نشاز العلامة في معرض جمعية أركان للفنون التشكيلية

نظمت جمعية أركان للفنون التشكيلية بمنتدى الثقافات (كاتدرائية القلب المقدس سابقا) بمدينة الدارالبيضاء يوم الجمعة 19 شتنبر 2008 معرضا لمجموعة من الفنانين التشكيليين المغاربة بعنوان " العلامة المقدسة في الفنون التشكيلية " . وقد تميز المعرض بحملة إعلامية واسعة وحضور مكثف للفنانين المشاركين وغير المشاركين في المعرض ، رغبة في الكشف عما تختزنه الأعمال المعروضة من طاقات تعبيرية تسبر توظيف العلامة كمكون أساس في عملية بناء اللوحة . إلا أن الملاحظ من خلال جل الأعمال المعروضة كانت العلامة مجرد خطوط مبعثرة تشوش على المتلقي وغير ذات معنى ولا ما يدل على قدسيتها ..مما جعلها نشازا ولصقا تعسفيا لا تولد أي رؤية تعبيرية ،وكان الاستغناء عنها أفضل من إقحامها في اللوحات عنوة. وهذا راجع بالأساس إلى إقحام مجموعة من الفنانين لا يشتغلون أصلا على العلامة. كما أن لوحاتهم سواء بحضور العلامة أو غيابها ينعدم فيها أي بحث جمالي ، ولن تجد فرقا بين ما أنجزوه طيلة اقتحامهم لميدان الفن التشكيلي، كل اللوحات متشابهة ولا فرق إلا في بعض التفاصيل بدعوى وحدة الأسلوب.وهذه الضبابية في الرؤية وعدم الوضوح إضافة إلى غياب البحث الجمالي من الأسباب التي دفعت الكثير من الفنانين إلى التذمر من الأعمال المعروضة ومن بينهم بعض الفنانين المشاركين .

ولم يشكل هذا المعرض أية إضافة إلى الفنون التشكيلية المغربية التي أصبح واقعها يطرح أكثر من علامة استفهام حول الطريقة التي يتم بها تنظيم المعارض والفنانين المشاركين فيها.. وما المعايير التي يتم الاعتماد عليها في الانتقاء خاصة في ما يتعلق بالمعارض الجماعية . وما هذا المعرض إلا حلقة من مجموع الحلقات التي تكشف لنا عن سلسة من الأسئلة التي تتناسل دون أن يجد لها الكثيرون أجوبة شافية أو مقنعة، أو أنهم يعرفون بالتأكيد الأجوبة ، ويكتفون بمشاهدة واقع يجتر مرارته فنانون يعانون التهميش والإقصاء ..ويضربون على أنفسهم جدارا من الصمت الرهيب يساهم في بنائه أشباه النقاد الذين جعلوا من الكتابة في الفن التشكيلي وسيلة للاسترزاق، وتدمير القيم النبيلة التي بنيت عليها الحضارة الإنسانية . هذه القيم هي التي ساهمت فقط في إنجاب عباقرة من الفنانين لا زالت أعمالهم شاهدة على عظمتهم وعظمة كل من ساعدهم على إبراز مواهبهم وقدراتهم على الخلق والإبداع.

ولا بد أن ننوه ببعض الفنانين الذين وظفوا العلامة بشكل جيد وبالتالي خدمت البناء الكلي للعمل الفني ونذكر على سبيل المثال الفنان عبد الرحمن بنانة الذي اشتغل منذ عدة سنوات على العلامة والأثر لاستكناه قيمها التعبيرية والجمالية ، والفنان عبد الله الحريري الذي لا تخلو أعماله الأخيرة من علامات تحيل إلى الجذور، إضافة إلى الفنان محمد نبيلي الذي يغوص في العلامة ويجعلها من صميم أعماله الفنية .. وكذلك خطوط الفنان الشاب خالد بيي التي جعلت العلامة عبر انسيابية خطوط عربية تتوحد وتتكامل مع محيطها في نورانية و انسيابية يتساوق فيها الجمال والتعبير.والفنان عيسى يكن و أعمال محمد زوزاف.
ورغم ما سجلناه من ملاحظات حول ضعف توظيف العلامة في المعرض ، فإننا نشيد بحسن التنظيم وما صاحب عرض اللوحات من ندوات وأمسيات شعرية وموسيقية ، وكذلك تكريم الفنان الكبير عبدالله الحريري يوم الجمعة 10 أكتوبر ، والذي يستحق أكثر من تكريم نظرا لمسيرته الفنية الحافلة بالبذل والعطاء.
----------------------------------------
* محمد سعود (ناقد فني وفنان تشكيلي )

أشكرك أحي حميد بركي على هذا الرد. ونحن لا نقوم إلا بالواجب بعيدا عن المحاباة والمجاملات التي لن تسهم أبدا في تطور الفن التشكيلي في المغرب. وبردودكم نستنير ونستبين وضوح الطريق . والف شكر أحي حميد.

شكرا للأستاذ جمال السيد والاستاذة اسماء محمد على رديهما . وبجميع الردود أشق طريقي لأنها سند لي في البوح عن المسكوت عنه في الفن التشكيلي .وإن كان بعض الفنانين حذرني من نشر مثل هذه المقالات لانها ستجلب لي لعداوة ، فاني صممت على السير قدما دون ان أابه بما سيحدث .لأن ما سيحدث قد حدث.

الى الاستاذ حمدي يوسف
اشكرك اخي على الرد الذي اثلج صدري وكذلك الردود الأخرى .
مع خالص المحبة والتقدير