[justify][b]
الظلام .. ..
الظلام .. قلعة السكون .. مرهب ..مخيف ..
الظلام .. ممل ..مميت ..
الظلام .. يأس ..اصطخاب ..وضجر ..
الظلام .. انيس السمروفرحة في اعين الغجر
أنت أيها الظلام القاتم .. القاتل .. أيها الشبح المجند بمخالب اليأس .. أيها الشبح المميت المرهب المخنق .. إني أنا الشقية التعيسة ، أعيش تحت ظلك، وآمن جانبك .. إنك تع...يش في أعماقي المحطمة ..أحسك أيها الظلام، تأسر عقلي، وتغشى صدري أحسك جاتما على قلبي ، تحضنه بقوة شديدة ..أكاد أحسك تنتزعه بين ضلوعي .. مع ذلك أحبك .. أحبك أيها الظلام لانك أنيس وحدتي وأمل من آمالي .. وسر من أسراري ..اتخذتك خليلي وسلوتي في غفوتي ووحدتي أحب اللحظات التي تتملكني فيها .. فأبح ضبابا ..أصبح مستسلمة لك بكل جوارحي .. أستسلم لتأخذني على هواك .. كم أحب تلك الأوقات الجارحة الدامية التي انتهز فيها فرصة الخلو إليك .. أخلو بنفسي لألقاك، في وضوح النهار القاك مستول على احلامي قاتم السواد
أنت أيها الظلام .. في عيناي .. في كل حياتي .. تملأ كل فراغ أنت شيء دون الأشياءأنت لاشيء بكل الأشياء ..أراك تعم مستقبلي .. تعم حياتي .. فأبتسم
إلى أين منك الفرار .. ؟؟ليس لي سوى الإبتسام .. فقد ألفتك أيها الحبيب الممل ..إن الناس يلومونك ، وأكثرهم يكرهونك لأنك تميت قلوبهم .. يرتجفون رعبا من قدومك، لمجرد اختناق عابر يعبث بصدورهم فيسرعون إلى أوكارهم ليغمضوا الأجفان حتى لا يستقبلونك .. يهرعون .. يستنجدون بمصابيحهم .. يضيئؤن الأنوار حتى لا يرونك .. حتى إذا استهواهم السهد والتفكير ، يعشقونك .. يعشقون السهر .. سرعان ما يعانقونك وتعانقهم ..إنهم يحاربونك لأنك تبث في نفوسهم اليأس، وتسود أفكارهم وتستولي على أنفاسهم المتصاعدة، فيستنشقون في اختناق، يتصاعد زفيرهم بحلكتك ، لأنك تظلم صدورهم ..أما أنا أيها الشبح المتربع المحتبي بين السماء والأرض .. أيها الملك الجبار في مملكة السكون .. فأعشقك لأنك تحييني وتواسيني ، وتعوضني الحنان الذي افتقدته ..أنت من أوحى إلي بالصبر والسكون ..أنت من علمني كيف الحب يكون ..أنت من علمني معنى الابتسام ..معنى الضحك ..معنى السعادة ..معنى الفرح ..أنت من أوضح لي الفرق بين التعاسة والشقاءأنت من ساقني إلى التفكير العميقوالإمعان الدقيقأنت من حبب إلي الناس وكرهني في ما يحبونبسطت لي جناحيك تحميني بصدى الأوهام ، و خطر النورأنت من علّمني لغز الضّحكات .. ضحكات أولئك التائهين .. يُسرون لرؤية النور ، يستقبلونه بسذاجة، يخططون لمعنى السعادة التي لا وجود لها إلا في أحلامهم .. أنا جزء منك أيها الظلام .. أنا يمينك أو شمالك ، لا يهم ..ماأسعدني مع أني لا أعرف للسعادة طعما .. ما أسعدني أن أكون جناحا من أجنحتك ..أنا جزء منك بغموضي ، و سواد حياتي ، و ظلام صدري .. بكل ما يحيط بي من الدوام سوى الحالكات ، وقاتم مستقبلي بكل ما يواريه من غموض ..أنا مثلك و إن لم أكن ضبابا أو غيوما .. أنا ظلام صاخب .. ضاجر .. يائس .. مخنق ، أنا كل الخوف و القنوط ، أنا ظلام لا يعقبه نور أبدا ، يموت الزمن ، وكلما امتد في عمري يوم أموت عشرات السنين .. و كلما مات من حياتي يوم أحيى عشرات السنين .. ففي موت الزمن الأسى ، و في الذكريات عمر طويل ، وفي الأرض نبات يحصد ثم ينمو ثم يحصد ثم ينمو بغير جذور ، ثم يحصد فيموت وفي أشد أيام الجفاف ، تدب فيه الحياة ، فينمو ناقما على كل مايحيط به ، و يحيى وحيدا بين الزهور .. في الأرض نبات ينمو دون بذور ، لا يحصد .. بل يموت موتا بطيـئا .. و يقدر عمره بآلاف السنين .. يموت و يظل صامدا للعواصف و الرياح .. يموت وقد خلَّدته الأحداث ، فيحبه الجميع ، و يحب الجميع ، لكن كل النباتات تمقته ..
أنت أيها الظلام ، أنا ، نشأنا لنموت ميتة الأشجار .. والأشجار بطبعها تموت واقفة
تحيات سيدة الكلمات
فاطمة امزيل