جسد ادريس امغار مسناوي
قراءة في حرف الالف
الوقفة الأولى
بين حرف الالف و حرف الدال ،يتراءى الجسد بكل تداعياته الانفعالية موشوما بهوس و قلق السؤال،تحضر الاسئلة بكل حمولتها المقلقة ،قلق الكتابة و قلق البحث عن اجوبة لتلك الكتابة المتسائلة ،جسد مقسم في صورة تشريحية لأعضائه ،كل عضو له تركيبته الخاصة ،و التركيب هنا املته حكمة المتخيل و المفكر فيه .انها الأنا الشعرية بمرجعية مخيلتها الفكرية المشبعة بفلسفة الكينونة و الخلق و الوجود ،ثم بتركيبتها النفسية التي وعت و استوعبت وجودها كجسد ينفعل إيجابا مع محيط أناه ،بل يتجاوز حدود انفعالاته الحسية و الظاهرية كي يلامس انفعال ما وراء هذا الجسد .انها لحظة تأمل ادراكية و واعية للجسد بوصفه بنية نسقية تجسدها مقولة أن الجسد عقل يفكر و قلب يتفاعل و يحس .و من هذا المنطلق يمكن اعتبار الكتابة في ديوان "ال جسد" كتابة معقلنة و مفكرة ،كما انها كتابة إحساس انفعالي ،و ما بين العقلانية و الانفعالية يتموقع الجسد ككتابة واعية بلحظة كتابتها ،انها لحظة الحكمة بمفهومها الفلسفي ،كما أنها لحظة انطواء النفس على نفسها و وثوقها الى محاولة الاستيلاء على مساحتها النفسية .
إن الجسد في "ال جسد " كديوان زجلي لكاتبه ادريس امغار المسناوي ارتقى بمستوى السؤال عن ماهية الجسد من ثنائية المادة و الروح إلى ثنائية ما وراء المادة و ما وراء الروح، فقد أورد في مستهل اطروحته الزجل– فلسفية ،او فلسفة الزجل محطوطه رقم 1
و قد استعار الكلمة من اصلها الاول أي المخطوط مادام الحديث هنا عن التاريخ في علاقته بجسد الانسان الذي يشبهه بالبراد مقسما في صورته او تركيبته الى قاع و راس الى انثى و ذكر، ثم الصفة أو الوصف :عامر |خاوي ،و جسد الانسان من حيث تقسيمه الجنسي فهو ذكر و أنثى ،فعن أي تاريخ نتحدث هنا ؟هل نتحدث عن مفهوم الجسد في التاريخ ؟ عن الجسد الفاعل |عامر في هذا التاريخ ؟ عن الجسد التابع للفعل |خاوي ثم باستعماله لكلمة "يشويني" هل كان يعيب على التاريخ، باعتباره رصدا و تدوينا لحركية الجسد في خلق و صناعة التاريخ ،يعيب عليه عدم الارتقاء بالجسد الى مستوى السمو و القدسية بوصفه الفاعل الاول و الاخير في صناعة دينامية و حركية الأحداث التاريخية ؟
ألف
لام
حي
خارج م الحي
يتعرى ف حوض لحلام
أو يتعرى ف بحر لوهام ؟
سؤال مخطوط اوشام
ف جبين الذاكره على الدوام
ان الجسد حي و لا يمكن ان يخرج الا من جسد حي و خروج الحي من الحي تفرزه حركية التناغم "نغمة فانغام"،بمعنى ان قانون الخلق و مفهوم الحياة أي حياة الجسد تقتضي وجودا مسبقا لجسد حي ،و الحي في علاقته المتناغمة أي التلاقحية بالحي الآخر تعطي استمرارية الجسد في الحياة و الوجود ،لكن مفهوم الجسد هنا في علاقته بالحياة باعتبارها سلوكا و نهجا بين الانفعال و الفعل مع محيطه العام، يمر عبر الاجابة عن سؤال اختياري ما بين نهجين مختلفين للجسد الحي ،فإما الأحلام أو الأوهام ،فالجسد الحي اما ان يعانق "حوض لحلام" عاريا أو يرتمي في "بحر لوهام "عاريا كذلك ،لكن لماذا جاء الاختيار الثاني استفهامي ؟ ثم لماذا ربطت الأنا الشاعرة الاحلام بالحوض و الاوهام بالبحر ؟ ثم لماذا جعل من العري نهج و سلوك مشترك ما بين الاختيارين ؟
لقد جاء الاختيار ما بين" لحلام" و" لوهام" بصيغة سؤال موشوم على سطح الذاكرة ،انه السؤال الخالد الذي يصاحب الجسد الحي و يرتبط به ارتباطا و جوديا، ذلك ان الحلم هو تفاعل إيجابي للجسد نحو محيطه، أما "لوهام" فإنه تفاعل سلبي للجسد ،و الجسد الحالم ليس هو الجسد الواهم، و لهذا السبب جاء الاختيار الثاني بصيغة استفهامية ، فالسؤال الجوهري هنا ممكن ان نعيد صياغته على الشكل التالي :كيف لجسد حي يخرج من جسد حي بطريقة متناغمة و بديعة يقصي الأحلام و يحتضن الأوهام ؟
سي ادريس امغار مسناوي ،أيها الأب الإستيهامي، كانت هذه مجرد وقفة أولى على الجسد الذي رسمته شعرا و فكرا ،و قد قطعت العهد على نفسي أن أسافر معك عبر هذا التقطيع الزجلي و الفكري للجسد ،و ذلك من خلال كتابة سلسلة من القراءات ارتأيت ان انشرها اتباعا هنا في الجامعة أولا ،و أتمنى، و التمني رجاء المستضعفين،ان أنشرها في كتيب ان شاء الله .سأستعير جملة من اخي و صديقي احميدة بلبالي كي أقول اني لا ادعي الأستاذية ،مازلت في بداية طريقي ، مازلت في حاجة لمن يعلمني أبجديات الكتابة .
لست ناقدا و صرح النقد شامخ بالمقارنة مع قصر قامتي الفكرية و المعرفية ،اني عاشق للزجل أقرأه بقلبي قبل لساني ،و أتمنى ان تكون قراءتي في مستوى شموخ قلمك .
مودتي و احترامي