أبي...

مات أبي،رحمه الله...
كان رجلا قويا..صارما..يحب النظام،و لا يريد عنه بديلا..
إذا حضر بالمنزل،امتص الفضاء كل صوت..و إذا خرج ترك بين يدي أمي السوط..
رغم احتجاجي،ما خرج عن الصراط المرسوم..قلت في نفسي: إنه أمر لن يدوم..
و فجاة رحل،و كأن أربعين حولا رمشة عين..
بكيناه بحرقة،فقد ترك في أنفسنا فجوة..
رأيت ابتسامة ابني كبيرة..و قد رأى أبي:
قد لبسني...!

العزيز عبد الرحيم ماذا أقول وأنا الذي تجمعني بتيمة الموت علاقة خاصة إلى حد خصصت لها لحد الآن بهذا المعهد أربعة نصوص قصصية فصيرة ...فعلا أحييت في فعل الموت بكل أبعاده النفسية والاجتماعية والوجودية بل والميتافيزيقية
وللموت جلاله ، ترتعش الأنامل التي تكتب عنه وهو ما تجلى في هذا النص المخالف من حيث صيغته ونفسه السردي عن طريقتك الاعتيادية في السرد وتعكس حالة نفسية ممزقة تهاب ما بعد الموت لكنك هنا ، أنت الحي الميت ، وابنك هنا ، الحي الميت ...لتستمر دورة الحياة..تعصرها الحرقة وألم الفراق ورجة بنية الأسرة وإعادة ضبطها الذاتي....كل شيء يبقي على حضوره رغم الموت ، فالتكيف آلية للاستمرارية تحملها الصبغيات ،والتنشئة الاجتماعية...إنك تحمل والدك فيك...إلا السوط لا أظنه بين يديك..وما أظنك إلا وأنت تهمس لا تمتص بقية الأصوات من الفضاء...
إيه أرأيت كيف أخدني الموت ..

رحمة الله ورضوانه على أبيك وأبي وكل الأباء

ولك طول العمر ومودتي الرحبة العطرة