شاعر يحكي..................

شاردا أمشي على الرصيف , تقبض أصابع يدي اليسرى على جريدة يومية , شبق غريب يلهث في أحشائي أحلام من نوع سوف أفعل, تترامى على ذهني . الخطوة تلد ثانية وإتجاهي غير معروف.
صامتا أتوقف قرب محطة المسافرين, أحك مؤخرة رأسي بأنامل يدي اليمنى, ألعق شفتي بلساني حتى أبدد جفافهما.
الضجة تنتقل عبر جوانب المحطة , منبهات الحافلات تحطم السكون . الحمالون يعرضون خدماتهم على أصحاب الأمتعة . المتشردون والمتسولون يعترضون سبيل المسافرين مادين أيديهم..
نظراتي الفضولية تطارد الحسناوات المسافرات , تغازل بصمت هذه وتلك . كثيرون من عشاق النساء يتخدون من المحطة مقرا لسد حاجياتهم ,..كهلة ثخينة الجسم تحمل كيسا بلاستيكيا ضخما , تقترب مني , صوتها ذو الرنة الأطلسية يطرق اذني:
-هل أستطيع ان أسألك يا ولدي الله "يرضي عليك "؟؟
-تفضلي
-في أي ساعة تتحرك الحافلة المتجهة نحو دمنات؟؟
-لا أعلم يمكنك أن تسألي قاطع التذاكير أو أحد الحمالين .
تسأل الكهلة أحد الحمالين ثم تعود من جديد الى الإقتراب مني, تقول:
-قال أنها لن تتحرك قبل الساعة الواحدة
لم أعلق على كلامها ,تتابع الحديث:
-لقد جئت لزيارة إبني..إنه يعمل مهندسا وقد تزوج منذ بضعة أيام بمعلمة , جئت أبارك له لكنه غير عنوانه ومقر عمله فلم أجده, إنه يتهرب مني رغم أنني أمه..
دون أن أنبس بكلمة , أبتعد عن الكهلة , وأتابع المسير . مشاكل من هذا النوع مللت سماعها...
أدخل مقصفا لبيع العصير , فتيات بميداعات المدرسة , يضعن أحمر الشفاه , والبودرة , وطلاء الجفون , يجلسن الى طاولات المقصف , شبان يرتدون سراويل فضفاضة وأقمصة ملونة يحاذونهن في الجلوس. بعضهم وبعضهن كان بدخن, أجلس بمواجهة فتاة المقصف العاملة خلف الحاجز الخشبي , نظراتها تلتهم وجهي الشاحب , تتسلل الى ياقة قميصي ثم السلسلة الذهبية التي تحيط بعنقي , تسألني بصوت ناعم :
-ماذا تشرب ؟
-عصير موز من فضلك
تمر دقائق ., تقدم لي عاملة المقصف كأس العصير. فتاة في حدود العشرين تقترب من مكاني تجلس بمواجهتي , شعرها الأشقر المعقوص يبدو ساحرا , بشرتها الناعمة تبعث الدفء, تخرج من محفظتها علبة سجائر , تمسك لفافة تبغ , تودعها بين شفتيها المطليتين بالروج ..تسألني عود ثقاب , أعتذربخجل فانا لا اذخن,, تسأل فتاة تجلس على يمينها , تلبي طلبها . تنقث ذات الشعر الأشقر دخان سيجارتها بانتشاء , تضحك في وجهي كلما التقت نظراتنا . تمر دقائق على هذا الحال. أخرج صحبتها , نستقل سيارة اجرة الى شقتي , تسألني الفتاة اثناء الطريق :
-هل تعيش وحدك؟
- نعم منذ خمس سنوات والداي يعيشان بدكالة
-انا طالبة جامعية أسرتي تقيم بسطات.
التاكسي يتوقف , بمعية الفتاة انزل , أنقـد السائق أجره , صحبتها أسير على الرصيف . نتخطى باب العمارة حيث توجد شقتي . نتسلق الدرج بخفة , أخيرا نصل , ندلف الى الشقة , تطوف الفتاة بين غرفها الضيقة . تجلس الى مكتبي , تعبث ببعض الاوراق المتناثرة عليه , لا أعارض , تقرأ إحداها بصوت مرتفع , أبتسم في وجهها , صوتها يتسرب دافئا الى مسامعي:
-هل تكتب الشعر؟
-منذ زمن بعيد
- أنا احب الشعر كثيرا , أقرأ لنزار قباني والبياتي وأدونيس والمجاطي..
ابحث لحظة , امسك بكتيب صغير اقدمه لها ضاحكا :
-هذا ديواني الاول طبعته مِؤخرا بتحويشة العمر ..اقدمه لك هدية .
تنفرج شفتاها عن ابتسامة ثم تقول :
-انها المرة الاولى التي ارافق فيها شاعرا الى بيته...
محمد محضار
نشرت هذه القصة بجريدة العلم المغربية يوم 2 غشت 1986

القاص محمد محضار

نص ممتع سردا وتشويقا
تحياتي

نص راق من حيث الأسلوب كسرد سلس وتيمة الموضوع ذكية

دمت متألقا

عدد الرسائل : 403 تاريخ التسجيل : 18/12/2008

قصة قصيرة تتحلى فيها خصائص الحكي بتقنية واعية

لك قدرة على التخييل
شكرا لك

السلام عليك أخي محمد
نصك بدون شك قصصي سردي رصد أحداثا اجتماعية و مس المعيش منها و أعطى صورة شمولية لما عليه مجتمعنا من عقوق ولا مبالاة بالام الاخرين و تفسخ.لكن,العمل الوظيفي للقصة غاب عنه التنظيم و التشويق و جاء على شكل فلاشات تنقلت عبر المكان و عبرت الزمان دون الوقوف عند الغائية من النص.كما انه لم يؤثث لفكرة تكريس الأخلاقيات بل كان هناك استرخاص لبعض القيم الاجتماعية المطلوب ترسيخها لا الخجل منها. ...القصة بنيت على بديهيات ...دون ربط هذه الأحداث بأية فكرة مجدية,بناءة و تقويمية لانبعاجات المجتمع التي طالت حتى شخصية الأديب في لحظة تجلي وحدة الانطباع في القص.
تقبل تحيات أخيك عدنان

عدد الرسائل : 556 تاريخ التسجيل : 19/03/2008

الأستاذ المحترم عدنان الهمص أهلا وسهلا بك

بالنسبة لنص "شاعر يحكي" هو نص تفصيلي لبعض التفاصيل الدقيقة التي وجب الوقوف عندها
فمحمد محضار كان ذكيا في التقاط بعض الصور لنترصد معه هذا السلوك الذي أصبح متفشيا ..فلا يجب أن نعكس النص على صاحبه بينما نعكسه على المجتمع..ثم بأن النص نشر بتاريخ قديم 1986هذا يعني أن سي محمد محضار كان في بدايته ..
لهذا يا سيدي أنتهزها فرصة لأدافع عن النص كنص في طريق النضج يحتمل تأويلات المتلقي ..
شكرا لك وللحديث بقية
أخوك جمال السيد

جمال السيد
الأستاذ المحترم عدنان الهمص أهلا وسهلا بك

بالنسبة لنص "شاعر يحكي" هو نص تفصيلي لبعض التفاصيل الدقيقة التي وجب الوقوف عندها
فمحمد محضار كان ذكيا في التقاط بعض الصور لنترصد معه هذا السلوك الذي أصبح متفشيا ..فلا يجب أن نعكس النص على صاحبه بينما نعكسه على المجتمع..ثم بأن النص نشر بتاريخ قديم 1986هذا يعني أن سي محمد محضار كان في بدايته ..
لهذا يا سيدي أنتهزها فرصة لأدافع عن النص كنص في طريق النضج يحتمل تأويلات المتلقي ..
شكرا لك وللحديث بقية
أخوك جمال السيد

السلام عليك اخي جمال ورحمة الله
كنت من ضمن المتلقين اخي وذاك تاويلي للنص.
اذا لم تستوف نضجه منذ ذاك الحين... فلنتركه يتم نضجه.
وننتظر تاويلات اخواننا اعضاء المنتدى. ..وساتابع ان شاء الله
تحياتي
اخوك عدنان

مشرف عدد الرسائل : 1048 تاريخ التسجيل : 26/05/2007

تحية إبداعية

شكرا لزرع الحياة أولا في هذا الركن الذي كان شبه جامد
تحية للقاص الرائع محمد محضار ونتمنى أن يسع صدره النقد
تحية جادة للقاص عدنان الهمص وشكرا له على أنه أثار هذا الجدل نعتبره مجرد استفزاز لضخ دماء جديدة في ركن القصة القصيرة..
وأعتقد أن سي عدنان الهمص لم يقصد الاساءة للنص وإنما حالو لفث النظر إلى هذا الركن من خلال قصة شاعر يحكي ..
نتمنى التوفيق للجميع وهنيئا لنا بكم

الزهرة درار
تحية إبداعية

شكرا لزرع الحياة أولا في هذا الركن الذي كان شبه جامد
تحية للقاص الرائع محمد محضار ونتمنى أن يسع صدره النقد
تحية جادة للقاص عدنان الهمص وشكرا له على أنه أثار هذا الجدل نعتبره مجرد استفزاز لضخ دماء جديدة في ركن القصة القصيرة..
وأعتقد أن سي عدنان الهمص لم يقصد الاساءة للنص وإنما حالو لفث النظر إلى هذا الركن من خلال قصة شاعر يحكي ..
نتمنى التوفيق للجميع وهنيئا لنا بكم

السلام عليك اختي زهرة ورحمة الله

ركن القصة القصيرة اختي لم يكن ابدا جامدا
بل من الاركان التي كانت في حركية وتفاعلات دائمة
ونقاشات وتحليلات وتفكيكات واستقراءات للنصوص..
وهذا شيءلا يمكن ان ينكره احد ان كان متتبعا بحق.
ارجو ان تتسع صدورنا للتفاعل والنقاش فبه ومنه نتعلم كلنا

تحياتي الحارة

الاخوة الأفاضل السلام عليكم

كنت أتابع عن بعد ولم أشأ التدخل لأن المسألة كانت مجرد رأي في نص
ولكي أكون منصفا فمحمد محضار كاتبنا الجميل كتب الموضوع وتركه لأنه لم يعد ملكه بل أصبحا ملكا للمتلقي ، والقاص عدنان الهمص كذلك كتب رأيه لا غير ، بينما التدخلات الأخرى حاولت تأجيج الوضع ، ومن وجهة نظري وكما أشار القاص المصطفى سكم أن نضع النص تحت المجهر لمناقشته بعيدا عن أي حساسية .
مع التحية والتقدير

="مصطفى رضوان"][الاخوة الأفاضل السلام عليكم

كنت أتابع عن بعد ولم أشأ التدخل لأن المسألة كانت مجرد رأي في نص
ولكي أكون منصفا فمحمد محضار كاتبنا الجميل كتب الموضوع وتركه لأنه لم يعد ملكه بل أصبحا ملكا للمتلقي ، والقاص عدنان الهمص كذلك كتب رأيه لا غير ، بينما التدخلات الأخرى حاولت تأجيج الوضع ، ومن وجهة نظري وكما أشار القاص المصطفى سكم أن نضع النص تحت المجهر لمناقشته بعيدا عن أي حساسية .
مع التحية والتقدير

السلام عليكم و رحمة الله
الأخ الفاضل رضوان مصطفى
أدرج ردكم البهي في اطار الردود الرصينة و المتزنة
التي تتغيى الاقلاع بمستوى الجامعة
أثمن اقتراحكم و أطلب من الأخ سكم وضع النص في ركن تحت المجهر.
تقبلوا تحيات ابنكم عدنان

<TABLE border=0 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%"> <TR> <td colSpan=2>] </TD></TR></TABLE>
	<TABLE border=0 cellSpacing=0 cellPadding=0> <TR></TR></TABLE>

<TABLE border=0 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%">

<TR>
<td colSpan=2>]أشكر كل الإخوة المبدعين على التفاعل مع هذا النص ن الذي كتبته سنة 1986 وعمري حينها يقارب ربع قرن ..كتبته بأسلوب ظننت أن فيه تكسير للنمطية السائدة التي تحتفي بالبلاغة اللغوية وتهتم بالأسلوب أكثر من الموضوع.. وهو عبارة عن لقطات مقتنصة من صميم الواقع لقطات تدخل في الحياة اليومية والعادية لكل فرد، المفارقة الوحيدة هي أن بطل النص الذي يتفاعل مع اللقطات العادية شاعر ن والشعراء لهم نظرتهم الخاصة للحياة وللمجتمع وكل مايرونه يصطبغ بالإسقاطات الداخلية لما يضطرم في ذواتهم من أحاسيس ..بطل النص له عالمه الخاص الذي يجعله احيانا يتعامل بنوع من اللامبالاة مع بعض الوقائع كتجاهله للكهلة المتدمرة من عقوق إبنها ، للحديث بقية مودتي للجميع ,أنوه برأي كل الإخوة وصدري متسع لكل الإنتقادات والتوجيهات التي قد تفيدني في تطوير تجربتي ..فما أحوجنا الى مثل هذا التفاعل الذي يبتعد عن الردود الجاهزة /size]

</TD></TR></TABLE>

تحياتي لكل الإخوة الذين تفاعلوا مع النص ومنحوه فرصا جديدة للحياة..هذا النص كتبته وعمري 24 سنة، في فترة الثمانينات التي تميزت بتغييرات جدرية مست المجتمع المغربي الذي كان يعيش تحت وطأة الأزمة الإقتصادية وسياسة التقويم الهيكلي الذي فرضه صندوق النقد الولي سنة 1983..النص حاول اقتناص لقطات من صميم الواقع اليومي العادي والذي يمكن أن يصادفه أي فرد، المفارقة الوحيدة هنا أن بطل النص شاعر ، ونظرة الشعراء للأشياء تصطبغ دوما بإسقاطات داخلية تتجاوز النظرة القاصرة للأشخاص العاديين .. تبقى الإشارة الى أنني جد سعيد بكل الردود الجيدة والمتميزة التي قاربت النص ، وصدري متسع لكل الإنتقادات والتوجيهات التي تساعد على إضاءة عتمات نصي المتواضع..موتي للجميع

السلام عليك اخي محضار ورحمة الله

احيي فيك روحك الرياضية الادبية العالية..
واثمن جهود كل الاخوة لارساء مبدا التحاور
والنقاش الجاد.
نصوصنا تحيا بنا وفينا ....مهما مرت السنون
فتلك حقبة لا تنسى بكل تفاعلاتها ومورانها
وغليانها وما تركته من اثر لا ينمحي في انفسنا.

تحيات اختك مهدية

اماني مهدية كتب:: السلام عليك اخي محضار ورحمة الله

احيي فيك روحك الرياضية الادبية العالية..
واثمن جهود كل الاخوة لارساء مبدا التحاور
والنقاش الجاد.
نصوصنا تحيا بنا وفينا ....مهما مرت السنون
فتلك حقبة لا تنسى بكل تفاعلاتها ومورانها
وغليانها وما تركته من اثر لا ينمحي في انفسنا.

تحيات اختك مهدية

شكرا للأستاذة مهدية على المجهودات الجبارة التي تقوم بها لتطويرالجامعة السردية ..وكذلك مدهاجسور التواصل مع كل المبدعين

» نص تحت المجهر: شاعر يحكي...محمد محضار
» قراءة لقصة محمد محضار(شاعر يحكي)
» معلم يحكي...............
» معلم يحكي.....محمد محضار
» شاعر و مشاعر