إنفصاليّ الفكر
كانت أصوات المتظاهرين ، تملأ فضاء شوارع مدينة العيون
وانضمت إلى صفوفها أفواج كبيرة من سكان المدينة . في
ليلة من ليالي صيف شهر يونيو 2010 م ،الكل في خشوع
بترديد لشعارات تنادي بوحدة أمتنا المغربية ، ولم شمل
إخوانهم الصحراوين وبإلتحاقهم بوطنهم ، والرجوع الى أصلهم
وأهلهم وذويهم ، فمعظم المغرّرين بهم والمجبرين ،كانوا قد
استوعبوا الدرس ولم يبق لديهم أدنى شك فيما يشاع ضد
بلدهم الأم ،حينما يجدون لهم ولمن سبقوهم صدوراً حاضة
ودافئة ، أعود بحضرتكم إلى صلب القصة بعد عرض هذا المشهد
ونحن متشوقين إلى اليوم الذي سندخل في المغرب وقيل لنا
أننا سوف ندخله عبرميناء مدينة طنجة ، فبعد خروجنا من بروكسل
كان مقرراً أن نقوم بتظاهرة في إسبانيا تلك الوقفة التي رأينا فيها
الشرطة الإسبانية وكأنها لم تستوعب ماذا يحدث على أراضيها
في تلك اللحظة ، التي يرون فيها مجموعات من الرجال والنساء
يحملون لافتات وصور للملك محمد السادس ، وكلهم برداء صحراوي
نساءً ورجالاً ، فحاولوا الإقتراب منا ليمنعونا ، وكان الحوار مع
المسؤولين عسيراَ وفي الأخير ردخوا إلى أمر الواقع وكانوا يحرسوننا
كي لا نتجه إلى منطقة حساسة في شوارع المدينة وبعدما بلغنا
رسالتنا إستأنفنا الطريق نحو الهدف الذي نقصده سأختصر عليك
المسافة أيها المتلقي أغمض عينيك وافتحها ، تجدك في مدينة
العيون هل تسمع أصداء لمظاهر؟ سأهمس لك في أذنيك إنسحبت
من المظاهرة مؤقتاً لأبحث عن بطاريات لآلة التصوير، من حانوت بقالة
لازلت أسمع أصوات المتظاهرين يرددون شعارات الصحراء صحرائنا
والملك ملكنا في إحتفالية كبيرة وحاشدة وأنا أهرول وسط زحام
دروب المدينة ألف يمينا ويساراً بين المارة فقلت في نفس لابد لي
أن أعود ومعي بطاريات لآلة التصوير التي بحوزتي لأساير مراحل قافلة
السلام بالصور تلك الرحلة التي كانت تشرف عليها الأخت ; زهرة
حيدرا .التي تعجب فيها الكل نساء ورجال وكيف إستطاعت أن تنسق
وتجمع 350 شخص من أجل مساندة مشروع الحكم الذاتي في
صحرائنا من أجل الوحدة الترابية قدوة بفكرة العبقريّ المرحوم الملك
الحسن الثاني وفي لحظة وجدتني أقف أمام حانوت بقال إنه شلح
فانشرح له صدري وكان في حديث مع شخص آخر وجهه عبوس
شيئاً ما طلبت منه أن يمدني ببطاريات كي أستعمل آلة التصوير
في المناسبة القادمة وكانت القافلة على وشك أن تغادر مدينة
العيون وأخشى أن أفتقدهم في ذاك الليل والساعة تقف عقاربها
عند الساعة الثامنة مساءً وأنا مصاب بوعكة صحية بالغة لم أتحمل
طقس مدينة العيون كانت رياحها مسمومة والبحر هائج طول النهار
وفي الليل ،فكلما غادرت الحافلة كنت أشعر بتشنج في عضلات
وسائر جسمي أمشى مقوس الظهر ككهل عجوز هيأ له قبره مسبقاً
ففيكل مرة ،كنت أحمل فيها على سيارة الإسعاف إلى قسم ا
لإستعجالات و سبب مرضي هو أنني أكلت ساندويش الطورتيّا والتون
في إسبّانيا لا أدري هل ؟ بالطاء أو التاء شعرت آ ن ذاك بنفخ في بطني
فلم أعد أقدر على الأكل وحتى دخول المرحاض لا أقدر على إخراج ما
أكلته وإن أكلت شيئاً كان يخرج من حلقي كصوت بارود يخرج من جعبة
سلاح مخنوق تم ينفجر تفجيرات متقطعة أذكر ليلة قبلها الناس تأكل
وأنا أنظر إليهم كيتيم كمحروم ربما ككلب لم يحن قلب أحد عليه بأن
يرمي إليه بعظم أو بما تبقي لديه مما أكل وكان الأكل وفيراً ومتنوعاً
في تلك الأيام .إكتشفت كيف يعيش الوزراء وأصحاب السياسة أه
لو كان لي بطنين لخزنت في أحدهما ما أشتهيه ، لحظة مرضي إلى
أن أشفى ولنفست البطن المريض بخنجر ويجرج ما فسد بداخله ، فإن
كان من سيفقد حياته فيتلك الرحلة لكنت أنا أول شهيد لمرض البطن
مع قافلة السلام ففي صباح ذاك اليوم كنت ألتوي من الوجع أتمرغ فوق
ربيع الساحة أضغط بيدياليسرى على بطني إقترب مني شخص من
المسؤولين عن الرحلة قلت : له أنقذي أريد عسلا وبعد لحظات جائني
بالعسل أخذت ألعقه لعله يخفف عني ألمالجوع لقد أصبح جسمي
نحيلاً ووزني خيفاً كالطير فبعد قليل ستغادر الحافلات مدينة العيون
رغم المرض كنت أحرس على حضورالمظاهرة ففي كل مرة دخلت
المستعجلات ، عند خروجي كنت أستقل طاكسي صغير ثم ألتحق
بالمظاهرة لأردد معهم شعارات ، الصحراء صحرائنا والملك ملكنا
سرقني الحذيث مع البقال ، وهو يحكي لي عن حياتة في الصحراء
المغربية حتى نسيت نفسي معه سألته عن مدة عيشه في الصحراء
قال :لي أمضى فيها أكثر من عشرين سنة ،شرحت لهأنا كذالك بأني
قدمت من بلجيكا مع قافلة السلام من أجل مساندة مشروع الحكم
الذاتي في أقاليمنا الجنوبية ، فنظر إلي الشخص العبوس
وقال ; لي : عن أي قافلة تتحدث نحن نعاني من البطالة
والحكومة تسرق من خيراتنا ! وهو ينظر إلى البادج الذى أتوشحه
على صدري بكل سخرية وحقد دفين علي وكأني لست مواطنا
وهو له حقوق تفوق حقوقي فنظرت إليه ومسامعي أقتسمهما
معه أذن معه والثانية مع المظاهرة ، فكلما إبتعدت من فضاء أصدائها
ينتابني خوف شديد من الضياع فقلت : له إسمع : أنت : لا تعلم
ماهي ؟ معاناتنا وصبرنا بنفس طويل قبلك أنتالذي تفتح فمك فمن
أجل الصحراء نحن ضحينا قبلكم وتنازلنا عن حقوقنا من أجل رفاهيتكم
ومن أجل حبنا لهذا الوطن والصحراء جزء لايتجزأ من مغربنا قل: لي
أتذكر بالأمس كيف كانت صحرائكم التي تريدونها لوحدكم ؟ إن لم
تعرف أنا : أجاوبككانت مجرد صحراء بأكوام رمال أنظر كيف أصبحت
الآن أأنت االذي بنيتها واسثسمرت فيها كي تصبح كما هي الآن
جنة خضراء ،يا سيد : ياغافل ! إن الدولة بقيادة الملوك المتعاقبة
على المغرب هي التي أنجزت مشارعها فهذا حق لكل لجميع
المغاربة بإختلاف قبائلهم فالوطن هو جامعهم فلم يتحمل كلامي
وانصرف إلى حال سبيله فقال لي :البقال السوسي ، أيمشي
يشرب البحر، بْغَ ولاكرَهْ الصحراء صحرائنا والملك ملكنا ، أنا عندي
أكثرْ منْ عَشرين سنة هذاكْ راهْ إنْفِصاليْ ، وعادْ زايَدْها بالهَدْرَةْ
وْباشْ راهْ عايشْ خدّامْ مْعَ المخْزَنْ وْياكلْ منْ خيرو الحمد الله
والفنا هنا وما خاصْنا حْتى خيرْ ، سرقني الحذيث مع البقال
وهو يحكي لي عن حياتة في الصحراء المغربية ، نسيت نفسي
معه : سألته عن مدة عيشه في الصحراء ، قال : لي أمضى فيها
أكثر من عشرين سنة ، وبعدها ودعت البقالْ أجري وأنا أشعر بالبرد
يسكن أضلعي لا أتحمل البقاء في الخارج لم أعد أسمع أصوات ا
لمتظاهرين ، رباه قوني كي أجري مثل عويطة ، لألتحق بهم
ماذا يحذث لو كانوا ركبوا الحافلة ؟ أجري وألهت ، أنا مريض جئت
فقط لأشتري البطاريات،لأعود بسرعة إلى المظاهرة فكنت على
وشك أن أسجل حوارً معهم ، وكان المسجل بحوزتي خفت من
الإنفصالي أن يرفض ؟ وخفت كذالك من هذا الوضع الذي أنا فيه
حالياُ أنا مجنون ، يلزمني أن أكون في الفراش الأن ، آش داني
نمشط للقرع راسو ، أعباد لله فين مشاوا هادو أناري خرجت
على راسي ، أش بيني وبين شي إنفصالي وجهو غير ديال
تازمامارت ،حريرتي حريرة إلى مشات علي القافلة أنا مريض
عذروني ، هاد لكلام هو لي كيخرج من فومّي بالدارجة المغربية
كون كنت نهدر بالحسانية كون نقيت ليه ودنو عْييتْ هْهْهْهْهْهْهْ
الحمد الله الآن أسمع أصوات المتظاهرين ، أينه سائق الحافلة
قيل لي الآن سيذهبون ليتناولوا وجبة العشاء ، قلت لهم أنا لا
أقوى على البقاء في الخارج أريد أن أدخل الحافلة لاَخذ قسطاً
من الراحة ، أنا مريض وجد متعب ، دخلت الحافلة فوجدت بعضاَ
من التظاهرين والمتظاهرات ، منهم من سيبقى في الحافلة
فدخلت وأخذت مكاني ،تصبحون على خير...
مشهد من ليلة من ليالي رحلة قافلة السلام .. بروكسل لكويرة .
رحلة قافلة السلا م.. بروكسل لكويرة ..كان يوم الإنطلاقة : يوم الخميس ..
من10 يونيو إلى الأحد 28 يونيو2010م
كتبها لكم : عبدالعزيز النضْام : بروكسل يوم الإثنين 22 أبريل 2013 م