شامخا يأتيك الرحيل
مهداة للهرم الراحل محمود درويش في أربعينية وفاته
-1-
خَلْفَ أَسْوارِ الُّلغة
كَلِماتٌ ثَكْلى
تَبْكي حَظَّها العَبَثيّْ
حُروفٌ تَنْطوي على نفْسها
خَشْيَةَ اليُتْمِ
مِدادٌ يَسيلُ
دَمْعاً من مَآقي الأَقْلامْ
هو المَصيرُ
يُلَوِّحُ بِسَوْطِ الغِيابْ
هي الحَتْمِيَّةُ
تَدُقُّ نَواقيسَ الأُفولْ
-2-
ماتَ الشّاعِرُ
هَكَذا قالتِ السَّْوَسَنةُ
لِبُذُورِ الزَّيْتونْ
مات العاشِقُ
وفي خَلَدِهِ
بَقايا من حُلْمِهِ الأَحْمَرْ
-3-
خَلْفَ أَسْوارِ المَعْنى
قَطَراتُ مَطَرِ الخَريفِ
أَعْشابُ الصَّباحِ
خَطَواتُ الشَّهيدْ
رائِحَةُ الزَّعْتَرِ
فَجْرٌ مُنْتَظَرٌ
يحْمِلُ هَوِيَّةً
طالَما طَمَسَتْها
عَواصِمُ الكَيْدِ
-4-
خلف أسوارالمعنى
ثَدْيُ أُمِّي لا يَنْضُبْ
سَتَنْهَضُ
من نَوْمِها المِغْناطيسي
لتُرْضِعَ أَحْفادَها
حليبَ المُقاوَمَةِ
ستُغيِّرُ لِباسَ نَوْمِها
لِتَهْزِمَ ذُيولَ الَّليْلِ
وَيَسْخَرَ النَّهارُ من لُعْبَةِ الحِصارْ
ستنهضُ
من سُباتِها الرُّخاميّْ
حامِلَةً
رَغَباتِ الوَطَنِ
على أَكُفِّ الشُّهَداءْ
مُبارِكَةً
تَحْليقَ عَصافيرِ الصَّباحِ
في سَماءِ الخَلاصْ
أَلا أَيُّها الخَلاصُ
مابالُ
شَقائِقَ النُّعْمانِ
ذَبُلَتْ في وطني؟
مابال العَواصِفِ
لم تترك لِقَوارِبي
فُرْصَةَ الإِبْحارِ
في مُحيطِكَ الأَبَديّْ؟
ألا أيها الخلاص
أَخْرِجْ سُيوفَ الدَّسائِسِ
من جُرْحٍ غائِرٍ في جُرْحي
واضْرِبْ عَدُوًّا
يَعْبُدُ القَتْلَ
في فَوْهَةِ البَنادِقْ
إِضْرِبْ عَدُوًّا
يَنْتَشي بِدُخَّانِ الشَّرْخِ
يَضَعُ الأَلْغامَ
في أَحْشاءِ الغَدِ
يشْرَبُ نَخْبَ رَأْسي
في حاناتِ تَلّْ أَبيبْ
وَأَنْتَ أَيُّها الشَّرْخُ
أنت الآن ذُلُّكَ
أنت الآن هَزيمَتُكَ
أنت الآن وَجْهُكَ المُبَرْمَجُ في الألغامْ
دَعْ أغصانَ الزَّيتونِ
تُثْمِرُ سَوِيَّةً
في حقل الصُّمودْ
دع يَوْمي
يَبْتَسِمُ لِغَدِهِ
دعْ غَدي
يَحْكي أُسْطورَةَ يَوْمِهِ
دَعْ
زَهْرَ القَرَنْفُلِ
يتََفَتَّحُ
في مُروجِِ النَّصْرِ
-5-
مات الشاعرُ
هكذا قالت السوسنة
لبذورالزيتون
لاتتركوا حلمَهُ الأحمرَ
يَصْفَرُّ في مَشاتِلِ الخُنُوعْ
تَرَكَ لكُمْ كَلِمَةً وَقَلَماً
خُذوا الكلمةََ
وازْرَعُوها في مِزْهَرِيَّةِ الصِّدْقِ
َخذوا القلمَ
واكتبوا أُغنيَّةً للِشُّهداءْ
تُغنِّيها عَصافِيرُ وَطَني
في عُرْسِ الخَلاصْ
إدريس الشعراني
شتنبر2008