القتاع رقم 6 النقد الذاتي
انحذر رغم طول قامته ..وهمس في أذني ببشاشة ..فقمت ومشيت وراءه حتى انتهى بي الى زاوية هادئة من مقهى في شارع عمومي ..وجلسنا نسوي شتات الأفكار ..سحب من حقيبته السوداء كتابا طالعني عنوانه قبل وضعه على الطاولة .( النقد الذاتي) لصاحبه علال الفاسي ، وأعتقد أننا كلنا ملزمون بمعرفة هذه الشخصية الهامة في تاريخ البلاد ..فهو مقاوم ووطني مثل أبي ..الى أن ظروف كل واحد منهما تختلف ..لا يهمنا هذا..أكون قد تواصلت مع أفكار صاحبي الطويل الوسيم من خلال هذا المعطى النفسي ..فهو بالفعل يريدني لمناقشة موضوع حساس ..واقتصرنا على تشريح عنوان الكتاب ..باعتباره بنية أساسية لتصحيح مفهوم الهوية الوطنية..والدفاع عنها يستوجب اعادة النظر في الهوية السياسية ..
فالسياسة المبعثرة حسب رأي صاحبي ليست حلا ..وانطلق معي صاحبي من أخطائهم حتى في طريقة الخطاب السياسي الذي ما زال يتلفظ بمصطلحات عسكرية ..مثلا( المعركة الاستحقاقية ) وغيرها من العبارات التي تتداول باستهلاك في جميع التجمعات الحزبية ..وتعني الغزو والاقتتال ..تعني كذلك اقصاء الطرف الآخر ..ويلمعونها بمصطلح المنافسة الشريفة من أجل مصلحة الوطن..
التنافس الشريف مستحب ..وفي نظري ..نحن لسنا في حاجة للتنافس ..بل في حاجة ماسة للتكتل والنهوض بالمصالح العليا والتحتية للبلاد..
قد يكون صاحبي على حق ..فالنقد الذاتي يمنح لكل فرد في المجتمع فرصة لمراجعة نفسه ..وعلى يقينب أن المراجعات للنفس هي الحل في تسوية الأوضاع ...
استفسرت صاحبي ..كيف يمكن أن تترسخ الفكرة داخل كل الأوساط الاجتماعية ؟؟ وأغلب الساسة لا يقومون بعملية نقد لذواتهم .وفي دمهم فقط فسروس المال والسلطة ..لأجل المال والسلطة؟؟
التفت صاحبي الى يمينه وشماله ..و قال ..هيا نغير هذا المكان ..فالجدران لها أذان !!..
سخرت منه بضحكة مباشرة ..وقلت له ..حتى الجدران يجب أن تقوم بمراجعة نفسها لتستوعب
بأن استقرارها يتعلق بمسؤولية الانسان..فالجدران يجب أن تتخلى عن أقنعتها ..
قام صاحبي ..وانحدر رغم طول قامته ...وهمس في أذني فلم أقم من مكاني ولم أمش وراءه.