قفص الحرية

قفص الحرية

في عالم تتراقص حوله أشباح الحاضر القاتم بأهواله، وتِحيط بخصره مناهل الماضي العائم بأسماله، وتغازله أصقاع المستقبل الهائم بآماله!
في هذا العالم، قد يكرمك شخص ما أو هكذا تظن -وبعض الظن يقصم ظهر ظلك! - وأنت كريم فتشعر أنك صرت ملكا له، فتعطيه ما تظن أنه يستحقه، ويقدره، وتكون مستعدا للعطاء اللامتناهي ظنا منك أنه يبالي، وأنت لا تباهي...
قد تغترّ بحسن فعاله، وأنت لا تعرف ما في طواياه، وما حوت خباياه، وكنه اللون في قنّ نواياه! ...
ستحسّ، أو يُخيّل إليك، بأنك تحلق، وأنت في قفص كرمه، وأن الدنيا أرحب، وأنت في حدود عالمه، تهيم حيث تظن أنه يقيم، وتحط رحالك حول خيالك! وترتق له سماءه بأرضك و...
فجأة، ترتطم فعالك بظنونه، ويعرّي يقينك مكنونه؛ فينقلب إليك ظنك كسيرا، حسيرا، فإذا بقفص كرمه يضيق بك، وتحس بـ"طقطقة" عظام صدرك بين جنبيه! وترتعش نبضات قلبك بين فكيه...
حينئذ، تشتاق لحريتك، لعالمك الرحب، لصوتك الحالم، لنسيم تمطى ذات حلم فيك، وتناثر ظله بين يديك... حينها تحس بسجانك يخرج مختالا، محتالا، مع زفراتك، يهديك دون قصد خيوطك، يقضم حلمك، فتُكسر قيودك، ينسلّ منك، فتستلّ منه ستار حريتك، وتنتفض، تلمّ شتاتك، وتعيد حِلمك إلى ذاتك، تتهالك، ثم تتماسك حتى لا تعدّ ما فعله بك كرمًا جديدًا، فيأسرك في دائرة ظنك، فتخسر ظلك من جديد !!!!...