.... كلما صادفت الحكمة الشهيرة [ إعرف نفسك..؟! ]
معلقة على حائط ما
أو مثبتة في كتاب ما، أشعر بالحيرة.. !
وأرتبك أنا وعقلي وقلبي وباقي الأعضاء .. ؟
إعرف نفسك .. ؟!
ماذا سأفعل بنفسي، إذا تعرفت عليها، وتجالسنا معاً، ودعوتها
إلى غداء عمل أو عشاء أو تبادلنا الأحاديث بإحدى المقاهي
أو جلسنا أمام التلفاز نتحدث .. !
و تناول معاً الحلوى والعصير .. !
ماذا سنقول لبعضنا البعض أنا ونفسي ..؟؟
حيت أتعرّف على نفسي، هل أقول لها :
مرحباً يا نفسي...
كيف حالكِ.. ؟؟
كيف أحوالكِ..؟؟
أينَ كنتِ.. ؟
ما هي ذكرياتكِ..؟
حين أتعرف على نفسي هل أسألها ماذا تشربين..؟؟
ماذا ترغبين..؟
أي مائدة أفرش لكِ..!
آمل أن أكون عند حُسنِ ظنكِ..؟؟
نقضي عمراً، أو عمران، أو ثلاثة أعمار مضاعفة، ونحن نفتش
عن أنفسنا ولا نجدها في أكثر الأحيان..
وحين نلتقي وجهاً لوجه أمام مرآة أو عند منعطف ما أو بعد صدمة
نشعر بالغربة، وندهش لأن ما كنا نفتش عنه يسكننا طول الوقت ....
حين تعرفت إلى نفسي أخيراً، عانقتها ضممتها حضنتني بقوة
وتبادلنا القبلات وأصبحت أخدمها حتى أضجرتني..!
اكتشفت بعد إلتقاط أنفاسي ــ؛؛
أن الطريق إلى البيت أجمل من البيت...
وإن المشوار أجمل من الوصول...
وأن المفقود أجمل من حضوره...
وأن الغائب يبقى ساحراً أو فاتناً...
لا شيء أجمل من الشجار مع النفس، هو السؤال أبهى من الجواب..
وكل غائب عذره معه...
لذلك، لن أشعر بالقلق على أي شيء مادي أو روحاني
حتى لو كانت نفسي الضائعة..!
ولن أبلّغ أي مخفر ليفتش عنها، ولن أضع إعلاناً تحت عنوان:
( خرجت نفسي ولم تعد..؟ )
أنا التي ضيعت عمري مع سبق الإصرار والتعصّب
وأنا التي تركتها تفلت وتهرب مني ، بكامل وعيي، لأنني أرغب
في أن أكون مفتشةً، أترصد أثار ضائع هي الرحلة سرّ الحياة..
لا تخف إذا لم تكن مطمئناً، ولا تشعر بأمان، تشاجر مع نفسكَ أولاً
ثم تصالح معها، لا تسالم، لا تستسلم لما أنتَ عليه..
لا تخمد ..
لا تنطفئ..
قليلٌ من الضياع ينعش قلب الحياة صدقوني..!
قليلٌ من السفر إلى اللاشيء قد يوصلك إلى المفقود وهذه عن تجربة..؟
ليس مهماً أن تعرف نفسك، المهم أن نفسك تتعرف إليك..؟
دع روحكَ تفتش عنك..؟
دع عمرك يدق بابك..؟
وافتح الباب والشباك والجدران..
ستجد أن ما تفتش عنه كان يحاورك طوال الوقت..
قد يكون كائناً بشرياً أو شجرة أو نهراً أو كلمة أو نبضة ... !
.. كونوا بألف خير ..
Maha Alsmadi