سوالف لقصيدة و عمش الكتبة .إلى الشاعر الجميل عبد الحميد شوقي

الرائع
علي مفتاح
ابهرتني وأنت ترد على الشاعر الصديق عبد الحميد شوقي بقدرتك الفائقة على تحديد شخصية مجالسك انطلاقا من قراءة ملامحه، وهذه سمة أخرى أكتشفك فيها، وتأكد أننا أمام انسان جميل وعميق فكرا ولطافة.
النص الذي نسجته أثار في أسئلة كثيرة لازلت ألملم شظايا تفكيكها وسأعود إن تمكنت من الوقوف عليها وقد عنونتها : القصيدة/البيان أو بيان الكتابة عند علي مفتاح.
لازلت غارقا في ثناياها، وألتمس أجنحة لمجاراتك في التحليق بنا عبر رؤية الكتابة ورؤية المبدع لها.
أخي علي مفتاح تذكرني بالفتى السوفياتي سابقا سيرجي بوبكا وهو يحلق بزناه بعيدا ، فكم يلزمنا من محاولة لمجاراتك في التحليق في ميدان افبداع؟ نقدا وكتابة؟

علي مفتاح: سوالف لقصيدة وعمش الكتبة
القصيدة /البيان
الشاعر العميق علي مفتاح يطل علينا عبر إهداءه هذا بقصيدة تستحق أكثر من وقفة. فهي ترحل بنا عبر حوارية جميلة بين الأنا /الشاعر والكتابة/القصيدة في ثنايا أسئلتها سأتناول بعدا واحدا ،فقط في انتظار أن يتناول آخرون أبعادها المتعددة، والذي عنونه ب :"الكتبة" واختار أن يكلم القصيدة لتبوح له بمكنونها وتخاطبه لتدافع عن نفسها في بيان أرسله المبدع على لسانها.
فماذا قالت القصيدة أخي علي؟ وما هي فحوى الإرسالية؟
"بينك و بين الكتبة شعاب و كدا": أي أن الكتابة نشاط ذهني يتطلب البحث المضني والجهد والسفر في شعاب الكلمة وفي صعود جبال المعنى ولا تنال بسهولة. واستسهالها سيبين ضعف الكاتب خصوصا ،"تشوفني حايط قصير ، ترزم حروف فهامتك على ظهرك" الكتابة ولادة بكل آلام الولادة بأوجاعها وفرحة الأمومة ساعة الخلاص هي قلق دائم ومعاناة، سؤال أكثر منه جواب "نكون لك كتبة حلال خلي حرفي يخرج من صلبك في صفة سؤال" الكتابة تأمل وتفكير مبني على مكتسبات و تراكمات القراءة وتطوير لما كتب سابقا من طرف مبدعين آخرين وهذا يذكرنا بالذي أٍراد أن يكتب شعرا فطلب منه أن يحفظ ألف بيت ولما أتى مسرورا وهو يحفظها طلب منه أن ينساها ثم يبدأ الكتابة وسيتمكن أكيد . " تأمل و سيح و إلا جيتيني تحبو تابع خطوة لي كتبوا ...راك تكتبني تكتبني" .
الكتابة عند مبدعها( أو هكذا قال على لسانها) كائن حي تتفاعل مع الكاتب تنحو به في اتجاهات لم تكن بباله ، لا تقدم معنى جاهز للقارئ ، تبحث عن متفاعل معا عبر صورها وعبر مشاركتها في إنتاج المعنى
"فين الصورة لي بها رسموني ؟ و فين لقراية لي بها فهموني ؟ لقصيدة ذات ، لقصيدة بدن لقصيدة لحم و دم"
القصيدة أحلام حقيقية تأتينا متى تشاء ولا نذهب إليها أي لا نتصنع الأحلام بل نعيشها هكذا هي أحلام المبدع حقيقة شعورية إحساس داخلي " خليها تجيك ما تجي لها"
الكتابة تعرية للذات من أجل إظهارها على حقيقتها من أجل تبديد مخاوفها
" ،خلي الكتبة تعري جوف نفسك" هي رحيل بين متاهة العقل واللاعقل ، هي رحلة بين الواقع والخيالن تتيح المغامرة خارج قواعد المنطق والعقل ، تتوغل في المستقبل والمستقبل حمق حمق في حد ذاته. في تجاوز كل الخطوط وكل الألوان . الكتابة ضد الموت ضد العدم ن شهادة حية على الدوام . لولى القصيدة ما كان امتنبي حيا يرزق بيننا بعد قرون" لقصيدة حياة تشوف الموت حكمة ...إلا مشيتي و خداك الموت ،توقف لقصيدة على قبرك... تهبش بقيمة حروفها التراب، و تكعد وسادك"
الكتابة شهادة في التاريخ وللتاريخ والتاريخ لا يشيخ (تعبير رائع عزيزي مفتاح)" و التاريخ تاريخ ما ينسى ما يشيخ... يتفكرك الحرف و مع ضو الصباح، ينزل كلامك ندى نسيم و ريح ،"
القصيدة على لسان صاحبها تحذر المبدع من مغبة الوهم على أنه وصل مراتب عليا هي تعتبره دائما في البداية ولن يصل القصيدة المثلى أبدا لأن أجمل القصائد هي التي لم تكتب بعد ولن تكتب أبدا هي أفق نصبو إليه سراب ما نكاد نصله حتى يتجلى بعيدا في المدى.
" راه لي يقول: "وصلت للقصيدة زينة لقصايد" عمى ف عينين الكتبة... يتوهم، ضرير"
القصيدة تأتي قلقا، أسئلة حرى. هي الزاد والطاقة التي توصلنا لشط البحر والجواب في أعمق هذا الحراك والانفعال والتفاعل " الموج سؤال فاعل منفعل، و ف أعماقه ساكن جوابك .عوم بحرك عرض و طول" القصيدة في النهاية "مطفية" أي مكان لتجميع الماء زمن هطوله وتخزينه للجفاف "لامة لخيال و لفكار" على أساس أن يكون الخيال والفكر في تصالح مع الذاتن يعبر عن همومها وهواجسها " لقصيدة مطفية لامَّة لخيال و لفكار ...و سعداتك يا لي مصالح مع لغته ، يشوف فيها صورة اميمته"
العزيز علي مفتااااااح الفتى الطائر سيرجي بوبكا كم يلزمني من تمرين لأجاريك في تحليقك، في شطحاتك في هذا الذي يجعل من الكلمة مذاق المعنى
لك مودتي.... .