]
يوم كنت ألعب في الرمل...
لمّا غطّاني ظلّ على كتفي ، التفتﹸمدعورا ، ثم قلت :
- جدّي...
قال: - هات يدك و اتبعني
ورغم أنّي أهوى اللّعب في الرّمل، أشبّهه في انسيابه بين أصابعي بماء الغديرالذي يجري بعد الأيام الممطرة في سافلة " قائد الحيوط"، فإني تخلصت ممّا تحتويه يداي منه وخرجت من متعة اللعب.
بدون أدنى تلكؤ أمسكت اليد الممدودة نحوي وفي داخلي ارتداد يهزّني .
سرت منساقا خلف الشيخ وعيوني تبصرإلى أفق مغناطيسيّ يجذبني .
كالمسحورفكرت :
للسوق سيأخذني أم لعرس بعيد عند أخوالي أم لهدية حلوى بعثت بها أمي من مدينة "تيفلت" ؟
كان هذا منتهى طمَعي .
وتناسل السؤال في ذهني بسرعة أنستني كيف وصلت إلى "الخيمة". وفي"النْوالة " لبست جلبابي وبلغتي وخرجت مسرعا ألبي دعاء جدّي المنتظرتحت شجرة الكليبتوس المحادية .
بعد انتظار، ليس بالقليل، على حافة الطريق، مرت بنا شاحنة فركبناها. حينها عرفت أننا ذاهبان الى "تيفلت" .
في المدينة ، أدخلني جدي إلى قاعة واسعة وودّعني عند بابها بإشارة من سيد بداخلها .
أزلت بلغتي وتركتها بعتبة الباب ، فبادرني السيد الجالس على كرسي :
احتفظ ببلغتك في رجليك ، إنها المدرسة.
كان عمري بين الستة و الثمانية أعوام ولم أكن أعلم آنذاك ما المدرسة لكني أدركت ساعتها الفرق بين ما كنته قبل ساعات وهذه اللحظة.
رأيتني بجناحين أطير خفيفا في فضاء غريب الهواء و النسيم ولم تخفني سرعة الإنتقال من" الجامع" إلى هذه "المدرسة" . تفتحت نفسي للمكان وللحضور المتواجد بالصف. عانقت المجال بأعيني وبكل حواسي . تعرفت موطني . وأدركت بحاسة ما أني متجه نحو ضوء بعيد في المدى يضمني ، يذكرني بطمأنينتي بين أحضان أمي ويبعدني إلى ما لا نهاية عن اللعب في الرمل .