القطار

هاهو القطار
يسير
من نافذة
كان المسافر
ينظر الى بعيد
غير مبال
بتبعثر جاره
بالمرأة التي
تنهمك بتهذيب
وجهها الكئيب

في المحطة الموالية
او التالية
يفتح الباب
وفي العربة
ما بعد الأخيرة
هناك
سيدة عجوز
تحمل سرها
في صرتها
وتنام

القطار
لازال يسير
يصفر أحيانا
ربما
أزعج كائنات
الطريق
أو ربما
أتلفت عجلاته
شيئا ما
لكنه لازال يسير
ينفض الغبار
في سكك
الطريق
..
الآن
ومن الباب
الرابع للقطار
نزل ظل
كان يتصيد الأشياء
في
مقصورات القطار
وغاب
الآن
صعود
ونزول
لكن الرجل
الغريب
لازال ينظر الى
بعيد
غير أن المرأة التي
كانت
في وجهها منهمكة
اتكأت على كتف
جارها
تنعم بحس جديد

ويصفر إنذار
القطار
وهاهو يحل
الظلام
وهاهي المقصورات
تنار
وكالبراق يختفي
عن الأنظار
القطار

بالأمس
كنت أرتدي غير
هذه الثياب
كان شكلي
يزعجني
وبسمتي باهتة
وكنت ضيفا بهذا
القطار
أحمل أتعاب
ليل
ونهار
أحمل خيانة
جار
في رحلة نزهة
مواسية
..
سيداتي
سادتي
ينادي صوت
أيها
المسافرون الكرام
القطار بمحطة
مدينة الأنوار ..

هاهي المقصورات
تلفظ
ركابها
هاهي تبلع
ركابها
لكن الرجل الغريب
لازال في مقصورته
ينظر الى
بعيد .
غير أن
المرأة التي
كانت بجوار
الرجل
والعجوز التي
تحمل
سرها في صرتها
أثرهم اختفى

على هذه
الكراسي
كراسي القطار
كم ظلا مر من هنا
وكم حكايا
وأسرار
يخبئها عمر هذا
القطار
ربما
وعلى هذه الكراسي
تخلقت قصص
نام مشردون
ولثمت شفاه
أو ربما
انتحرت قلوب غاضبة
..
في المقصورة
ما بعد العاشرة
أصابع
مرتعشة
تدون شيئا ما
الجريدة التي كانت
تحت ضغط
عيون حائرة
هي الآن
في مهمة
مسح واجهات القطار .

ومن بعيد
تكاد تسمع
صوت حنين
أو أنين
تكاد تسمع
الرنين
..
أغنية منبعثة من
هاتف
مكالمة غامضة
في الجهة المجاورة
للرجل
السمين
وامرأة تلعن
حفيدها
المشاغب
العنيد
..
لنمسح زجاج النافذة
قلت لجاري
لنشرب قهوتنا الدافئة
فانغمسنا
في حديث
وقتها
سندويشات دسمة
لشفاه
تتلمظ
وأمطار النجاة
في طريقها لملاحقة
القطار

توفيق بوشري كتب:

نص رائق ذو نكهة بل أسلوب قصصي مميز.. هكذا هي القصة الشاعرة.. هل من فكرة للهو بشكلها وشيء من الرتوش لإعادة تشكيلها؟

تقديري

شكرا على المرور والقراءة الجميلة لنص جميل .لايمكن التدخل الآن في النص بعدما استوفى كامل خلقته وكماله والا سنجني على بعض رشاقة أعضائه .

توفيق بوشري كتب:

نص رائق ذو نكهة بل أسلوب قصصي مميز.. هكذا هي القصة الشاعرة.. هل من فكرة للهو بشكلها وشيء من الرتوش لإعادة تشكيلها؟

تقديري

الصديق العزيز توفيق بوشري إن سؤالك هل من فكرة للهو بشكلها أي فكرة النص وشيء من الرتوش لإعادة تشكيلها .جعلتني أعيد النظر في طرحك ومناقشتك ،ربما قد غابت عني بعض الأشياء هي في الحقيقة تخدم النص وأنا لم أنتبه لها أثناء ابداعي له .لذا ألتمس من شخصك الكريم اعطاني أمثلة تجميلية وتنميقية أخرى للنص بدت لك وأنت تقوم بقراءة موضوعه وتحليل منهج أسلوبه .
ولك مني فائق التقدير .
كما أنني سأكون ممتنا لإفادتي وارشادي .ولاتهتم بما عقبت به سابقا ،لأننا هنا يجب علينا التعاون والتفكير الدائم في كيفية خلق ابداع يرقى بأسلوبه وموضوعه .دون حضور فنطازيا الذات التي لاتجدي نفعا في حضرة موضوع ابداع متميز وهندسة بنائية متكاملة .

توفيق بوشري كتب:

هاهو القطار كعادته، يشق طريقه الطويل.. من إحدى النوافذ كان مسافر ينظر بعيدا غير مبال بشيء.. شاردا.. ربما يفكر في أمر جلل كعادة البشر.. بجانبه آخر يحملق في أنثى ترتب زينتها.. ربما في انتظارها عاشق.. أو تبحث عنه بين نظرات مثل هذا المشدود إليها..

ولك واسع النظر..

هذا طرح آخر للفكرة يدخل في باب القصة القصيرة أو القصة القصيرة جدا .غير أن بناء النص الذي اشتغلت عليه هناك يختلف .ويدخل في ما يسمى القص الشعري
لمشاهد حياتية متخيلة أو معاشة .معتمدا في أسلوب بنائه على قاعدة تخص القص شعري .(كما جاء في تقييمك لردك السابق).
ومن هذا التصور كان النص كذلك .
ومن خلال تصورك لقاعدة القصة القصيرة المختزلة .حاولت فرض وخلق إعادة بناء هندسة النص التي هي بين أيدينا الآن .
إذن من خلال كل تصور لقاعدة ما يمكننا انجاز النص الذي لازال في المتخيل .وعليه تم التقرير الأخير للنقد على أن لكل قاعدته الخاصة في بناء هيكله العام وموضوعه.
وبذلك جاز الاختلاف والتعدد والاجتهاد والخروج من تقاليد المألوف .

أخيرا أشكرك على سؤالك الفلسفي الإيجابي .والتقدير لردي المفيد والمنطقي .