هذه مجرد وجهة نظر حاولنا التطرق اليها من خلال استقرائنا لكتاب ماذا بعد العولمة وهو من تأليف كل من الأساتذة الأفاضل -حميد بركي - مينة ناجي - عدنان أحمد وهي قرائة حاولنا جاهدين تقريب مادة الكتاب الفكرية من المتلقين والله نسأل التوفيق
----------------------
وأعتقد أن ما قد سلف من الذكر في بعض ما ذكر في كتاب " ماذا بعد العولمة " وقد ذكرنا بعضه دون أن نذكر عامة القول لكون الحكمة في الاختصار كي لا نطيل على القارئ ولهذا أخدنا بعضه وتركنا الآخر من حيث الاعتماد على المفهوم الاجتماعي لدا الكتاب دون أن نتطرق إلى محتواه السياسي راجين من التجربة التي بين أيدينا أن تحقق لنا أمل التواصل الذهني بيننا وبين ما نشير إليه من اقتراحات ومجهودات المفكرون الثلاثة .
بناءا عليها فقد وجدنا أن الحرية تساهم في تقدم الأمم بما يملكه الإنسان من تحرر فكري.
- وفي خلق هذه الحرية تكمن القوة إذ أنها تشعر العامل بمشروعية الفعل الذاتي ما دام أنما يعمل فيه هو ملك له كما أنه ملك لمالكه بقوة الرأي المتحرر والاشتراك الفعلي في رأس المال ولو بساعديه وعرق جبينه كعملة يتقايض بها العامل مع دوي رؤوس الأموال بدل العملة الذهبية أو الفضية وهذا المشروع الإنساني لا يرقى إلا بما قد تبقى من الحركة والمشاركة في الرأي الذي يخص الشركة كمشروع مشترك بين العرق والمال .
وعندما يذكر الكاتب التوازن الاجتماعي فإنما يريد العدل بين الطبقتين .
الشغيلة التي هي مستعبدة برواتب الأجر وتبعية الرأس المال بين الحصر والقهر .
- وحرة في اشتراكها في الرأي وتوظيف العرق كعملة لها محلها في أسهم الشركة.
- وبين الطبقة الممولة للمشروع . الشركات و هي التي يمكنها أن تكون ذات استمرارية و فائدة للوطن. ويمكنها أن تتقيد بعصمة الزمن الذي يكون بناءه ودوران عقاربه مرهونا بيد الطبقة الشغيلة
- ولهذا على الطبقتين معا أن يكونا على منهج يجمع بينهما وقانون يقضي بينهما ولا يكون هذا إلا تحت سلطة الجمع بينهما بقوة العقل المسئول ولا يكون هذا التوازن إلا بمحاربة الأمية وتثقيف كل الأفراد لأن العلم وحده مؤسس الدولة والجهل سم قاتل ينخر الذات ولا يترك للأمة مجالا للتوسع الفكري .........
العولمة كفكر جديد .
- جاء في الصفحة 5 : يعرف الكون عبر تفاعله مع الإنسان تجددا أو حركية دائمة لا يعرفها مع أي الكائنات الأخرى .
- نقف هنا مع كلمة – تفاعله مع الإنسان – لنطرح السؤال التالي.
- من الفاعل ومن المفعول به ؟
- هل الكون يخضع ويتفاعل مع إرادة الإنسان أم الإنسان هو الذي يتفاعل ويخضع للإرادة. الكون.
- من الأقوى والأعظم خلقة الإنسان أم الكون .
- إذا فالإنسان في علاقته الجدلية مع الكون يعتبر مفعولا به لا فاعلا.
- هل يمكن للإنسان أن يتحكم في مسار النجوم وسقوط الأمطار حسب رغبته وبصفة عامة التحكم في المنظومة الكونية هذا أشبه بالفسفطائية ( اللغو) ، وعليه فان الإنسان يولد أو يوجد في الطبيعة البيئة بمعنى :
أن وجود الطبيعة التي هي البيئة والوسط الذي وجد فيه هذا الإنسان سابقة لوجود الإنسان
. ودون جدل ستحكمه هذه البيئة ويسير وفقا لقوانينها إلى حين مقدرته على إعمال العقل
وإعمال العقل هنا يتخذ منحنين اثنين .
- المنحى الأول: نصطلح عليه بالمنحى الإيجابي وهو الذي ينطلق من الفطرة. المودعة في الإنسان دون غيره . فيتخذ مسارا موازيا لمسار الطبيعة وهي المسخرة لخدمة الإنسان وليس العكس . بل عليه حسن استغلالها .
- المنحنى الثاني: وهو يكتسي شيئا من السلبية أي إعمال العقل بأسلوب يتنافى والفطرة الإنسانية السليمة. والذي يأخذ فيه ألإنسان دور الأعمى الذي يخبط خبط عشواء كمن يناطح الصخرة فيلقي بنفسه إلى التهلكة ضحية عناده وجهله فيصب جل معرفته على الطبيعة سعيا منه إلى تغييرها ، أو مظاهات خالقها ، هذا لعدم إيمانهم بوجود خالقها .
- فالكون عندهم وليد صدفة فعقلهم الظاهر والباطن . لم يصل بعد إلى هذه الحقيقة فكانت محاولة فعل الإنسان في الطبيعة وبالا عليه من شتى الجوانب – إنها مسرحية حياة اجتمعت فيها كل المتناقضات.
- إنه السعي خلف السراب
- كما جاء في نفس الصفحة: " فلا جدال من القول بأن كل المؤشرات تفيد أن القرن الواحد والعشرين سيكون ظاهريا قرن التمزق والدمار. وباطنيا قرن التوحد في إطار ما يسود الساحة الاجتماعية في معظم الأقطار والأمصار من حروب وخراب "
كيف يزعم الكاتب أن هذه المؤشرات – الدمار الحروب الخراب. السباق نحو امتلاك أكبرترسنة من السلاح بين الدول . سيدفع بالقرن الواحد والعشرين ظاهريا إلى التمزق وباطنيا إلى التوحد. فكيف يمكننا استيعاب هذه النظرية وبأي عين ينظر الكاتب إلى هذا الواقع وإلى التاريخ الذي يخبرنا عن القاعدة التي أنجبها بعد مخاض دام آلاف السنين العنف يولد العنف .
- فالتوحد الصادر عن العنف و الإكراه الإيديولوجية ما هو إلا ذل ومهانة يدفع الإنسان إلى نقطة البداية إلى ما قبل التاريخ حيث كان يسود قانون الغاب. البقاء للأقوى – بغض النضر عن صلاحيته أو عدمها . إنه توحد يصنع نعشه بيديه.
- ثم ينتقل ليذكرنا بأن دين الإسلام قد دعا إلى العالمية منذ أربعة عشرة قرن خلت مدعما كلامه بقوله تعالى : " إن جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم "
- بمعنى لا فضل لأحد على أحد ، ولا فرق بين عربي وعجمي " إن أكرمهم عند الله أتقاكم " وهنا يبين لنا المولى عز وجل معيار التفاضل بين خلقه . انه التقوى الذي يرفع الفرد ويسمو به إلى مذارج العلى. وعليه فان الإنسان الذي يتمكن التقوى من قلبه يتغير مسار حياته فتصبح كل حركاته وسكناته في معية من الله. الشئ الذي يولد في نفسه المراقبة و إذا كلف بعمل دنيوي أتمه على الوجه الاكبروالأكمل لأنه يعتبره عبادة
- نتحدث هنا عن التقوى مصداقا لقوله (صلى الله عليه وسلم) "رحم الله عبدا عمل عملا فأتقنه" وقوله كذلك من غشنا فليس منا"
التوازن الاجتماعي
هنا دعوة صريحة إلى مبدأ الاشتراكية
- فالتوازن الاجتماعي لا يتأتى إلا باحترام الإنسان لأخيه الإنسان بمعنى المساواة في جميع الحقوق المعنوية و حفظ الحقوق المادية وتوفير فرص الشغل الكريم الذي يتماشى وإنسانية الإنسان فالتوازن ليس ما نراه اليوم.
- إذ يحضا فرد واحد بعدة مناصب... ويتقاضى على كل منها راتبا . وغيره قد يفضله علما وتأطيرا يتسكع في الشوارع بحثا عن عمل كيف ما اتفق المهم أن يلبي حاجات بطنه اليومية ما هذا بتوازن إنه أشبه بما يكون بالرأسمالية الانتهازية المتسلطة .
- فكيف يمكننا أن نرتجي خيرا من هذا المواطن وكيف يمكن أن يقوم على خدمة الناس وتسهيل مصالحهم إنه إنسان يترنح بين جسد بشري وعقلية خيالية صنه النظام واسماه سوبرمان يقال " إذا أسندت الأمور لغير أهلها فانتظر الساعة " وتعود لنقف متأملين دعوة الكاتب إلى تكسير الحاجز بين الإنسان والمعرفة بحثا عن ذاته في الحقيقة لا في الخيال إيمانا منه أن العلم هو قاعدة كل أمة ترغب الخلاص والتحرر من الضياع والعبودية .
- كما يحض على التربية الأساس التي أصلها الوالدين كمسؤولية منهم تجاه مولودهم تحتم المعرفة على كل فرد من العائلة ثم المنافسة الجادة وتصحيح بعض المفاهيم المتراكمة أو المستوردة للطفل ليكون رجلا ناضجا مستعدا لمواجهة الشارع ليورد بدوره هذه المفاهيم لبنيه فالأسرة هي النواة أو البذرة التي يتأصل منها المجتمع " فاقد الشيء لا يعطيه "
- يقول الشاعر .
" إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا "
- ونحط الرحال بالصفحة الثالثة عشر.
حيث يعزى الكاتب عدم التوازن إلى الرغبة في تملك كل شيء و الطمع الفاحش إذ يقول " إن التوازن عدالة شاملة وحرية وعدمه استثمار في الإنسان حسب الظرف و الزمان "
بمعنى تحيى ذاته على حساب فئة أخرى الشيء الذي ولد الرق في العهود السابقة وعجلة الزمان تتكرر في العصور اللاحقة.
فأين الإنسان وسط كل هذه المتناقضات وتعاطفا من الرأسماليين مع طبقة الرق
أزالو عنها اسم الرق وأعطوها اسما جديدا فسموها الطبقة الشغيلة أو الطبقة العمالية أما الظلم والتعسفات والمهانة والاحتقار وكل ما شابه ذلك لم يتغير منه شيء فنقابات العمال بدلا من أن تنصف العمال وتنتزع حقوقهم من المشغلين منذ خلقت وإياهم في صف واحد تخدم العمال بنسبة خمسة بالمائة أو أقل وتنقب مصالحهم بنسبة مئة بالمائة فكما يقول المغاربة " استبدل الحمار باغيول " .
- فيا له من منطق يتمتع به هؤلاء وكأنهم من الغزاة من كوكب آخر لا يمتلكون أي نوع من الأحاسيس إنهم كالآلة.
فلقيام توازن اجتماعي لابد من خلق الاكتفاء الذاتي لكل وطن وتحقيق الاشتراكية الإسلامية بمفهومها الواسع والاعتماد على ثروات الوطن نفسه فهي أكثر قوة من المستوردات الخارجية لأن الاعتماد على الغير هو تواكل، هو بناء دون ما قاعدة.
- وإذا كان لابد من التعامل مع الغير – الأجنبي – كان لابد من مسايرة الحركة الداخلية وعدم تركها تتوقف لأن توقفها في صالح الغير – الأجنبي – هذا الأخير الذئب الجائع الذي ينتظر الفرصة للانقضاض على فريسته.
- وهذا التقدم الذي نرجوه لا ولن يأتي من فراغ. بل لابد من العلم والبحث ، ثم العلم و التربية على البدل والمواطنة .
- ولله ذر القائل " فالمشاركة في الربح تضمن رأس المال والانفراد به يخرمه بعد رغبة العامل في حقه والحواجز التي تمنعه منه بطريقة غير مشروعة كالسرقة والتهاون في العمل من الربح الباطني للعامل بمعنى رأس المال وكلاهما يساهمان في خراب وتدمير الوطن . ولتحقيق ذالك لابد من الرجوع إلى القاعدة الذهبية المستوحاة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، " من كان أخوه يعمل تحت يده فل يلبسه مما يلبس ويطعمه مما يطعم ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون وإذا كلفتموهم فأعينوهم صدق الحبيب " .
- فأين مجتمعاتنا من هذه التعليمات الربانية .
- إن هن كلمات قلائل بهم من المعاني والعبر ما لا يعد ولا يحصى.
مفهوم الحرية
هنا نجد الكاتب يرهن وجود الإنسان بوجود الحرية وذلك في قوله " ومن ثم تكون الحرية مسلك كل أمة إلى النور وجب الحفاظ عليها بأرواحنا ودمائنا لأن الإنسان لا وجود له بلا حرية " .
مثال للتقريب:
شخص أدخل آلة جديدة لمصنعه للزيادة من الإنتاج أو تحسينه لكن هذه الآلة بقيت فترة معينة دون تشغيل إذن طوال هذه الفترة هي معدومة الوجود. لأن وجودها مرهون بإنتاجها .
- إذن فاستعباد الإنسان يفقده وجوده المعنوي فالإنسان السيد يكون موجودا ماديا و معنويا والإنسان " العبد" موجود ماديا لا معنويا فهو إذن في هذه الحالة جسدا بلا روح... أو ؟
- و هذه العبودية تجعله مثل الدابة المسخرة لخدمة الإنسان فهي لا تعقل شيئا ولا يمكنها أن تعترض أو تشتكي ولا يجوز لها.
فجاءت الدعوة المحمدية داعية إلى تحرير البشرية من عبادة البشر و توجيه هذه العبادة إلى خالق البشر والطير والشجر فلا معبود بحق إلا الله " لا إله إلا الله "
- وقول عمر ابن الخطاب " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " .
- إنه إيمان فطري بحرية الإنسان فالحواجز المادية والمعنوية تقف حجرة عثرة أمام تقدم البشرية.
فلنكن قبضة واحدة ونكسر هذه الأغلال المصطنعة ونفتح الباب
أمام الخلف ليحقق بعض ما عجز عن تحقيقه السلف.
وإلى قراءة جديدة بحول الله -
عبد الحكيم الزراري