... تراه دائما جالسا القرفصاء, متكئا على حائط منزله المهترئ ,ساهما ,فاغرا فاه , تتدلى من شفته السفلى سجارة تبغ أسود..تتجاهله حرمه و ابنته المصون , تخرجان في تبرج سافر,تغيبان بالساعات,وأحيانا بليال , ترجعان بقفة مملوءة يعلوها دوما كيس صغير أصفر مغلق باحكام.تساءلت مرارا هل هذا الذكر ضيع احساسه في احدى متاهات دروب الحياة, أم هي غلبة انثى لا تشفق ان غلبت ولا تحن,أم جور زمان على انسان حرم حق القوامةّوالرجولة؟
ديوث ,كلمة حقا تنطبق على هذا الطلل الذي نخرت أسنانه سجائر رخيصة ,وكؤوس خمر رديئة المبلع , تزوده به سليلته ليغض الطرف .
يوما وانا آوب من الثانوية,ألفيت أمي تودع احدى الجارات باستعجال اوصدت الباب وهرولت الى احدى النوافذ تنادي اخي في حنق باد وصوت حاد .سالتها بدهشة ما بها,فأجابتني عن سؤال لطالما حيرني قائلةّ:
-أخوك يجلس مع الجار يرشف من قهوته .
لم أفهم انذاك ما علاقة القهوة بأخي ,فجاء الرد حازما:
-تقسم الجارة تلك أنها رأت بأم عينها زوجته تضع في قهوته مسحوق مخ الضبع, تشتريه من عند أحد المشعوذين بثمن خيالي,و النتيجة كما ترى شخص شاعت الفاحشة في رعيته و هو كالمخبول ,ماتت فيه النخوة و انزوت منه الرجولة الى ركن سحيق ,يري المنكر بام عينه دون هش ولا نش.
اتجهت رأسا صوب النافذة ذاتها أنادي أخي بصوت أعلى وأحد من صوت امي..........