سمى الاسلام التفكيرالعميق المتعالي عن الواقع حكمة . يوت الحكمة من يشاء ومن يوت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا .وهي صفة وصف بها كل الرسل والانبياء والمصلحين كلقمان والخضر
عليهم الصلاة والسلام .يعلمهم الكتاب والحكمة وهي دقة الاصابة في القول عن تجربة او حدس والهام ووحي. تتجاوز الظواهر الى الحقائق الكبرى للوجود والانسان والمصير.
اما الفلسفة فهي اصلا حب الحكمة والحب لايعني الامتلاك وسمي الفيلسوف محب الحكمة لذلك
اختلف الفلاسفة منذ القدم اذليست هناك فلسفة بل فلسفات تتعدد بتعدد الفلاسفة وتخضع للتطور والتجاوز والمراجعة والنكوص فافلاطون وارسطو مثلا عاشا في نفس البيئة الثاني تلميذ الاول
وبينهما بون كبير يوصف افلاطون بالمثاليةوارسطو بالمادية ويذكر في هذا الصدد قول ارسطو احب
استاذي افلاطون ولكني احب الحقيقة اكثر.
حكمة الاسلام كما يقدمها القران موجهة للناس كلهم الخاصة والعامة بينما كان فلاسفة اليونان ومن تتلمذعليهم كابن سينا وابن رشد الخ يرون انه يجب حجب الحقائق الكبرى عن العامة
في الاسلام هذه الحقائق مصرح بها عن الوجود وا لانسان والمصير هي معطاة كنص اذلانستطيع ان نصل اليها بعقولنا. يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي ومااوتيتم من العلم الا قليلا انها
حكمةربانية وموهبة تاتي عن طريق الوحي اذ العقل الانساني مقيد ومرتبط بظروف الزمان والمكان يمكن ان نتوصل الى حقائق عن المادي والمحسوس اما الحقائق النهائيةوالمجردة فوق الزمان
والمكان فلا سبيل اليها يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون تطورت كل
العلوم وتوصلت الى نتائج علمية بينما ظلت الفلسفة الى يومنا هذا اتجاهات واراء متضاربةوما زالت نفس القضايا التي بحثها اليونان هي هي لم تبرح مكانها.
اقترنت الفلسفة لدى كثير من الخاصة والعامةبالغموض والخيال والادعاء وعانى الفلاسفة من
السلطتين السياسية والشعبية في كل المراحل وكان هناك اتجاه نقدي اثبت وجو ده في مواجهة الفلسفة اليونانية بصفتها القومية وخلفياتها الوثنية كما سنرى مع حجة الاسلام الغزالي وكذا الامر
مع الفقهاء وكان الامام مالك يرد على من يتكلم في الغيبيات لااحب الكلام الا في ماتحته عمل
وسئل عن قوله تعالى الرحمان على العرش استوى فقال الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة وقال شاعر عن اقحام العقل في مباحث ما وراء الطبيعة
قل لمن يدعي في العلم فلسفة\\عرفت شيئا وغابت عنك اشياء
يبدا الاسلام بتعريفنا بالله الخالق وصفاته المطلقة التي لاتقارن بغيره من صفات المخلوقين فصفاته
كاملةتامة لايتصف بها غيره يتنزه عن كل نقص فالحياةوالعلم والقوة لديه في غاية الكمال بينما يتصف الانسان بصفة يفوق فيها كل بني جنسه ثم ياتي من يتجاوزه فكل حي الى هلاك وكل قوي الى ضعف وذل والنوابغ في كل فن سرعان ما يظهر انهم لايعرفون الا القشور .يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا .الانسان نسبي والله تعالى مطلق صفاته
الحق والخير والجمال والقوة قبل الوجود وبعد الفناء يعرف ويسير كل ذرة في الكون
خلق العالم بامره من عدم انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون خلق السماوات والارضوخلق ادم من ترابثم خلق منه زوجته واقتضت حكمته ان يعرفنا بنفسه فارسل الرسل وانزل الكتب وامر ونهى واحل وحرم ووعد المؤمنين الصالحين بالجنة وتوعدالكافرين والمنافقين والعصاة
بالعذاب الاليم جعل الدنيا وسيلة والاخرة غاية دعا خلقه الى عبادته وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وامربحسن المعاملةبين المخلوقين حدد العبادات وامر بطاعة الرسل والاحسان الى الوالدين والجار والمسكين وحتى الاسير المحارب نهى عن الظلم والقتل والفساد ولم يغلق باب
التوبة عن المذنبين بشرط الاقلاع والندم ورد الحقوق كلف كل فرد ما يطيقه ورهن الاعمال بالنوايا والاخلاص وذم الشرك والرياء الحسنة بعشر امثالها جعل الرخص ورفع الخرج في حالة العجز او الجهل والنسيان كالحج والزكاة والصوم وجه علاقات الحاكم بالمحكوم والرجل بالمراة يعرف كل خلقه
نواباهم واسرارهم فالقاضي النزيه المجتهد من البشر يحكم بالظواهر لانه لايعرف الغيب وكل مايخاله ادلة قد تكزن محبوكة مزيفة لذلك جعل التقوى معيار التفاضل واعتبار الله تعالى هو الرقيب
الذي لاتخفى عليه خافية جعل الحسنة بعشر امثالها اعلم عباده ان الدنيا زائلةوالقيامة اتية وما الحياة الدنيا الا لعب ولهو زما الحياة الدنيا الا متاع الغرور وسيبعثهم ويحاسبهم ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره واختص نفسه بالعلم المطلق ونهى عن السؤالفي ما لاطاقة للعقول بادراكه ابدا المحكم\المتشابه\التاويل قرن الايمان بالعمل الصالح ووصف نفسه بالعدل
ونزه نفسه عن الظلم جعل الناس مراتب وطبقات احيارا واشرارا غنى وفقرا قوة وضعفا اذ الوجود كله يقوم على التناقض فالغني سيسال عن ماله من اين اكتسبه وفيم انفقه والفقير طلب منه الكفاح
والصبروالعفةوالرضى بقضاء الله وقدرهوقديكزن مانراه في الظاهر شقاء هو السعادة الدائمة ويكون ما نراه من زخرف الدنيا سبب الشقاء الابدي فالغبرة بالنتائج وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم
وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون
يتميز الاسلام بانه منهج خياة يوازن بين مطالب الروح والجسدوهناكا مستويات في المعرقة والعمل
كما في حديث جبريل الاسلام والايمان والاحسان كل مكلف حسب طاقته ولا رهبانية في الاسلام
لو فارنا بساطة الاسلام الظاهرة كمنطلق وما يلف قلسقة اليونان من تكلف ورجم بالغيب وتناقض
خاصة في المباحث الميتافيزيقية كخلق العالم وصفات الخالق ودوره في تسيير العالم لوجدنا فوارق
لايمكن التوفيق بينها لذلك قام كثير من المفكرين القدماء برفض ومواجهة الفلسفة اليونانية سواء لدى بعض المتكلمين اولدى شراح ومترجمي تلك الفلسفةومروجيها ومعربيها
على راس هؤلاء حجة الاسلام ابو حامد الغزالي في كتابه القيم تهافت الفلاسفة اذبدعهم في عشرين مسالة وكفرهم في ثلاث
=قولهم بقدم العالم كقدم الله
=قولهم انه تعلى لايعلم الجزئيات ولايهتم بالعالم
=انكارهم البعث البدني والجنة والنار
هذا وقدتم ترجمة الفلسفة اليونانية بواسطة غير العرب وغير المسلمين وتناولها متفلسفة العصر الوسيط وحاولوا التوفيق بينها وبين الشريعة ففشلوا واثاروا عليهم الحكام والفقهاء والعامة
من يقرا رد ابن رشد على الغزالي يجد نفسه يدور في حلقة مفرغة ففي كتابه تهافت التهافت
يزعم الافرق بين الفلسفة اليونانية والشريعةالاسلامية وان اخلاف لغوي واذا وجدنا تناقضا نعتمد التاويللصالح العقل اليوناني يظهر ذلك مثلا في تقليده لهم واعتبارنعيم الجنة وعذاب النارغير حقيقيين بل هما مجردترغيب وترهيب العوام في حين ان الاف الايات تحدثت عن النعيم وتصقه وتكرره وتربطه بالرؤيةوالمتعة والالم خذمثلا سورتي الواقعة والرحمان ثم ان عقيدة المسلمين من القران والسنة والاجماع تخالف النظرة الوثنية اليونانية
كما نعيش الان تبعية حضارية كان ا لبعض قديما منبهرا بفلسفة اليونان كابن سينا وابن رشدوغيرهم
ومازال تلاميذهم يشرحون متونهم ويؤكدون اهميتها وقد سبق ان تناولت هذا الموضوع
من خصائص الامة الاسلامية الدين اذ منه انطلقت حضارتها والدعوة الى النهضة والعقلانية والحداثة
يرمي الى اخراس النص =الفران او تاويله وتفكيكه او بالاحرى تحريفه لكن النص قوي معنى ومبنى
وقوي ايضا بحراسه وحفظته
قال تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له حافظون
مامن كتاب يحفظ ويتلى ويؤثر ويثير ويحفظه العرب والعجم وهو احسن كتاب في المكتبة العالمية بادبه وحكمته اللهم علمنا الكتاب والحكمة واجعلنا من الراشدين...