كانت هذه ورقه انطباعية قدم بها الشاعر محمد اللغافي الزجال محمد الغرش في لقاء زجلي بقاعة الاجتماعات لبلدية سيدي مومن بتاريخ فبراير 2002
..ونشرتها جريدة كازابلانكا العدد 9 من 8 الى 15 فبراير 2002
قراءة في باكورة الارهابي النبيل محمد الغرش
عرصة الذياب
بلهفة كنت أنتظر أن يصدر لأخينا الزجال الأستاذ محمد الغرش ديوانه يحمل أعباءه الثقيلة التي طالما قرأتها في عينيه الغائضتين ..ويحمل كذلك بعض أسراره التي لا يستطيع لمسها سوى الشاعر
حينما ولجت "عرصة الذياب" فكرت أن أقرأها بتمعن .. ومتأنيا..لأفرز العرصة من ذئابها ..وإذا بي أجدني موغلا بين الأنياب ..وأشواك الصبار ..فراودتني فكرة الخروج بالعرصة من غير ذئابها ..فكان الذئاب متشبثين بعرصتهم .
تسللت وحدي من إحدى فجواتها ..وخرجت بشهادة عاشقة ، أتمنى أن أكون صائبا ولم يمسسني بله ولا تيه..
محمد الغرش ..هذا الرجل الرزين الهادئ النحيف الغاضب البريء..جمعتني به بعض اللقاءات الأدبية ..وانغمسنا معا في مودة المعاناة وحرقة الكلمة الهادفة ..ومنه ومن أمثاله الزجالين ..تربيت على هذا النوع من الشعر ..وعلمت أن وقع القصيدة الزجلية ..أبلغ بكثير من وقع القصيدة النخبوية الفصيحة .اجتماعيا بحيث أن القصيدة الزجلية تستطيع أن تلامس جل شرائح المجتمع
فحينما أطل علينا الزجال سي محمد موثنا بديوانه "تاغنجا" ..والزجال محمد عزيز بن سعد بديوانه الأول "كلمة في ايزار حياتي" ..هذان الاسمان الذان اعتبرتهما امتدادا لرواد الزجل المغربي كالأستاذ سي أحمد لمسيح ومراد القاديري وأحمد طيب لعلج وأضيف إليهم الراحل العربي باطما..وغيرهم ..حينها احترت في اذا ما كان سي محمد الغرش يبحث عن عنوان يجمع نصوصه المخطوطة في أوراق اهترأت من كثرة ما كانت تتعرض له من تعسف في سحبها من المحفظة وإعادتها ..أو يفكر في كيفية تطريز الغلاف ..أو ظروفه المادية حالت دون ذلك ..أو ..أو ؟؟؟؟
ولم أسأله عن سبب كل هذا التأخير ..وإذا به اليوم يستضيفني وإياكم في "عرصة الذياب"
عنوان ماكر وعريض يحمل أكثر من دلالة ..يوحي الى جمالية الموقع ومكر معمريه ..لا شيء يحول الآن بيننا وبين خباياه المغتصبة..
محمد الغرش ..واحد من شلة متهاونة في حق ذاتها ..ومجدة في تدقيق اللمحات ..لالتقاط صور فادحة ونقلها إلى تركيب سلس ..بجمالية مصعلكة ..متمردة على واقعها المتحجر الماكر ..وتواكب الركب السوسيو ثقافي الحديث الذي تفرضه الحياة الاجتماعية الحالية وخلفياتها ..ويمكن أن نقرأ "عرصة الذياب" في قراءتين ..قراءة فلسفية معمقة تفرز عتمات لمشاهدة ما وراء الواجهة ..وقراءة كاريكاتورية ساخرة توضح ملامح الرؤية الممنطقة التي تتداخل فيها البنيوية شكلا ومضمونا..
وإذا كان شعراء القصيدة الفصحى مزجوا بين الشعر والتشكيل في أعمال مشتركة مع مبدعين تشكيليين..كتجربة الشاعر محمد بنيس والفنان العراقي ضياء العزاوي ..والشاعر حسن نجمي والفنان محمد القاسمي في ديوانه الرياح البنية والشاعر ادريس الملياني مع الفنان عبد الكريم الأزهر في أضمومته زهرة الثلج ..فإن محمد الغرش مزج الزجل بالكاريكاتير ..مع الفنان ناجي بناجي ..ليعطينا حسا آخر كان غائبا ..حيث يمكن أن نعتبر القصيدة الفصحى والتشكيل لوحتين متكاملتين نخبويتين ..ونعتبر القصيدة الزجلية مع فن الكاريكاتير لوحتين متكاملتين اجتماعيتين ..ولنقترب من التجربة أكثر يمكننا الاطلاع على ديوان عرصة الذياب ..المعروض في الأكشاك حاليا
محمد اللغافي شاعر