استنطاق النص القصصي

الحريك
مَراكبٌ وَرَقِيَّةٌ طَفَتْ عَلَى الطَّاولَةِ الغَارِقَةِ في كَأْسِ النَّبيذِ المَهْروقِ...
نَظَرَ إليْهَا بِبَلاهَةٍ أو بِبَداهَةٍ ورَدَّدَ: شِي نْهَارْ غَادِي نَحْرَڤْ
نَظرَتْ إليْهِ وهي تُصْلحُ هِنْدَامَها, وشَعْرَها المُبَعْثَرِ -كانَ تحْتَ رَحمةِ أصابِعِِهِ العابِثَةِ - وقالت: عنْداكْ تَحْرَڤْ سَرْوَالَكْ.

حينما ينطقنا الشعر قصصا، أو حينما يقتبسنا الشعر في القصة، فثمة إبداع جديد، يستحق القراءة والتمحيص، ويستنتج منه حسب رؤيتي أن كاتب تلك القصة قادم من عالم الشعر، ووحده الشاعر يستطيع أو يطاوعه تكسير المسافة بين الجنسين الأدبيين، قد تقولي أختي ليلى: هذا لأنك تعرفني شاعرة. لكن صدقيني فقد استنتجت ذلك من ساردك الشاعر وانزياحاته، وهذا ليس عيب في سردك بل إضافة وإغناء لنوع آخر من السراد تحتاجه القصة القصيرة في فتوحاتها وتجربيتها ومرحلة تأسيسها، التي تبقى قصيرة مثلها، مقارنة مع الرواية التي لها تاريخ طويل وتتسم بالطول على المستوى الكمي والفني والتقني..
قراءة في القصة الأولى:
إن الحريك، في القصة الأولى يمكن أن نأخذه رمزا أو آلية فنية سردية، لكن على العموم، فالقصة كانت وفية لمعجم وصور من عالم الحريك..
تمتاز هذه القصة بجملتها السردية والمدخل التي أطرت لنا الزمان والمكان ومقوماته الشكلية والروحية، مَراكبٌ وَرَقِيَّةٌ(فقرة أولى من الجملة أوقفتنا على مراكب، بعد عتبة العنوان حريك الذي كون إيحاء معين، تم أتثبتت لنا هذه الفقرة الأولى صفة هذه المراكب بصيغة الجمع أنها ورقية، أي لعبة معينة وهو إيحاء لعدة تأويلات هل فعلا مراكب ورقية أم أضيفت صفة ورقية لواهيتها وهلاميتها..) طَفَتْ عَلَى الطَّاولَةِ..(تتمة الفقرة في هذه الجملة السردية الطويلة وكأنها قصة قصيرة لوحدها، تمعن في الشرح والتفسير لتوقف المخيال التأويلي، وتخرجه من سياق استفساري إلى آخر بل من عتمة إلى عتمة أخرى، حيت تؤكد أن اللعبة لها مكان يختلف على فضاء المراكب، حيت الإشارة لفضاء الطاولة، من هنا ينزاح الـتأويل ليقول: أن المراكب الورقية، موضوع على الطاولة، بمعنى تيمة أو قد يكون شيء/لعبة).. الغَارِقَةِ (كلمة بؤرة وصادمة لها صفة الكلمة الحبكة وسط الجملة، وفق التأويل والتأويل المضاد، أي أن المراكب الورقية إن كانت واقعية، فهي الغارقة، وإن كانت رمزية ولعبة فهي كذلك غارقة، الغَارِقَةِ هي الكلمة الصادقة والصريحة في هذه الجملة.) في كَأْسِ النَّبيذِ المَهْروقِ..(للإجابة عن تساءلنا تجيبنا تتمة الجملة عن المكان والمصير في الغرق وللغرق وهو كأس النبيذ المهروق، أما أين فتلك قصة أخرى ولعبة أخرى وإنزياحات أخرى)...
ونواصل القراءة لهذا القصة التي تمتاز بجملها الشذرية، ولننتقل من الجملة السردية المدخل إلى الجملة السردية الثانية، وقبل ذلك لنتوقف عند النقط الثلاث، فما معناها في هذا السرد أو بالأحرى ما هو خطابها وموقعها بين الجملتين الشذريتين المختلفتين مبنى ومعنى، وفي نفس الوقت هما متوافقتان في البناء السردي، سنتوصل هنا أن الفضل لهذا التوافق يعود لهذه النقط الثلاث التي توقفنا لنقول وها هي المراكب الورقية مرمية على الطاولة مبللة أو غارقة في ماء معين، وفق التأويل، فما هو الحدث، من هنا تواجهنا الجملة السردية الثانية، الجملة الحدث القصصي، نَظَرَ إليْهَا بِبَلاهَةٍ أو بِبَداهَةٍ ورَدَّدَ:شِي نْهَارْ غَادِي نَحْرَڤْ، هي جملة كما يرى تهدم ما بناه التأويل وهذه هي الصفة السردية الإبداعية .أن تكون هناك الرؤية والتأويل الآخر المختلف الذي لم تصله المسارات التي سلكها التفكير والمخيال، وكما يرى فالجملة القصصية والحبكة، قدمت لنا شخصا يقوم بفعل معين في اللحظة الموصوفة، بل حتى النظرة لها تفسير تأويلي في صمتها، فقد تكون نظرة بلاهة أو بداهة، وأمعنت الجملة في ربط مفارقي بين النظرة وما تم ترديده،:شِي نْهَارْ غَادِي نَحْرَڤْ، لتنفتح نافدة أخرى مطلة على السكون القصصي للفعل المؤجل بشي النهار، وكأنه وعيد أو تهديد.. وفي الحقيقية ما هو إلى تشويق قصصي..

وننتقل للجملة القفلة كما يقول الموسيقيون، ونتعرف على المخاطب من طرف الشخصية القصصية والتي من الملاحظ أنها خارج الـتأويل من الحريك، وسردها واقع وواقعي، نَظرَتْ إليْهِ وهي تُصْلحُ هِنْدَامَها, وشَعْرَها المُبَعْثَرِ -كانَ تحْتَ رَحمةِ أصابِعِِهِ العابِثَةِ - وقالت: عنْداكْ تَحْرَڤْسَرْوَالَكْ...لتجمع القصة شمل سردها وتهدم عالمها وعالمنا و تختار الواقع..

شكرا لك أستاذ أحمد على استنطاق النص القصصي

شكرا أستاذ طنيش على هذا البهاء
تحيتي
أخوك حميد يوسفي

أخي أحمد شكرا لك على تميزك
تحياتي

أصدقائي شكرا لكم وتحية لوجودكم هنا

تحليل موفق على تفكيك النص و اعادة موضعته وفق سياق تاويلي كاشف للدلالة الاستتيقية
رائع

» إعلان عن اللقاء القصصي بمدينة تيفلت
» نادي الهامش القصصي يحتفي بتجربة أحمد بوزفور
» لمن هذا النص..؟
» لمن هذا النص؟
» لمن هذا النص؟