الزجال محمد مومر
بلبل الشاوية
هكذا يطيب لصديق الجميع علي مفتاح أن يسميه.
علي مفتاح يدرك أكثر من غيره أن مومر من سليلة الزجل والفن.
بلبل يحلق في سماء خريطة غنية فنيا وزجليا، أعطت للمغرب لونين زجليين هما : لبراول ولعروبي، وهل ننسى أن العيطة غنت الملحون ؟
لقد انفتحت العيطة وهي في أوجها على الملحون منذ عهد بعيد وبذلك كانت السباقة للتجديد.
منطقة مثل الشاوية لا يمكن إلا أن تهبنا بلبلا في مثل مستوى الزجال محمد مومر، يتفاعل مع كل الألوان ليأتينا بلون يحمل بصماته الخاصة وابتكاره المتفرد شكلا ومضمونا. من ثمة كانت قصائد الزجال مومرية ...
فوق ذاك لهوى هوات زغبة رقيقه...
الزجال لم يقل تحت ذاك لهوى، سيستعمل ظرف المكان " فوق" ليقربنا من الصورة.
ومع ذلك نحتاج لأكثر من قراءة ولمجهود كبير لنستطيع الاقتراب من جملة ملامح المتن.
متن لا يسمح بالدخول فيه إلا لمن يملك زادا معرفيا.
لقد تناول الزجال محمد مومر رمزا جديدا، لا نكاد نعثر على زجال تناول الزغب بهذه الكيفية العميقة.
حين يجد القارئ نفسه أمام رمز مثل "الزغبه" التي وردت في المتن 11 مرة ، والشيب 4 مرات تصبح كل التأويلات ممكنة.
الزغبة هل يعني بها الحياة ؟ العمر ؟. الفكرة ؟ الحكمه التي تنبع من الرأس ؟ الرؤية ؟
من أين للزغبة بهذه القيمة كلها ؟
لعل قيمة الزغبه في قيمة الجسد . وقيمة الجسد هل هي في قيمة الروح؟ .... وقيمة الروح أين تكمن؟
هل هذا كله من عشق الصوفي للجسد ؟
ما هي الإشارات التي تحيلنا على تكهناتنا؟
لقد وردت كلمة الهوى 4 مرات في القصيدة ! ما ذا يعني ذلك ؟
لماذا جاء استعمال كلمة الرأس وحدها 7 مرات ؟
هل ليقربنا الزجال من طقوس معرفية يطغى فيها ما هو دهني؟
لماذا ضمير المتكلم ؟ ألم يستعمله من قبل الشعراء الصوفيون؟
سؤال يلد سؤال، سؤال يجيبك بسؤال إلى ما لا نهاية، والسؤال من قيم الكتابة الزجلية الحديثة....
وإذا ما حاولنا الانفلات من السؤال أين يمكن أن نجد أنفسنا ؟
لن نجد أنفسنا إلا محاصرين برموز أخرى لها علاقة مع عالم الزجال مومر الصوفي حيث تحيلنا على السفر نحو العلو كما تعبر عنه المفردات التالية :
كلمة "عَلاَّتْ " تكررت 4 مرات ،
الغيوم والسحاب ( 3 مرات)
بالإضافة إلى: نجمات / رِيحْ / السما / الشَّمْسْ / الگَمْرَة ....
يمكن القول بأننا أمام متن زجلي كل ما كان غامضا في بعده الجمالي يبقى في نفس الآن مفتوحا لكل القراءات العاشقة، لأننا نستشف من استعاراته ثراء لا حدود له.
هكذا سيظل الزجال محمد مومر يسمو برموزه لا ليخلصنا من مشاق السفر ولكن ليقذف بنا في ميتافيريقية الرمز وهو يقول :
وعَلاَّتْ
بِينْ السّْمَا
والغِيبْ
حْدِيثْ
فْهَادْ لَحْدِيثْ
القصيدة تحتاج لأدوات نقدية حقيقية إذا ما أردنا تفكيكها فعلا.
ألم أقل في بداية هذه القراءة العاشقة بأن المتن لا يسمح بالدخول فيه إلا لمن يملك زادا معرفيا.
شكرا لكرمك الإبداعي يا مومر لأنك تدفعنا على الأقل للرفع من رصيدنا المعرفي....
إدريس امغار مسناوي
تيفلت 14 / 05 / 2010 م