(1)
جلس
في قفص الاتهام مبتسما
ورائه عشرات المحامون
منهم من أتى
بدافع الغيرة و النضال والوطنية
ومنهم من أتى
ليلمع ويشهر اسمه
بهذه القضية
ورائهم
العشرات من المناضلين
والكادحين والطلبة
هم كل من وصل
لقاعة المحاكمة
والمئات ظلت تائهة
وفي الشوارع الجانبية محاصرة
أتوا من بعيد للمؤازرة
يتسألون ...؟
أسيحكمون عليه بالبراءة
أم سيرجعونه للزنزانة
اندس بينهم طابور خامس
يحصي عليهم الأنفس والحركة
(2)
دخل الرئيس
وقف الجميع
متأبطا حكما جاهزا
فلا داعي للدفاع أو المرافعة
همس البعض إنه من الخونة
لقد حاكم
في عهد الاستعمار آبائنا
وهاهو اليوم يحكم
في عهد ا لاستغلال على أبنائنا
دخل وكيل النيابة عابسا
شاهرا سيفه للمبارزة
(3)
قال له الرئيس :
قف
اسمك لقبك مهنتك
قال:
اسمي :
ناصر الكادحين والطلبة
لقبي:
فاضح أسرار الكبار
مهنتي :
التوعية
فأديت ما علي من مسؤولية
ضجت القاعة بالتصفيق
اغتظ الرئيس
أمر بخروج الجميع
(4)
قال له الرئيس:
إنك متهم
بفضح أسرار ثروات الكبار
وتتهمهم بأنهم عصبة من الأشرار
و ناهبون للمداشر و الديار والقفار
وفي أخر أيامهم لن يجدو
قاربا واحدا للفرار
إلى من منحوهم الجنسيات
وضمنوا لهم الحماية و الاستقرار
فقال :
الكل في بلادي
يعرف هذا
ويعرف أنهم ( مناقطية )
وحتى الأطفال الصغار
(5)
قال له الرئيس :
إذن تعترف بالتهمة الأولى
دون خوف أو إنكار
فلننتقل للتهمة الثانية
أنك تقول :
أن البلاد
لا توجد فيها حرية
وتعيش في كنف الدكتاتورية
وأنك ستحاكم
بدون ضمانات قانونية
فأجاب :
أمن الحرية
أن أحاكم في قاعة خالية
وأين هذه الضمانات القانونية
وأنت تستبد في أقوالك
و تقاطع أقوالي
وأقوال دفاعي
في كل لحظة وثانية
و الآلاف من أنصاري محاصرون
في الشوارع الجانبية
ويتعرضون لك أنواع الأذية
قال له الرئيس :
اجلس أنك سياسي
ولكنك لا تعرف كيف تلعب
لعبة الديمقراطية
قال :
أمن الديمقراطية
أن أصمت
وأنا أشاهد
ثروات بلادي تنهب
فقال له الرئيس :
اجلس
ولا دعي للخطب الرنانة
وا لديماغو جية
(6)
جرد وكيل النيابة
سيفه للمبارزة
فطلب بأقسى عقوبة
كان يطالب بها
في عهد الاستعمار
لرواد الحركة الوطنية
وأنهى كلامه قائلا :
سيدي الرئيس
إذا كان الحمار حمار
فمن أدب السلوك و الديمقراطية
أن لا تقول له حمار
ويجب أن تعامله بوقار واحترام
حتى يقضي نحبه
أو يلوذ بالفرار
(7)
ترافع المحامون
فطلب الوطنيون بالبراءة
أما الذين أتوا للشهرة
فلم يضيفو جديد للقضية
رفعت الجلسة للمداولة
(
دخل الرئيس مبتسما
ظن الجميع أنها البراءة
فلما نطق بالحكم
صعق الجميع
عشر سنوات سجنا نافذة
ومائة و خمسون ألف درهم غرامة
وقف في القفص وصاح قائلا :
أشكركم على النزاهة
إنها البداية
ولن تكون النهاية
وضريبة حب الوطن
ليس لها
بداية أو نهاية