الساعة تشير الى الثالثة صباحا
سمع صراخ وعويل ,كل سكان العمارة هرعوا الى الشارع خرجنا نهرول هروبا او خوفا لم نكن ندري ماذا يحدث
كانت ليلة مرعبة شخصت الابصار واصفرت الوجوه واعترتها دهشة عارمة ,وانكشفت عيوب قامات أحناها الدهر وزادها هول اللحظة انحناء, فتقوست وكأنها تبحث عن شئ ينسيها هول المصاب.
وفي الواجهة الاخرىكانت تسمع اصوات شجية, اخترقت سكون العتمة واضفت على المكان هالة من الخشوع والرهبةإنها أصوات الذكر تعالت فاشرقت وجوه بنور ربها ,واغرورقت المقل بالدموع وارتجفت الافئدة وعادت الارواح الى خالقها لتطوف حول عرشه الكريم, معلنة الادعان ومقرة بالضعف امام رب الاكوان .
رفعت اكفي في تلك اللحظة واخذت اناجي خالقي فبدت امام عيناي كل السنوات الماضية تذكرت وجه امي البرئ تذكرت هيبة ابي الحنون ,تذكرت إخوتي وأخواتي, تذكرت و تذكرت ...
فامتزجت اللذة بالالم حينها ارتقت الروح الى الاعالي وانتقلت الى عالم غير العالم كم نحن ضعفاء ـ نحن البشرـ والعجيب أن اعترافنا بالضعف هو في حد ذاته قوة .
اليست لحظة السجود هي أدنى درجات الضعف أمام ا لله وهي في الوقت ذاته أعلى درجات القرب من الله
كلما اخضعنا هذا الجسد لله سبحانه وتعالى كلما سنحت لنا الفرص الى مراتع الصفاء والنقاء الروحي.
فالجسد والروح بحران بينهما برزخ لا يبغيان وسعة هذا البرزخ هي التي تحدد قوة او ضعف الانسان
على قدر اتساع البرزخ ترقى الروح الى الاعلى .
وفي هذه الاثناء بينما انا احاول الالمام بهذه الثنائيات التي فُرضت علي بالحاح الضعف/القوة الروح/الجسد الموت/الحياة,
تعالى صياح طفل صغير أمي أمي أريد لعبتي ,فنهرته أمه وقالت ليس هذا وقت اللعب ,قلت لها هوني عليك يا اختي ضمي اليك طفلك فهو محتاج الى دفئك فعندما شعر بالخوف ولم يتحسس فيك الأمان نشده في لعبته قالت أتظنين ذلك قلت جربي وما إن ضمته حتى سكن واطمأن .
والتفتت بدوري لاتفقد إبناي فوجدت ابني يسبح باكيا ,وابنتي تتصفح القرآن فضممتهما وانهمرت عيناي بالدموع
إنهاالثالثة والربع صباحا ,حاولت الاتصال بشقيقتي لا أحد يرد يارب لطفك يا رب إنها أختي التي تؤنس وحدتي في هذه الغربة, ماذا يا ترى حل بها اتصلت باحد الجيران لا احد يرد, انتظرت قليلا تم اتصلت مرةاخرى فإذا بصوتها يرتجف بادرت بسؤالها عن اولادها وزوجها قالت الكل بخير لقد امرونا بإخلاء المنازل وانقطع التيار الكهربائى فاخذنا نبكي وكانها اخر لحظة ستجمعنا , حاولت ان اهدئ من روعها ولكن هيهات هيهات .
حوالي الساعةالرابعة قررنا العودة الى بيوتنا وسلمنا امرنا الى الله وصلينا الصبح واعتقد انها كانت اول مرة نصلي فيها صلاة مودع لأننا كنا على شفا حفرة من الوداع .
لم يغمض لنا جفن تلك الليلة قمنا بتشغيل جهاز التلفاز حيث أعلنوا على القناة الإخبارية أن الزلزال الذي ضرب المنطقة قبل ساعة ,كان على خمس درجات بمقياس ريشتر مخلفا خسائر مهولة حيث هدمت صوامع وبيع ومدارس وعدد لا يستهان به من المفقودين وأغلقت المدارس ابوابها لمدة اسبوع, فكنا كلما احسسنا بحركة ولو خفيفة انتابتنا حالة من الفزع لقد عشناأياماتمنينا ان لا تتكرر وبعدها عاد الكل الى ممارسة حياة رتيبة كسر رتابتها كابوس مرعب اسمه الزلزال.