حميد يوسفي شاعر شارك في ديوان" نوافذ عاشقة"
عدد الرسائل : 2177 العمر : 55 تاريخ التسجيل : 26/03/2008
| موضوع: قرائة في نص للمرحوم الشاعر كريم حوماري السبت يناير 07, 2012 3:00 pm | |
| - حميد يوسفي كتب:
- انهيار مرتقب
هل رأيت ...؟ هذه الشمس ساعة بلا أرقام ، وأنت تسأل عن الوقت . هذا الليل أتى فقط كيف تشعل الأنوار وتمشي مسافة الإحتراق ، ضائعا بين أرصفة الجليد وخدعة الأمكنة . هل رأيت هذا الهدوء العليل المنتشر في القصور ، وأعراس الحزن المقامة في القبور، وهذا الهواء التافه المرعوب من عنف العاصفة وصمت النجوم الملتزمة بالحياد رغم عنف المرحلة ، هل رأيت ...؟ هل رأيت شحوب النباتات والحمق المنتشر مثل الطاعون في سائر الجهات وتلك الفراشات القادمة من ضفة الانهيار المرتقب ...؟ عليك أن تختار أو تنهار. ....
من هذا المنطلق التقابلي بين الوجود والإنسان إنبنى شكل وتصور الشاعر الحداثي محللا وجوده الميتافيزيقي والخيالي ، إذ أن آقتناعه أن الإنسان جزء يتفرع من محيطه الكوني الذي يجانسه.
ومهما حاول الكتاب عموما كسر تفاعلاتهم مع كل المحيطات بهم ، والتجرد كليا منها ، فإنهم بذلك تنعدم فاعليتهم الخطابية ، ويسجنون أنفسهم في عدمية الركوض ، والإنغلاق.
وإيمانا منهم بهذه الفرضية الحتمية ، ينساق مبدعونا ، وفنانونا، للإنصهار التلاحمي مع محيطاتهم الخارجية ، وخلق إشارات ، ورموز، وأشياء أخرى تدخل في سياق التواصل الغير مباشر مع متتبعيهم ، قصد الحصول على تحريك الأسئلة الواقعية والميتافيزيقية في ذات البحث المتواصل.
ولهذه الأسباب كان إختياري لهذا النص الذي يتلاحم ، ويتجاوب مع كائناتنا الطبيعية ، متخذا بذلك رموزا ، ودلالات تدعم القارئ للتجاوب مع ذاته والتصالح معها من خلال فهم كنه الطبيعة وحوادتها .
فالإنهيار المرتقب للطبيعة ، كما في سياق القصيدة لشاعرنا الكبير المرحوم كريم حوماري ،ماهو إلا كشف واضح لإنهياراتنا المناخية الداخلية لذواتنا . فالشمس التي بلا أرقام ، ماهي إلا صورة مصغرة لأعضائنا المنهكة من تسلط حساباتنا الضيقة ، التي تدفعنا الى الإيمان بحرية مصطنعة وتافهة .
يقول الشاعر:
هل رأيت ...؟ هذه الشمس ساعة بلا أرقام ، وأنت تسأل عن الوقت . هذا الليل أتى فقط كيف تشعل الأنوار وتمشي مسافة الإحتراق ، ضائعا بين أرصفة الجليد وخدعة الأمكنة . هل رأيت هذا الهدوء العليل المنتشر في القصور ،
بالفعل وإن كانت الشمس بلا أرقام . فإن الإنسان مقيد بهذه الساعة الرقمية ، لأنه هو الذي قيد نفسه بالأرقام . لم يترك لحريته أدنى إسترخاء تحت شجر الروح . لما كان هناك يسيح بجنته الأبدية . فكان ظالما لنفسه حين أطاع غرائزه . وحين لم يلتزم بالحدود المرسومة له ، والإنصيات لأهوائه ، وفضولياته ، مما ضيعه جنته ، ومفاضلها . إذ هاهو الآن كما بارحيه ، ينكسر من بين مفاسد الأرقام ، والساعات تسوقه الى ضغوطات مهاوي الحضيض . مسافة هذا الليل ، الليل الغائم ، الليل الخادع ، خدعة الأمكنة ، والأزمنة في هذه المساحات المتطرفة من خرائطنا الهامشية .مساحات قصور ..وغيوايات ، وما للقلب من طيب اللذات ..والشهوات ..وملاعبة كراكيز مسرحية الحياة .
وليتجدد السؤال مرة أخرى في نفس شاعرنا لكن هذه المرة عن محاولة تكرار الرؤية .رؤية :
أعراس الحزن المقامة في القبور وهذا الهواء التافه المرعوب من عنف العاصفة وصمت النجوم الملتزمة بالحياد رغم عنف الكرحلة .
إنه الموازنة الطبيعية الغير المتكافأة بين ريح ، وعاصفة . بين ريح تافهة لاقوة لها في إمتداد جبروت عاصفة .لاتدر شيئا إلا وكسرته في طريقها . تاركة ورائها هذا الشبه الذي يعلو في صوت الشاعر المبحوح ليكشف لنا عن حقيقة آلمتنا كثيرا في ظل الهيمنة الإستعمارية لبني جلدتنا . هيمنة ترسيخ قوانين سلطة ، تعتمد على تلوين شعاراتها المرحلية ، بأوجه مختلفة ، ومخالفة في ظاهر الأشياء ، في ظاهر الخطابات .وحتى الأفعال ، والأقوال . كتأكيد على ان الريح ماهي إلا ذلك الإنسان البسيط والفقير طبيعيا الذي لاحول له أمام تسلط القوى القوية التي تنهب ..وتقتل ..وتضلل.]في ظل صمت الفعاليات الثقافية ..والفنية الملتزمة بالحياد رغم عنف المرحلة التي تعم البلاد والمجتمعات بلغطها السيوثقافي الذي يخدم في الغالب راهنية المرحلة السياسية التي تتمحور حول دغدغة مشاعر التطلعات المجتمعية . وللقضاء ولو سلبا على كل مابوسعه النهوض بواقعية طرح الأسئلة المستكشفة ،والمستفزة . .وفتح المجال لهذه القوى لتستمر في توحدها التأثيري على الرأي ، والرأي المضاد بدون أدنى اعطاء حرية ولو وهمية للمتتبع المعارض. وإن كان هذا المعارض في غالب الأحيان له خلفيات مضمرة ، شبيهة بالسير العام للإستراتيجية العامة. إذن:
وفي ظل سياق هذه الإنهيارات الحاصلة والمرتقبة ، يدعونا الشاعر في آخر المطاف أن نختار أو ننهار . وإن كان في باطن الأمر وظاهره من إنهار في وجه هذا السيل من التدفقات الكاريتية التي تتخلل عالمنا الآن من صراعات وهمية ، وحروب استغلالية ، قصد الحصول ولو بتكاليف باهضة على ما يلائم طروحاتهم الإجتماعية ..والإقتصادية ..والسياسية .في غياب تام للنظام المصلح والعادل الذي يقر بإستقرارية الأوضاع الإجتماعية ،والبئية .
وفي غياب كذلك للدعم المادي والمعنوي لجهات لها أهداف نهضوية ..وتربوية هي الآن تحتضر تحت ضغط الجوع ..والفقر ..والغلاء المعيشي. إذ كيف لهذه النباتات وهي كناية بالإنسان كما جاء في سياق القصيدة للشاعر المرحوم كريم حوماري .أن تستمر في نظارتها ونموها الطبيعي وهي محاطة بهذا الكم الهائل من وباء الطاعون الذي يحاصرها من كل الجهات. كوباء التعليم الذي ينهج فصل الجغرافيا عن المواطن .كفصلهم الدين عن الدولة .
نهج بدع ..وسنن لامحل لها في التربية ، والتعليم . . إدخال منظومات في الطرح ..والكشف .كالوسيلة التي تبرر الغاية . وهلم جرا من فصول الإنهيارات التي تصاحب أنفاسنا اليومية التي تحد من تطلعاتنا ..وطموحاتنا....... [/quote] | |
|