الزجال عبد اللطيف الخمسي
يقول الناقد نجيب العوفي " الشعر هو الذروة والسلم للغة ".
قال قبله الشاعر الفرنسي ب. فاليري " في كل قصيدة عظيمة قصيدة ثانية هي اللغة ".
يمكن أن أستعرض استشهادات أخرى كثيرة في هذا المجال تذهب كلها لأهمية اللغة وما يمكن أن تخلقه زجليا من خلال الصور التي تبدعها نسجا وخيالا.
أذكر بأنه سبق لي أن توقفت عند بعض منها في قراءات سابقة لي نشرت بجامعة المبدعين المغاربة.
وحتى لا أنسى الصورة الزجلية .
تبقى الصورة الزجلية من أحد أسوس القصيدة. هي رهاننا جميعا، وهي مسعانا في بناء ما نحاول جاهدين تحقيقه فنيا.
الزجال عبد اللطيف خمسي من هؤلاء الغيورين الطموحين المنفتحين على لغتهم. تحديه يزيده ثقة في الدخول في عمق المغامرة ، ما دام الإبداع مغامرة.
قصيدة " ما سخيتش " التي بين يدي أعطى فيها الزجال للغة أهمية كبرى. من هنا جاء سر القبض على أحد قراءه ( أنا العاشق الولهان لكل الأشكال والألوان دون استثناء ).
بالفعل، سبق لي أن عبرت عن ذلك في مناسبات عدة حيث أعطيتُ ولا زلت أعطي الأهمية الأولى للمعجم. اللغة بالنسبة لي تبقى هي عماد النص. من لا يمتلك المعجم لن يسافر بأفكاره وبخياله بعيدا، ولن يتمكن من نسج ما يحتاجه نصه من صور.
أسجل عند عبد اللطيف خاصية تميزه هي : انفتاحه الجريء ودون قيود على القاموس الدارجي المتجدد دوما عبر الزمان والمكان مخترقا بذلك الحدود الوهمية أو الجغرافية، أقصد اللغة الثالثة كما يسميها البعض، تلك المتداولة في البيوت والمؤسسات والجلسات الحميمية التي لا تعترف بالمحلية ولا بالجهوية.
يمكن أن أقول ودون مبالغة في ذلك من أن الزجال عبد اللطيف ( تايخَدّّم وذنيه بجوج بذكاء ) لأنه يمتلك حسا لغويا.
هذه بعض المفردات التي يؤسس منها وبها عبد اللطيف معجمَه منفتحا مرة على اللغة الثالثة ومرة أخرى حافرا في التراث على مفردات منسية أو متناسية. لنقف على بعض منها :في الحركة والتنقل : اْسافر ، مْهاجر ، نَرْكب ، نْروح ، سَيَارة ، الموج ، البحر ...في الكرونوس : الزْمان ، بْدايْتي ، نْهايْتي ، طٌفولْتي ، عمري ... في المكان : لبْحر ، قبْري ، جَنَّة ، بَرْ ، بْلادي، ماها ، تْرابْها .....مفردات تحيل للغسق والقلق : الْموت، اليَأْس، الأشجان، الحرمان، المحنه ،مهموم، ضايع، مذبالة، القبر، يَاخْسارة...( تذكرنا بالوجدان الشقي )مفردات تحبل للفرح والانشراح: أَحْلامي، أماني، أنْوار، نخوه ، الشَّمس، راحْتي، صافي، حلو، رخفة... نْتأَمَّل، تتْمنى، نَحْلَم ، نعَبَّر ، نفوَّج ، يتبدل، نْجدَّدْ .....( تذكرنا بالوجدان السعيد )مفردات من الدارجة الراقية : أَحْلامي، أماني، أنْوار، اسْـتَنْشقتو. الألحان ، الأشجان ، أنفاس، الحرمان، تَعْبَك، طاقْتي، لْوَضْع ، شاق ، ممزقة، التـِّيه ، تاجر الْموت، قارَبـ الْموت، الإنسان، نكل ...وأنا والﯖثارة والألحان وأنا... /وأنا والﯖثارة والأحزان. وأنا..
وأنا والﯖثارة ولأشجان وأنا.../ وأنا والﯖثارة والحرمان. وأنا..في مكاني انا باق... / مهموم ضايع شاق... / نفس حايرة ممزقة.../ أجفان مذبالة وزرقة...شاعرية التضاد بالإضافة لما سجلناه أعلاه من ألفاظ تحيل عن حالتي الحزن والفرح ، نرد هنا مفردات تضادية أخرى جاءنا بها المتن، منها :رخفـــة # شـدَّةالموت # نعيشبدايتي # نهايتيالفرح # الأحزان أو الأشجانلبحر # البر اليأس # نجدد طاقتيالتيه # بر الأمانالتعب # الراحه.أكتفي بهذا القدر من المفردات وأعود للزجال .عبد اللطيف خمسيأملي كبير من أننا سنستفيد من تحدياتك الإبداعية على جميع مستوياتها ( لغة وصورة وفكرا وإيقاعا)، يقول أدونيس : كل فقر في اللغة إنما هو فقر في الوجود وفي المعرفة وفقر في العقل.دمت في خدمة القصيدة الزجلية وأنت تثري لغتها بحب وتفان...
ادريس أمغار مسناوي
تيفلت : 05 / 10 / 2010 م
____________________________________
استسمحك عبد اللطيف على هذا التفاعل .
ماذا لو قرأنا جميعا أحد مقاطع قصيدتك كالتالي مع حذف واو العطف:
_ لبحر بدايتي ... لبحر نهايتي
لبحر عمري ... لبحر قبري
_ اجفان مذبالَه زرقَه / نفس حايرَه مْمَزقَه : ( تبديل التاء بالهاء حتى لا تنطق من جهة و حتى تدرج من جهة ثانية )