قراء في مجموعة "نوافذ عاشقة"
(كتاب جماعي)
في البداية تجب الإشارة إلى أن اختيار المجموعة قيد القراءة كان لسبب طبيعة نشرها والأهداف المرجوة من خلالها، وليس لقيمتها الأدبية، بل بالعكس بالنظر للمشكل الذي قد تطرحه مثل هذه الإسهامات في السوق الأدبي ولدى قارئ ومتذوق الإبداع وخاصة الشعر منه. فالمسالة إذن مرتبطة بالرغبة في توضيح إشكالية نشر نصوص على أساس أنها جنس أدبي معين (شعر مثلا) في حين أنها ليست كذلك. لأن السؤال الذي صار يؤرق الجميع الآن هو: هل كل ما ينشر يعتبر بالفعل أدبا؟ والى أي حد يحترم الكتاب شرط الجودة في انتاجاتهم الأدبية احتراما وتقديرا للقارئ وللجنس الإبداعي الذي يكتبون فيه. خصوصا في وقت تراجعت فيه نسبة القراءة. إذن لا بد من اعتبار القارئ كي نستعيد مستوى القراءة على سابق عهده.
في هذه القراءة سيتم التركيز على الإجابة عن مثل هذه الأسئلة لأن لها علاقة كبيرة بهذه المجموعة من النصوص كما سيتضح.
فقرة أولى: الفكرة
لا جدال في أن فكرة نشر نصوص "كُتَّاب" في مجموعة واحدة، تبدو فكرة سديدة، عموما. لذلك لا بد من القول بأن ما قامت به جامعة المبدعين المغاربة، بنشر كتاب جماعي، هي فكرة سديدة أيضا، بشكل خاص. ليست أولى التجارب ولا آخرها. لكن يبدو بأن الطريقة التي تمت بها تبقى رائدة وفريدة وشجاعة جدا. خصوصا أن من بين المساهمين من ينشر لأول مرة كتاباته ضمن كتاب. وخصوصا أن منهم من اكتشف نفسه حقا لأول مرة. وخصوصا أن أمورا كثيرة كانت تبْعِدُ البعض عن النشر. لذلك، ففي هذه العملية خير كثير على المستفيدين منها. العملية حلت مشكلا ماديا وتقنيا، للكتابة، وما يرتبط بها من قراءة وتسويق. ألفت بين محتويات أدبية متنوعة، وأتاحت ظهور فئة "كتاب" أغلبهم ذوي احتياجات أدبية خاصة. للمسألة تصورات ومبررات، مقرونة بمجهود مبذول لإنجاح الفكرة ككل، في إطارها الأدبي والثقافي.
خطة نشر نصوص قليلة " لكُتَّاب" في كتاب.
بهدف المساعدة والتوجيه والتنويع والإغناء والتأطير.
تجربة نشر تحترم، في سياق ذاتي.
والسياق العام يقتضي ضرورة احترام أدبيات الأدب.
ولأن مثل هذه التجارب يتخرج منها "كتاب فعليون"، غالبا، لابد من مساندتها، لتطور نفسها، ولتستمر، ولتثمر في الإنتاج. ولابد من قبولها فاعلا أدبيا.
فقرة ثانية: أرقامالعنوان: نوافذ عاشقة
- الحجم: 97 صفحة.
- النصوص: 53 - المساهمون: 10 - صفحات كل مشارك: 09 تقريبا.
- عدد نصوص مساهمة كل مشارك غير محددة. تزيد أو تنقص عن غيره.
- العبرة بعدد الصفحات المخصصة لكل مشارك، وليس بعدد النصوص.
فقرة ثالثة: العنوانعنوان"نوافذ عاشقة" ليس عنوانا لأي نص. ربما يبدو ذلك طبيعيا، لأن المجموعة تضم عدة أسماء، ولا يمكن لعنوان نص فلان أن يمثل كل النصوص، بما فيها نصوص غيره. لقد تم التعبير عن الفكرة بصيغة أدبية جميلة، تتضمن حمولات شعرية. لكنها صيغة مفتوحة على الإطلاق. لا حدود لها. مما يجعلها تفقد المضمون. كلمة " نوافذ" مطلقة. فكل الأفكار والأشياء بمثابة نوافذ. تم هذه النوافذ، نوافذ ماذا؟. وكلمة "عاشقة" مطلقة أيضا. فالعشق لا حدود له. ثم هذا العشق، عشق ماذا ولمن؟. كلمتان لا حدود لهما، قد تشكلان جمالا معينا، وقد تحققان تعدد القراءات، لكن في نهاية المطاف تفرغ وتتجمد وتتقلص إلى مجرد حروف وأصوات وتراكيب. كان من الممكن أن تكون واحدة مطلقة والأخرى محددة، وبذلك يتم تجنب السقوط في المطلق المطلق، الذي يصير في نهاية المطاف بدون معنى. لا يشكل ذلك غموضا، أو حالة شعرية مستعصية، أو نهلا من قواميس استثنائية ... الخ لحصول الشعر، بل، الغلو في هذا المنحى فخ يعيدك للبداية، البداية بالصفر. المعنى البسيط للعنوان هو أن المجموعة بمثابة نوافذ. لكل مساهم نافذته الخاصة، هي مجموع نصوصه، يطل منها على العشق، عشقه هو، كما يراه، وكيفما أراد التعبير عنه. والتأويل السطحي هو أن ذلك ما حدث داخل المجموعة بالفعل. لأن المجموعة ككل هي مجموعة كتابات عاشقة، لكون مجمل نصوصها تتناول عشقا ما بطريقة ما. إلى هذا الحد العنوان ناجح. لكن كلما تم البحث فيه عن عمق كلما ظهر فشله.
فقرة رابعة: النصوص"نوافذ عاشقة" مجموعة نصوص لعدة "كُتَّاب".
الفكرة جيدة.
لكن هل تم إنتاج وتقديم المجموعة بنفس المستوى لتكون جيدة أيضا؟
من خلال قراءة متأنية ومحايدة تبدو جل نصوص مجموعة "نوافذ عاشقة" مجرد كتابات سائرة في طريق "نمو شعري" خاص بصاحبه. يجب تصنيف تلك النصوص، إذن، خواطر، (بنسبة 90%)، بها محطات شعرية قليلة جدا، (بنسبة 10(%، وبها جمل أو مقاطع شعرية اندرجت انفلاتا في الخاطرة (بنسب متفاوتة بين النصوص).
المساهمون في المجموعة جلهم "كتاب" لا زالوا في بداياتهم الأولى، يتلمسون سبل كتابة قصائد شعرية. وفعل البداية، ليست له علاقة بالزمن أو العمر، بل بمستوى ومكانة النص الأدبي الذاتية. لذلك، القراءة والتناول النقدي، الصرف، صعب هنا، لصعوبة تحمل النصوص للأمر. إسناد القول، معنى ومبنى النصوص. فالعمق الأدبي المفترض مفقود. تسود، عوضه، أمور بسيطة وسطحية، تهم بناء النص، غالبا، لتحديد جنسه، شعرا أم غير الشعر. فقرات النصوص نفسها لا يتم تذوق الإبداع الشعري فيها إلا ناذرا، بما يجب أن تتضمنه من عناصر أساسية، كالصورة والإيقاع والبعد الفلسفي أو المرجعي لكل توظيف، ومدى إمكانية تحقيق نوع معين من متع الكتابة. علما بأن للخاطرة متعة أدبية في حدود مكانتها وإمكانياتها، باعتبارها "جنسا أدبيا" بسيطا، يؤهل لأجناس أكثر قيمة وفنية.
يعني أن المجموعة ليست بالشعر، ولا تخلو من الشعر. لأنها مجموعة خواطر، تتضمن نصوصا ومقاطعا شعرية، قليلة جدا. الشعرية تتفرق في النص الواحد على جمل وتراكيب متباعدة، لتصير لحظات الحياة الشعرية متقطعة ومتناثرة، حيث تسود مجرد ممارسة الكتابة، بدون شعر، على باقي النص، في أي شكل أو معنى لا يهم. لأن هؤلاء "الكتاب"، بصيغة الأنثى والمذكر، يجربون الكتابة باستمرار، مركزين على تسريب اللغة كوعاء، ليس إلا، لاكتساب تقنية وقاموس انجاز الشعر مستقبلا، وفق سؤال القصيدة الشعرية، على الأقل، دون أن نقحم أفكارا من قبيل التنظير للقصيدة.
القول بأن أغلب هذه النصوص خواطر، نستدل عليه بالمقاطع التالية:................
وانفصلنا../ نبع الدمع من كل نبض/ يا/ ضمادات الصبر/ تهنا../ هذا الوطن ما اتسع لأحزاننا/ وحدتنا موطن/ ظلام / زمهرير/ جوع/ جراح/ كل ما في حقائبنا
................
البسمة تهالكت/ يا/ وجه الزمن/ المتغضن/ يا/ أسطورة/ تحكي الفرح/ لأصابعي
في شرنقة البياض/ أغازل الوهم/ المشاغب
................
يسرد صهوته / يريق عتم الروح / يمنحنا /كفه المضيء/ نعتلي أرقّ المسافات / مثل ومض حالم نسري/ يشبه غيمة
................
نظرة/ فابتسامة/ فميعاد../ كم وددت/ لـو كان نصيبي/ هـذه المتسلسله الخالدة/ لو تكمل الخطو معي
..................
حاولت أن أنزل إليك/ حاولت أن أصعدك إلي/ حاولت أن أكون ذلك الظل/ الذي يعانق خيالك/ حاولت أن أكون/ المظلة التي تقيك/ حرارة الوجوه
.................
بعد دقائق سألتقيك/ بعد لحظات/ سيهل طيفك على طيفي/ فينعش القاحل في/ ويحيي الميت في
................
عيناك الزرقاوان/ مشروع قصيدة/ بلا كلام ولا عنوان/ عيناك الزرقاوان/ حالة استثناء/ كالكسوف أو البركان
................
بيت من عراء/ على رصيف الأيام/ نوافذ مشرعة/ في وجود الكلام
................
كل ما أودعته/ من أعضاء/ أعضاء حبي/ أعضاء تناغمي/ تركته هنا/ في زاوية الذكرى/ ثم انغمست/ في لحد النسيان
................
أعانقها/ تعانقني/ وبيننا حب قدسي بنا يرحل/ إلى ما يجب أن نكون عليه / حين نلتحم في دم الكلام
الأمثلة كثيرة لتأكيد الكلام السابق.
فقرة خامسة: تصنيف النصوص وتبيان عددها.1- نصوص بمثابة خواطر:
- رشيدة فقري:أجمل ما فيك عيناك/تأبين الشمس/وانفصلنا/وهم يرفض الغياب/أتأمل أصابعي.....(5 من 6)
- أمارير محجوبة: قلق ..............................................................(1 من 3)
- حياة بلغربي: أوراق الرماد .........................................................(1 من 6)
- عمر الصديقي: عيناك الزرقاوان .....................................................(1 من 8)
- احميدة بلبالي: طيف البوح/ربيع الصباح/أديم أقدامي/لقطة/سفر/عباد الشمس ................(6 من 6)
- حميد يوسفي: المكان/ منفى/ لا شيء.................................................(3 من8)
- الميلودي العياشي: مسالك التيه/ ذروة التعبد/ أرحل ....................................(3 من 3)
- مصطفى لهروب: ثلاثية مبتورة/ حاولت/ دقائق قبل اللقاء/ ذاكرة/ ذكريات/ كذب...........(6 من 6)
- محمد البلبال بوغنيم: إليك أمي/ الكمان التي أدمجت حزني...............................(2 من 2)
المجموع: (28 ) خاطرة. منها نصوص دون تصنيف. الباقي (25) |
نماذج عيناك...
أجمل ما فيك عيناك ( رشيدة فقري)
ديوان شعر
سمفونية عشق..
هرب مني
المكان والزمان
تساقط الليل
موسيقى..
وتهاوت
ملايين النجمات
تشظيت
بين يديه
جزيئات
جزيئات...
العق الدفء
المنسكب من راحتيه
امتلات به
امتلا بي
امتلانا ببعض
وانصهرنا
في خيط من شعاع
..............................................
قلق (أمارير محجوبة)
إمضِ بي
بَعيداً
قَلَقي بِالمَسَاء الحَزين
يِزُفني لِلْمدى
حُلْمٌ غامِضٌ
يَتعقبني سَراب
يَحْتل أضْلُعي
يُشَيّعني بلا هَمْسْ
آهٍ...
أيُّها النَّجْمْ
تَحْتاجكَ خطواتي
شَرِهٌ ذهْني
َقلقٌ
أَلَمٌ
هُوّةٌ بِحُزْني .!
رَهينَةٌ أن
للضوْء الكَسيح
أَغْرِسُهُ بِثوْبي الأبْيضْ
لِرِفاقي
ِلِزفافِ الحُزْن
أَلْعَقُ رذاذي
أَمْلاح مِنْ زَمَن غَريب
تَجِفُّ فُصولي
أَمْتطي الرّيح
عَلى سجية الخرافة
أسوقُ عثراتي
يتسللُ النسيانْ
لِأَهدابي
أَتَعَثَّر
أَتَعَثَّرُ
أُمَدِّد قامتي مآذن للرّيحْ
تتشظى مَلامحي
أَعود حافِيَةْ!؟
..............................................
أوراق من رماد (حياة بلغربي)
شاردا
باردا
هاربا من نفسك
تخيط الدروب
وتعود في المساء وحيدا
مثقلا باللاجدوى
تغزل ما تبقّى من الحنين
شبح الذكرى صار عادة
والسيجارة التي تتكرر في فمك
تستغفلك وتحيلك رمادا
ثم تبتسم
لاتضيق
جدول الأحزان
متّسع للطحالب التي
تنمو على غدران الشرود
وأنت السجّان والسجين.
نهرا متدفّقا بالعشق
بسطت يدي
وعرضت مسبحتي
على خطوك الضائع
لكن الليل رأى ما لم نكن نراه
والحمامة التي أودعتها صدري
ضلت الطريق
والفجر الموعود لم يستبن.
أنت كنت باكيا في ركنك المعهود
تنضو ثوب الندم الغافل
وتعدّ أسماء نسائك
من أول وردة لأخر شوكة
ساخرا
تمجّ حموضة العمر
وتتوحّد في كأس معلنا ضعفك.
وأنا...
في كل مساء
والكائنات هامدة
يتعبني هذا الخافق المعذور
أنا
والحلم النعور
نتوحد
نتمرّد
ألم تر شعاعا
من الزّجاج
نافذا
كالحقيقة.
..............................................
ثلاثية مبتورة (مصطفى لهروب)
نظرة
فابتسامة
فميعاد..
كم وددت
لـو كان نصيبي
هـذه المتسلسله الخالدة
لو تكمل الخطو معي..
نظرة
من عينيها
كنت بها
لها..
ابتسامة
من شفيتها
سهام
رمتني بها
كنت
عند قدميها
أما ميعادها
فكانت
الشمس
أقرب إلي
من لقائها
......................................
2- نصوص تنفصل عن الخاطرة وتحقق شعرية متواضعة:
النصوص التي تضمنت قدرا معينا من الشعر، في تقديري، حققت نسبة 26.%
يمكن تحديدها كما يلي.
- رشيدة فقري: باريس ...............................................................(1 من 6)
- أمارير محجوبة: ممرات أبدية للضوء.................................................(1 من 3)
- محمد السقاف: جرحك أدماني/ فديت من عينها تبكي/ قاتلة الغرام..........................(3 من 5)
- حياة بلغربي: بوصلة ..............................................................(1 من 6)
- عمر الصديقي: فراشة متأخرة/نوبات جنوني/غريبة أنت/تمام الكمال/بدون حب..............(5 من 8)
- حميد يوسفي: ما بين هشاشتين/ محاكاة/ توحد إلى أنثى المسافات.........................(3 من 8)
المجموع: [14 ((من25) + 28) = 53. الباقي ( 11 ) |
نماذج
جُـرحُـكِ أدمَـانِي (محمد السقاف)
حبيبتي منكِ هذا الجَرحُ أدماني
سالتْ شِعابِيَّ منْ جرْحي وودْياني
حبيبتي! هَـلْ سَبيلٌ تَرْحَمينَ بهِ!
وتحفَظينَ وداديْ دونَ هجْـراني!
حـالي لهَا شـاهدٌ بَدْرٌ وأنْجُمهُ
فقَدْتُ راحَـةَ وجْداني وأجْفاني
وهذهِ الورْدةُ الصَّـفْراءُ أُرْسِلُها
هَـديَّة ً لوّنَتْها بعْضُ أشْـجاني
هذي الصُّديفاتُ منْ بحْرٍ مُلوحتها
قدْ فاقت المَلْحَ إذْ جرّعت أعْياني
هُـنا طُيـورٌ بِلا لحْـنٍ تُرَدّدُهُ
وحينَ كُنتِ! مَلا التَّغْريدُ بُسْتاني
هُـنا ظبـاءٌ منَ الأرْيامِ جافِلة
لهـا المَراتِعَ منْ ودِّيْ وتحْناني
وهذهِ سَـبْعةُ الألوانِ منْ قزَحٍ
أرى الضَّبابَ بها إذْ "أنتِ" ألواني
ماذا تُريدينَ منْ وصْفٍ أُسَطّرُهُ!
لفظاً ومعنىً عظيمَ القَدْرِ والشَّانِ!!
إنْ كانَ هذا الذي تبغينَ فاتِنَتي!
هذي الدواوينُ، هلْ في ذاكَ نسْياني؟
متى خَـلاصِيَ منْ ظلْمٍ وقسْـوَتِهِ
يا "رقَّةً " ما مَضَتْ في أيِّ أزْمانِ
( حبيبتي أنْتِ ) ما عِشْـنا أُرَدِّدُها
أبقى أحبّكِ.. منْ ذا عنكِ ينْهاني!
..............................................
فراشة متأخرة (عمر الصديقي)
لماذا جاء حبك متأخرا
لماذا استيقظت حواسك
لتعلن عن حب غير منتظر
لماذا تجمدت أجراسك
ثم ذابت في حب محتمل
لماذا تطلبين
بطاقة الإقامة على صدري
فلمن هذا العطر؟
ولماذا كل هذه الورود؟
بعدما رحل الربيع
وانقطع الصهيل وجفت القبل.
..............................................
ما بين هشاشتين (حميد يوسفي)
لا شيء في كفي
لا شيء تحت أعشاش قلبي
لا شيء في صدري
غير ألوان دفاتري
وهشاشة زمني
أنا اللهف بين هشاشتين
أنثر أوراق أيامي
.............................................
3- النصوص التي يمكن أن تصنف شعرا:
- أمارير محجوبة: صخب صمتي...................................................(1)
- محمد السقاف: القليل من الحزن يكفي / كؤوس الانتظار..............................(2)
- حياة بلغربي: يا صديقي/ حلم ليلة أمس/ مدائن تحت القلوب/ سيجارة...................(4)
- عمر الصديقي ... لعبة النسيان/ مجرد إناث........................................ (2)
- حميد يوسفي....../ رئة أخرى/ سكرات...........................................(2)
المجموع: (11 شعر) + ( 14 نص متواضع) + (28 خاطرة) = 53 |
نماذج
صخب صمتي (أمارير محجوبة)
أنثر وجهي
على تدفق الضوء
أغمسه في وجعي
ولا أحتمل سكون النجيع
في توارد الوحي
وفي إغفاءة الصحو
الشجر بقلبي
وأغصانه
يعانق ما يلوح
من جنوح للريح ؟؟
***
ربما تطلّ بارقة
من تراكم الشوق
في أروقة الزمن
المتناثر بلا حقيقة
فلا يعتدل صمتي
في جلسته
دون أن أبوح بالكلمات ...
أنثر ملوحة السرد
على نتوء جراحاتي
وتأوهات الذكرى
تنفلت من جحيمها
..............................................
القليلُ من الحُزنِ يكفي (محمد السقاف)
لإشعالِ هذا المساءِ الضَّرِيرِ
الذي يتساءلُ :
مَنْ أشعـَلَهْ !!
وأنا مثلُ كلِّ العلاماتِ
مستوحشٌ
أتعجَّبُ
أغرقُ في لـُجَّةِ الأسئلَةْ .
ضُمَّني أيها الليلُ
أو فانتَبِذْ من فؤادي مكاناً قصيـَّاً
يواريكَ من نجمةٍ
قطَّرتْ ضوءَها
في عيونٍ على سُهدِها مـُسْبـَلَهْ .
آخرُ الحالمينَ أنا
حينَ أكتبُ عن ثغرِ فاتِنةٍ
خبـَّأَ الكـَرْمُ فيهِ اختماراتهِ
لا أقولُ لها :
آهِ ما أجمَلَهْ ..
فالجمالُ إذا حجـَّمتهُ الحروفُ
وأطـَّرهُ الوصفُ
صارَ بديهاً كسبـُّورةٍ مـُهمـَلَهْ.
الجمالُ بكلِّ التفاصيلِ
مختبئٌ
لو شَدَدْنا إليهِ هواجسَنا
لوجدناهُ
حتى بخاصِرَةِ القُنبلَةْ .
حينَ أكتبُ عن شـَعْرِ فاتنةٍ
دَلَقَ الليلُ
قارورَةَ الحِبرِ فيهِ
سأخجلُ إن قلتُ
إنَّ ضفائرَها مـُسْدَلَهْ.
سوفَ أتركُ للَّيلِ نثرَ تعجـُّبهِ
فوقَ مفرقها
وأراهُ يغالبُ دهشتهُ
في سوادِ جدائلها
ويقولُ لها :
آهِ ما ألـْيَـلَهْ !!
المدى ورقٌ
والقصائدُ قنـِّينةٌ
تترنـَّحُ فوقَ السطورِ
التي حدَّدَ الوجدُ أطوالها والوَلَهْ.
يا عيونَ الرياضِ
التي يهجعُ الليلُ فيها
وينسى مواجيدَهُ:
من يـُنِيمُ عيوني
وخوفيْ؟
أنا شاعرٌ جاءَ من آخرِ الحُلمِ
صحواً
ومن آخرِ اليأسِ
أُمنيةً
هل يـُعَنـِّيه إن لم يكن
قد رأى أوَّلَهْ ؟
..............................................
كؤوسُ الانتظار (محمد السقاف)
ورحلتِ
لا أدري إلى أينَ استمدَّ بكِ
المدى
أو كيفَ
غيـَّبَكِ الرَّحيلُ .
وبلا وداعٍ
هكذا
- كفُجاءةِ المطرِ الذي يأتي
خلافَ توقـُّعِ الوديانِ
لا برقٌ يشي بهطولهِ -
صادرتِ حقي في الوداعِ
فصرتُ مالاً سائباً
يتناهبُ الشجنُ الأليمُ
حشاشتي
ويفلُّ كلَّ شجاعتي
ليلٌ ذليلُ.
تدرينَ؟
صندوقُ البريدِ مُعبـَّأٌ
بالانتظارِ
وبالغبارِ
أجيءُ كلَّ هنيهةٍ
لأراهُ مُكتئباً
يشاركني عناءَ ترقُّبي
ويقولُ لي :
صبرٌ جميلُ.
أمشي
كأنَّ الأرضَ من تحتي تميدُ
كأنَّ ألفَ قيامةٍ
ستقومُ من وجعي
الذي شطَرَ الغيابُ نزيفَهُ
بينَ التذكُّرِ
والتَّرقٌّبِ
من يُضمِّدُ خوفَهُ
وهو الذي ما انفكَّ
مِنْ كمَدٍ يسيلُ.
هذي مواجيدي
تئنُّ..
نوافذي
مفتوحةٌ
وأنا بها أحسو كؤوسَ الانتظارِ
أخطُّ في صدرِ السماءِ
قصيدةً
قد تقرَأينَ أنينَها
إنْ كنتِ مثلي الآنَ
في شغفِ النوافذِ
تقرأينَ حكايةَ الليلِ المسافرِ
في شراييني،
تعبتُ..
فلم يعدْ لي غيرُ هذا السُّهدِ
يأتي كلَّ ليلٍ
كانتظامِ مواجعي
يتفقَّدُ الأجفانَ
خشيةَ أن أنامَ
وفي يديهِ لأعيُني
كُحْلٌ ومِيلُ.
كلُّ السواقي
لم يعدْ يجري بها
غيرُ السرابِ
تبدَّلت ألوانُ وردتنا
التي كنَّا رسمناها
معاً
في دفترِ الذكرى
التي ما عادَ تنفعُ مؤمناً..
ما عادَ يعرفني الطَّريقُ
إذا مشيتُ عليهِ وحدي،
خلِّصيني..
لم تعدْ تلكَ التَّمائمُ
مثلَ سابقِ عهدها
قد أبطَلَتْ مفعولَها
غُصَصِي
وشكِّي..
ما أزالُ أشبُّ نارَ تساؤلي :
يا هل تراهُ يعودُ لي
بكِ ذلكَ الزمنُ الجميلُ؟
..............................................
يا صديقي (حياة بلغربي)
الخريف الذي يرش رماده
ليس السبب
ولا المرأة التي تضاجعها
كل ليل
تحت إسم العادة
ولا حتّى الحلم الذي أجهضته
قبل المخاض بصرخة
قلّب جيوب معطفك
واقرأ نقط الحذف
قبل العاصفة.
.............................................
حلم ليلة أمس (حياة بلغربي)
كقارب مهترئ
وسط بحر هائج
كنت ترمم الريح قبل أن تأتي
وتفتح كوة لجرح بارد
هذا القلب آنيته علّك تأتي
لكن ماء الوجه
جاء قبلك واستعجلني
على الرمل المترسّب
تركت لك وصيّتي
وخاتمي الفضيّ
غرسته بين زهرة شوكيّة
وسنبلة خضراء
لم يرني الندى
حين تسللت بين الأعشاب
هاربة...مكابرة
من دمعة ظلت تلاحقني
الشمس ستظل تلوّح
للناي المبكّر
وللأ حلام الصبيّة فينا
إفتح صدرك
واكشف عن غضبك الوديع
وعن حلم ليلة أمس
إفتح صدرك
لا مخبأ يواري الضلوع
فما أودعه الليل في صدرينا
وما كتبته خطانا
في تلك المدينة البيضاء
عيون الفجر رأته
وأطفال الشوارع
المتقرفصون على العتبات
قرأوا ما بين الفواصل
..............................................
مدائن تحت القلوب (حياة بلغربي)
تعبت من نبض الكلمات
لكني لم أكتب بعد
عن زاوية مدينة منسية
في دمي
خضراء شوارعها
كالسماء وقت المغيب
سواد المداد
لا يشفي غليل الضلوع
بالأمس كان جالسا
على مرفأ الحنين
كطفل لا يعي الغد
ما إسم مدينتك؟
سأل القلب
لا جواب للطرقات
غير أن الريح عوت
مرتجلة قصيدة
للمدائن تحت القلوب.
..............................................
سيجارة (حياة بلغربي)
دع سيجارتك الشقراء
دعها
لا تحرق صدري
أغار منها تلك السيجارة
أغار منها
أولا تدري
أين تقودنا أين؟
لأكن أنا سيجارتك
إحملني برفق
أمسكني بحروف الشفتين
أشعلني
أحرقني حرقا
أدمنّي
أنفثني شوقا
سيجارة بلا عقب
كلما دخنتها
تنبت في القلب وردتين.
..............................................
لن أخفيك
أني قررت النسيان
وحطمت سفني ونسجت كفني
وكبلت خيلي وأخرست الصهيل
وغيرت دربي ووسادتي ونعلي
ورقم هاتفي....
ونسيت أني كنت إنسان
..............................................
مجرد إناث (عمر الصديقي)
احبك لوحدك ياامراة
والباقي أشكال نساء ولا نساء
حقا إني جار لمملكة الحريم
لكن دون اكتراث
لأنك وحدك امرأة
وغيرك مجرد إناث
..............................................
رئة أخرى (حميد يوسفي)
هي نافذة
وليست بابا منه أدخل
أو أخرج
إلى الألم المقيم
هي نافذة
منها أستشف
أو أتنسم
بعضا من جلاء الروح
خائرا
أو سائحا
أو مستجديا ألمي ..
هي نافذة حلم
وطعم الأشواق البعيدة
تتنفس في دمي
..............................................
سكرات (حميد يوسفي)
لم تكن ريحا خفيفة
كانت
في ما أذكر
عاصفة هوجاء
اقتلعت القلب ..
اقتلعت الذاكرة
فرأيت ضعفي
وصورتي في القمامة
..............................................
النصوص التي يمكن اعتبارها شعرا (11)
قليل جدا بالنظر لعدد نصوص المجموعة (53) مما يؤكد القول السابق بأن المجموعة يطغى عليها طابع الخاطرة، وفي أحيان كثيرة نصوص لا يمكن وصفها حتى بالخاطرة، بل مجرد كتابة عادية جدا يكتبها أغلب المتعلمين في دفاترهم كذكريات تعبيرية عن شعور معين.
فقرة سادسة: تصنيف المساهمات 1 - تنويه
الذين يجب التنويه بهم وبكتاباتهم هم:
حياة بلغربي- محمد عبد الرحمن السقاف- عمر الصديقي- حميد يوسفي
لأن كتاباتهم الموجودة داخل هذه المجموعة عميقة بشكل ملفت ومتينة وذات حمولة جمالية متميزة بالنظر للغة وتقنية توظيف المكونات الشعرية
2
- تشجيع. التي يجب تشجيعها هي:
- أمارير محجوبة
لأن كتاباتها داخل المجموعة بالرغم من الرقة والمشاعر الجميلة والعميقة فهي بسيطة وسطحية وقليلة الصورة إن لم تكن صوره عادية إضافة إلى كون اللغة المعبر بها وباقي العناصر الشعرية لا تخرج عن الإطار السابق.
3- تقديردرجة التقدير تعني أن النصوص متواضعة وعادية جدا، لكن رغم ذلك لا بد من تقدير أصحابها عن حبهم للكتابة ومحاولة الإبداع فيها.
أ- تقدير من الدرجة 1
- رشيدة فقري- الميلودي العياشي- محمد البلبال بوغنيم.
كتابات هؤلاء تحمل الكثير من الجمال وتكاد أن تحقق شيئا من الشعرية لو تم تفادي العديد من مواطن الخلل داخل النص الواحد، لذلك فهي خواطر قوية وغنية، ولكي تصل إلى درجة الشعر يجب أن تكون أعمق معنى وأفضل استجابة للشروط وأن تتجنب الصيغ اللغوية والإبداعية العادية والمستهلكة من حيث النمط.
ب- تقدير من الدرجة 2
- احميدة بلبالي
كتاباته غير مستقرة على حال ولا على مستوى منتظم. لذلك نصوصه أغلبها عادي جدا، لكن في مقاطع متباعدة يكاد الشعر يظهر بشكل جميل وقوي، ولو أن تلك المقاطع كانت هي السمة الغالبة لكانت النصوص أجمل بشكل أكثر.
ت- تقدير من الدرجة 3
- مصطفى لهروب
كتاباته حالمة وسطحية وعادية وخالية تماما من لحظات الشعر، علما بأنها تفيض بالمشاعر وتنم عن مجهود متواضع في محاولة إيجاد اللحظات الشعرية الجميلة وينطبق ذلك طبعا على اللغة المستعملة وما يرتبط بها من مكونات أساسية للنص الشعري.
خاتمة:من أجل ختم هذه القراءة المختصرة لا بد من القول بأن محاولة رصد نصوص هذه المجموعة في أرقام وتصنيف وترتيب، إنما يبين بأن كل ما يكتب وينشر ليس شعرا، ولو ظن أصحابه بأنه كذلك. كما يبين بأن القارئ لا يجب استغفاله ولا استغفال الكاتب نفسه، حتى لا يتملكه الغرور معتقدا بأنه أصبح يكتب شعرا.
ما قيل ليس تحاملا ولا طعنا ولا تنقيصا. بل محاولة لإيضاح مستوى النصوص المشارك بها في هذه المجموعة فقط، علما بأن لهؤلاء نصوصا أخرى أجود لم يتقدموا للمشاركة بها دون شك.
وفي الأخير لا بد من التذكير بأن مجموعة نوافذ عاشقة كان من الممكن أن تصدر في قيمة أكثر مما صدرت عليه، لو تمت العناية بها بشكل جدي ولازم، حينها يتم تصحيح الأخطاء ويتم انتقاء النصوص لأن أغلبها لا يستحق النشر، ويتم تدارك كل جوانب النقص المحتملة. للأسف تم التعامل مع الموضوع باستخفاف وعدم مسؤولية وببساطة غير مقبولة البتة، وفي ذلك استخفاف وتهكم، ومس خطير بقيمة الشعر والشعراء والإبداع عموما. لأن السؤال الذي لن يستطيع أحد الجواب عنه هو: ما هي القيمة التي أضافتها المجموعة المذكورة للشعر؟
الخميس يناير 20, 2011 9:54 pm من طرف محمد اللغافي