمرِ شهراَ
عندما أنحازُ للموت المؤجل ِ أستضيءُ بنجمتينْ
و إذا أتتْ , أرتاحُ ساعاتْ ، و أُسبِلُ دمعتينْ
و أنا امتدادُ الحلمِ
و الموتُ المؤجلُ
كلما نبتتْ بقلبي
وردةٌ
أحسستُ أن جراحَه تزدادُ شبراَ
الأرضُ أرضي ، لا حدودَ و لا جوازاتِ سفرْ
فُقَراؤُها أحبابُها ، أصحابُها ، و لهم حكاياتٌ طويله
و التي صعدتْ إلى الأعلى يلامسُ كفُّها سطحَ القمرْ
أما التي هبَطتْ إلى أرضي ، فأهدتني جديله
و أنا امتداد الأرض ليس لديَّ غيرُ ترابِها
عصفورةٌ سُرقتْ ، و قلب يرتمي في الطينْ
ليس لديَّ غيرُ سُوَيعةٍ لو كان يكشفُ سرَّها ,
نطقَ الحجرْ
و أنا امتدادُ الأرضِ ليس لديَّ غيرُ همومِها
و أحبَّتي الفقراءُ في الأرض التي تمشي
و حكايةٌ خبأتها حتى يبللَها المطرْ
لأني أُُحِسُّ بأن َّ النهايةَ أقربُ من شفتي إليَّ
ستفتحُ كل ُّ الحوانيتِ أبوابَها لو رحلْتُ
تقام ُ الولائمُ في الصيفِ ، يبكي عليَّ
عزيزاً عشقتُ ، و عاما يفتحُ أبوابَه للقمرْ
و ينمو السؤال ُ المقدسُ فوق جبين ِ ابنتي :
ـ " أبي ... أين راحا ؟
لماذا إذنْ لم نعدْ نرتخي بين حِضنِه
حتى نذوبَ ارتياحاَ ؟ "
لأني أَحسَّ بأن السياحة َ في الأرضِ ليست تدومُ
دوام َ العمرْ
و أني على الأرض سائحْ
سينبتُ في جسدي من بقاعِ البلادِ التي قد رأيتُ
شـجـــرْ
سيذكرني لحظةً في المقاهي التي عرفتني
رفاقٌ رأوا جبهتي تتغضن قبل الأوانْ
يقولون راح هدَرا و هدَراَ
و كان يطارحنا الهمَّ حينا بهذا المكانْ
و حينا يخبئ حزنَ البلادِ وراء ابتسامتِهِ
ثم كان , و كانَ , و كانْ....
لأني أحس بأن السفينةَ تهوي إلى مستقرٍّ و لا
مستقرْ
و أن الربيعَ الذي وعدوني به ليس غيرَ الخريفْ
صرختُ من القلبِ : لا
لعصفورتي أن تعودَ ، لقلبي حنينٌ.. أحبّ ُ أن أبوحَ بهِ
لبلادي التي شردتْ أصدقائي...
يدٌ تمسحُ الدمَ عنْ
جسدي
صرخت من القلب : لا
و أدركت أني أميل إلى البحر مرتحلا
و أكتشف الزيف في هزة الرأس، في بسمة،
أو حديث " لطيف "
و أكتشف الموت يرصدني في الممر
و يطرق بابي في مكتب ، أو يتابعني في الرصيف
عبد الله راجع
لوجهك أم لانطفاء الفصولْ
بكى الأصدقاءُ؟
أمِ الحزن فرّخ فينا فكان البكاءْ
ضريبةَ من فتحوا العينَ و الأنف و الذاكره؟
أنا المستعير جوادكْ
و في جسدي منك منطقة لا يبارحها الصّيفُ
منطقة من لهاث الطحال إلى المخِّ
أولها أنتَ
و المنتهى أنتَ
يا صفحةُ من كتاب البدايه
يغيبها الليل في جيب معطفه كي تتم
فصول الروايه
أنا المستعير جوادكَ
أقول لهم: أول الحبل هذا
و ها الحبل يمتد منا
و يمتد... يمتد وسْط اللهاث إلى الشمس منا
طريقا تطولُ... فيحلو حديث السفرْ
أقول لهم... غاب عني صديقي
فخبأ عينيه عنا المطرْ
و ما سرقوكَ: اشتبهت لهمْ فاقتفوا لغةً
كنتَ تلصقها في زجاج المقاهي
و أعمدةِ الضوء ما سرقوكْ
أقول لهم: كلنا أنت فاكتشفوا
لغةَ الرئتينِ: اللغات تسافرُ شرقا و غرباً
شمالا.... جنوباً
و لكنها تتوحّد في القلب... في العينِ حين يصيرُ
التنفس شيئا فظيعاً
و ما سرقوكْ
تهاجرُ نحوك كل الخلايا تهاجرُ
قافلةً من حروفٍ يتيمه
تباركُ وجهكَ في لحظة الدمعِ ثم تعود إليّ
حقائبَ من وجع لا يطاقْ
فأقرأ فيها متون انتمائي
و أرتاحُ، أشعرُ بالحلمِ المتوتب يسرقني من بكائي
فتأخذني نوبة من صهيلْ
و حين تقشر حنجرتي لغةٌ فيك أعشقُ
أن أتحاورَ بالذكرياتِ
فأدخلُ باسمكَ ذاكرتي المالحه
أجولُ أجولُ أجولْ
و ما أشبه اليومَ بالبارحه ـــــــــ
(عبد الله راجع) الفقيه بن صالح 28 فبراير 75