كانت القصيدة تكبر وحدها.. ترسل شغفها للمغني وتنام على شوك اللهفة
كانت مراهقة تغمض جسدها بمايوه ضيق..وتترك تفاصيل وجهها لمخالب المتقاعدين عن العمل..
كانت القصيدة تكبر مثل النهر ..وتختنق مثل حافلة الطرقات العامة..
لم تسأل يوما إن كانت أنثى أم غول ؟!
إن كان عليها أن تخرج من الماء أم تتعفن بصمتها ؟!
كانت تركض خلف المعنى ..وتلعن الوقت الوحش ..تفتح رئتيها للريح .. وتفكر مثل سيدة عجوز تحشو صدرها بالقطن ..لتفتن بائع الحليب
كانت القصيدة تطفو على براميل الحزن ..تموء بين جثث الكلام البذيء ..تشعر بالموت لكنها لاتموت
أخبرني الاسكافي العجوز , أنه رآها ذات صدفة تلمع على أقدام شحات قدت ضحكته الطرقات
وتحت ممرات الحلم في عيني فتاة الكبريت
وخارج المستحيل تراقص سندريلا
بائع الحلوى قصيدة تكتمل بضحكة آخر النهار
الوطن قصيدة تعرج على صدرها لتصل إلى المنفى
الموت قصيدة نسيت كيف تعود إلى جسدها.
ما الذي ستضيفه الطعنة للناي .. دمي أخضر لكني لا أطير .. ذاكرتي سيجارة من تبغ الهراءات
من يسرقني من جسد العشيرة ؟!..الحجر أجبن من أن يهب الوردة قبلة .. الحجر أكثر فراغا من الهواء ..
قال لي أبي ل تكن ما تشاء ..
فقط لا تكن نجما حتى لا يرميك الأصدقاء بالشتائم
لا تكن أنت ..حتى لا يخذلك اسمك ..
أبي الذي لا يجيد العدو .. أهداني قنديلا وأرشد أنياب الوجع إلى قلبي.
لم يكن على القصيدة أن تكونني .. أنا الذي لا يحبني أحد .. الذي يساومه الكلام على اسمه
….
سنجد اسما للحرب أيضا ..
آخر جندي ..كان مقتنعا جدا بأن الرصاصة التي أخطأته تركت جثة أشد ثقلا من الحياة
لم يقل هذا أحد .. الموتى لا يخبروننا الحقيقة ..الموتى أنانيون ..
…
كانت القصيدة فرصة لأتلقى صفعة من ثقب في الكمان .. حتى لا أكترث بالأرض وهي ترهن نهديها للغائبين وتفتش عن حقيقتها في غوغل ..
كانت ..عاهرة تتدحرج على سرير الحكاية
تستلقي في غياهب القلب
تكشف عن ساقيها
وتحكي لي عن مغامراتها خارج أسوار الكنيسة
…
الآن كيف ستعرفني القصيدة ؟!
كيف ستغتابني في المكيدة المناسبة .. ؟!
أنكركم لأنكم أنتم .. أخطاء اقترفتها السماء عن عمد /سهوة الإثم الذي يهرب من النبيذ /
طـُـعما سيئا في سنارة الموت ..
وجعكم أنكم أنتم .. وأني لا أنتمي لرماديتكم ..سأصفق لكم وأنتم تنطفؤون .. وأنتم تنسلخون من ابتساماتكم المرنة وتزجون بأظافركم في ضحكتي
سأبدو غبيا كما تشاؤون ..وسمّا مخبأ في عرق نواياكم ..وسأفتقدكم بالتأكيد حين تذهبون إلى النار ..
_____________________
جلال الأحمدي _ اليمن