| الوجه الآخر | |
|
+5منيرة الفهري مهدية أماني mohamed zitoni هشام ناجح زايد التجاني 9 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
زايد التجاني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 593 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: الوجه الآخر الأربعاء مارس 02, 2011 4:00 pm | |
|
بعد غياب طارئ بسبب مرض أبي الشديد، سأسجل حضوري بهذا النص الذي كنت كتبته عنه منذ ثلاث سنوات تقريبا .
الوجه الآخر
كنت نائما..أحسست بأنفاس حارة تلف محياي ويد لطيفة تربت على كتفي ، فتحت عيني بصعوبة ، جاءني صوتها من المطبخ الصغير: اتركه ينام! ياه! جلست، كان قبالتي يبتسم..يبش بوجهه.. يلوح بحلوى بيده اليمنى.. بسرعة هببت فعانقته وأنا أتلقفها . هكذا هو..وجه مبتسم ..يد تقدم هدية .. وقلب يخفق بالحب الكبير. رن الهاتف الذي كنت أنتظر في فرَق شديد، لم أعد أطيق سماع سمفونياته المفزعة ... لم أعد أشتهي أخباره، أنظر إليه كما أنظر إلى عدو... - ألو! لقد تمﱠ إسعافه أخيرا هنا بالمنزل. ممرض الهلال الأحمر هو من قام بالواجب، عند الفجر سنأخذه إلى الاختصاصي بمكناس.. كان صوته كالرصاص يخترق جدران الصدر.. به حشرجة خفيفة،عدت إلى الفراش.. أسندت ظهري على وسادة كبيرة وأغمضت عيني.أكاد أسمع أناته وصرخاته.. مذ أجريت له العملية الجراحية الأولى لاستئصال البروستات اللعينة وهو يتألم من وقت لآخر.. يشفى حتى نؤمن بشفائه ثم يعود إليه الألم حتى نقول لن يفارقه.. كنت أهرع إليه كلما اشتد به الألم، أرمي بجسدي المتخشب في سيارة..أصل وأنا أسابق الرياح برجلي الواهنتين، أدفع الباب بقوة وأتسلق الأدراج كقرد على الأغصان،أتجمد قربه ،أرنو إليه في صمت رهيب، كل أحزان الدنيا أجدها هناك قد تجمعت على شكل كرة من اللهب تتقاذفها جوارحي..ألاحظ عبرات ساخنة تتدحرج على خديه الغائرين ..أحس بغيمة تلف قلبي فأنسحب في هدوء.. امتزجت الذكريات برأسي المتعب ، ارتكست الذاكرة إلى الوراء أكثر، ككرة من حديد كانت تغوص في اليم ، جاءني صوت من قاع الذاكرة : - التجاني! أبوك في انتظارك قرب السور .صاح صديقي وهو يدخل قاعة المراجعة. أغلقت دفاتري بسرعة، مرقت بين أصحابي كسهم مصوب، كنت أحث الخطى ولم أتوقف حتى كدت أصطدم به هنالك في ظل شجرة وارفة الأغصان، عانقني وهو يكاد يهزني بيديه القويتين.. قبلني بحرارة كما يقبل أب رؤوم صغيره، قبلني كثيرا مع أني تلميذ في الإعدادية، جلس فجلست، مد يده إلى جيبه الداخلي وأخرج كسرة خبز محشوة لحما، ابتسم قبل أن يعلق: -إنه لحم أرنب، أنا الذي اصطدته.. ذهبنا للصيد البارحة. ثم وهو يحرك أصابعه لتجسيد الأرقام تباعا: اصطدنا في المجموع أرنبين وخمس حجلات . أبي صياد ماهر، كنت أرافقه أيام الأحد ،أظل أرمي بالأحجار الشجيرات الكثة القصيرة.."سـْـويسْ " كان يتشمـم ...يرقص بذيله واقفا بلا حراك كلما عثر على طريدة فيما أبي لا يني يصيح فيه: شيرْشْ ..شيرشْ ..لا أذكر كم مرة قفزت من الفزع لرفرفة سرب من الحجل فجأة، ألتفت إلى أبي، أجده يصوّب فوهة البندقية بدقة في اتجاه السرب وهو يغمض عينه اليمنى... الطـّااااااوووْ.. تتجمّد إحداها في السماء، تسقط كفردة حذاء بشكل عمودي مثير، يهرع سويس يحملها بين فكيه،يضعها أمامه وهو يلهث، بكل نشوة آخذها وأحزم عنقها بالشريط المضروب حول خصري.
بمصحة كورْنـِيط، رائحة الأدوية تزكم الأنوف.. صرت أعرفها ركنا ركنا، الحارس صاحب البذلة الزرقاء الذي يذرع المدخل جيئة وذهابا ، في أول مكتب على اليمين ، تجد النصرانية ذات الشعر الأشقر القصير ، عيناها دائمتا الانغراس في شاشة الحاسوب.. صراخ وأصوات .. زوار يسيرون الهوينى وآخرون يحثون الخطى ..رنات هاتف.. قبل صعود الأدراج تلاحظ الرجلين منكر ونكير ، المسئولين عن حمل المرضى إلى غرفة العمليات على نعش أبيض ، كم مرة رأيتهم مستلقين كالأموات .. ينظرون إلى السقف نظرات باهتة وصدورهم تعلو وتنخفض من الهلع، في زاوية ما تقف زوجة أو ابن.. والألم يعتصر القلب المرهف اعتصارا .. إنه عالم الوجه الخـفيّ ، عالم الدموع والحسرات والأنات.. دلفت إلى الغرفة، وجدته ممددا على السرير بلا حراك، أنبوب مطاطي صغير معقود في مكان ما بين فخديه، آخر مغروس في ساعده الأيمن يضخ في شرايينه ماء الحياة،وثالث مغروس جهة الصرﱠة لتنظيف المثانة بماء مطهر، كان أخي وحده من يقف بجانبه ، حتى الأحباب ملوا زيارته ، ثلاث عمليات جراحية متقاربة أنستهم المحبة الصادقة وقتلت فيهم المشاعر الطيبة. طبعت قبلة على جبهته في صمت ، تسمرت بجانبه مشدوها كتمثال ،كانت أنـّاته تنطلق كرصاصات بندقيته ، لازلت أتذكر تصويباته الدقيقة ، كان رفاقه يلقبونه ب "الرّامي ".. وكان منهم من يشتري له الخراطيش لاصطحابه معه، ومساء كل أحد، كنا نتلذذ باللحم البري الطري..نأكل حتى نشبع ..كانت المرات الوحيدة التي نشبع فيها من اللحم،أعياد كبيرة تهديها لنا بندقيته البهية .. - آي! صرخ فجأة. تزلزل القلب وسط الصدر، تدفق الدم يجري في كل مكان، دنوت منه وقبلت يده في حنو. - على سلامتكْ .. ما يكونْ عندك باسْ! علق في ضعف : -هلـْكوني أولـْدي ..طابْ لحمي ..ثم أومأ بعينين غائرتين إلى الأنبوب المشدود إلى وسطه : التيـّو كايحـْرقـْـني بزّاف.. خص نبقى ناعسْ على ظهري مده.. آحْ ! - لا تتحرك ! رجوته في لطف، في التو دخل الدكتور، طأطأ برأسه وهو يلقي السلام كعادته ، ابتسم في وجه أبي وهو يتفحص اللون الأحمر الذي ينساب عبر الأنبوب ، التفت إلى الممرضة وخاطبها بالفرنسية قليلا ثم خرج. همس أخي في أذني : - لقد طلب ثمانية آلاف درهم، بباقي المصاريف سنحتاج إلى عشرة آلاف درهم. عدت أنظر إليه، ألفيته قد أرخى جفنيه، لم أشعر إلا وقلبي يسأل : أين الفتوّة يا أبتاه؟ أين سويس أيام زمان وأين شيرشْ ؟ صرت وردة ذابلة قد ذهبت نضارتها وغادرتها طراوتها..ذهب جمالها وتلاشت رائحتها.. صرت مجرد كومة من اللحم المترهل والعظم الهش..أين الشباب وأين الطلقات التي كانت تجعلني أقفز رغم أنفي يا أبي؟ كالأطلال صارت الجدران بعدك.. تحول البيت إلى قبر بارد . وهي؟ ليتك تراها يا أبت ! كعصفورة في الفلاة صارت.. لا تجد شجرة تحط عليها. أضحت المسكينة عنوان الأسى والعصبية ..لم تعد تستطيب الجلسات العائلية، تبادر إلى النوم كل مرة، تتكوم تحت الغطاء كقطة مريضة، لقد انفرط العقد لغيابك الذي طال يا أبت! أغمضتُ عيني قليلا وقد تهالكت على مقعد بلاستيكي، اغتالني الزمن وأخذ روحي بعيدا.. كنت عندها أشعر بشيء أملس يلحس وجنتي، فتحت عيني، وجدت يده تراقص عنقود فاكهة حب الملوك الناضجة الحمراء، انطلقت من تحت الغطاء كالصاروخ، سارع إلى إخفاء الحبات وراء ظهره باسما: - يا للهْ.بوسْـني هـْـنا، واضعا أصبعه على خده. بعد تقبيله سلمني الحبات الشهية، ثم بدأ يبتسم وهو يشير بعينيه إلى جيب معطفه، زحفت بجسمي الصغير نحوه نابشا.. لملمت أشلاء ذكرياتي البعيدة، قمت خارجا لقضاء بعض الأغراض، التحق بي أخي مستدركا في صوت خفيض: - آه.. نسيت أن أحدثك عن التحليلات، يجب أن نؤدي ثمانمائة درهم، النتائج يوم الأربعاء المقبل..نتمنى أن تكون جيدة، الطبيب يشك في سرطان المثانة... صرخت وأنا أغرس فيه عينين جاحظتين : السرطان ؟ | |
|
| |
هشام ناجح مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 188 العمر : 50 Localisation : الجديدة تاريخ التسجيل : 15/01/2011
| موضوع: رد: الوجه الآخر الأربعاء مارس 02, 2011 6:47 pm | |
| أخي زيد تحية طيبة من أعماق القلب وأشكرك على هذا النص النابع من شعاب النفس لقد اشتقت الى والدي الذي افتقدته منذ عقد من الزمان وقد أحيى نصك هذا مجموعة من الذكريات العزيزة الى قلبي كانك تعرف والدي مليا انهاوحدة المستويات الفاعلة نفسيا واجتماعيا وشطر اخر تتجسد فيه الرؤى لتحديد حبنا للأخر. لغة وطبيعة النص ترغمك على تذوقه . محبة هشام ناجح لأخيه التيجاني أكتب من أنت لتعرف من أنت .
| |
|
| |
mohamed zitoni عضو فعال
عدد الرسائل : 514 العمر : 54 تاريخ التسجيل : 21/08/2008
| موضوع: رد: الوجه الآخر الأربعاء مارس 02, 2011 11:01 pm | |
| نتمنى الشفاء لأبيك يا أخي زايد قلوبنا معك وشكرا على تسجيل حضورك | |
|
| |
مهدية أماني قاصة ...مشرفة
عدد الرسائل : 858 العمر : 68 Localisation : قلعة السراغنة تاريخ التسجيل : 23/03/2010
| موضوع: رد: الوجه الآخر الأربعاء مارس 02, 2011 11:30 pm | |
| - زايد التجاني كتب:
بعد غياب طارئ بسبب مرض أبي الشديد، سأسجل حضوري بهذا النص الذي كنت كتبته عنه منذ ثلاث سنوات تقريبا .
الوجه الآخر
كنت نائما..أحسست بأنفاس حارة تلف محياي ويد لطيفة تربت على كتفي ، فتحت عيني بصعوبة ، جاءني صوتها من المطبخ الصغير: اتركه ينام! ياه! جلست، كان قبالتي يبتسم..يبش بوجهه.. يلوح بحلوى بيده اليمنى.. بسرعة هببت فعانقته وأنا أتلقفها . هكذا هو..وجه مبتسم ..يد تقدم هدية .. وقلب يخفق بالحب الكبير. رن الهاتف الذي كنت أنتظر في فرَق شديد، لم أعد أطيق سماع سمفونياته المفزعة ... لم أعد أشتهي أخباره، أنظر إليه كما أنظر إلى عدو... - ألو! لقد تمﱠ إسعافه أخيرا هنا بالمنزل. ممرض الهلال الأحمر هو من قام بالواجب، عند الفجر سنأخذه إلى الاختصاصي بمكناس.. كان صوته كالرصاص يخترق جدران الصدر.. به حشرجة خفيفة،عدت إلى الفراش.. أسندت ظهري على وسادة كبيرة وأغمضت عيني.أكاد أسمع أناته وصرخاته.. مذ أجريت له العملية الجراحية الأولى لاستئصال البروستات اللعينة وهو يتألم من وقت لآخر.. يشفى حتى نؤمن بشفائه ثم يعود إليه الألم حتى نقول لن يفارقه.. كنت أهرع إليه كلما اشتد به الألم، أرمي بجسدي المتخشب في سيارة..أصل وأنا أسابق الرياح برجلي الواهنتين، أدفع الباب بقوة وأتسلق الأدراج كقرد على الأغصان،أتجمد قربه ،أرنو إليه في صمت رهيب، كل أحزان الدنيا أجدها هناك قد تجمعت على شكل كرة من اللهب تتقاذفها جوارحي..ألاحظ عبرات ساخنة تتدحرج على خديه الغائرين ..أحس بغيمة تلف قلبي فأنسحب في هدوء.. امتزجت الذكريات برأسي المتعب ، ارتكست الذاكرة إلى الوراء أكثر، ككرة من حديد كانت تغوص في اليم ، جاءني صوت من قاع الذاكرة : - التجاني! أبوك في انتظارك قرب السور .صاح صديقي وهو يدخل قاعة المراجعة. أغلقت دفاتري بسرعة، مرقت بين أصحابي كسهم مصوب، كنت أحث الخطى ولم أتوقف حتى كدت أصطدم به هنالك في ظل شجرة وارفة الأغصان، عانقني وهو يكاد يهزني بيديه القويتين.. قبلني بحرارة كما يقبل أب رؤوم صغيره، قبلني كثيرا مع أني تلميذ في الإعدادية، جلس فجلست، مد يده إلى جيبه الداخلي وأخرج كسرة خبز محشوة لحما، ابتسم قبل أن يعلق: -إنه لحم أرنب، أنا الذي اصطدته.. ذهبنا للصيد البارحة. ثم وهو يحرك أصابعه لتجسيد الأرقام تباعا: اصطدنا في المجموع أرنبين وخمس حجلات . أبي صياد ماهر، كنت أرافقه أيام الأحد ،أظل أرمي بالأحجار الشجيرات الكثة القصيرة.."سـْـويسْ " كان يتشمـم ...يرقص بذيله واقفا بلا حراك كلما عثر على طريدة فيما أبي لا يني يصيح فيه: شيرْشْ ..شيرشْ ..لا أذكر كم مرة قفزت من الفزع لرفرفة سرب من الحجل فجأة، ألتفت إلى أبي، أجده يصوّب فوهة البندقية بدقة في اتجاه السرب وهو يغمض عينه اليمنى... الطـّااااااوووْ.. تتجمّد إحداها في السماء، تسقط كفردة حذاء بشكل عمودي مثير، يهرع سويس يحملها بين فكيه،يضعها أمامه وهو يلهث، بكل نشوة آخذها وأحزم عنقها بالشريط المضروب حول خصري.
بمصحة كورْنـِيط، رائحة الأدوية تزكم الأنوف.. صرت أعرفها ركنا ركنا، الحارس صاحب البذلة الزرقاء الذي يذرع المدخل جيئة وذهابا ، في أول مكتب على اليمين ، تجد النصرانية ذات الشعر الأشقر القصير ، عيناها دائمتا الانغراس في شاشة الحاسوب.. صراخ وأصوات .. زوار يسيرون الهوينى وآخرون يحثون الخطى ..رنات هاتف.. قبل صعود الأدراج تلاحظ الرجلين منكر ونكير ، المسئولين عن حمل المرضى إلى غرفة العمليات على نعش أبيض ، كم مرة رأيتهم مستلقين كالأموات .. ينظرون إلى السقف نظرات باهتة وصدورهم تعلو وتنخفض من الهلع، في زاوية ما تقف زوجة أو ابن.. والألم يعتصر القلب المرهف اعتصارا .. إنه عالم الوجه الخـفيّ ، عالم الدموع والحسرات والأنات.. دلفت إلى الغرفة، وجدته ممددا على السرير بلا حراك، أنبوب مطاطي صغير معقود في مكان ما بين فخديه، آخر مغروس في ساعده الأيمن يضخ في شرايينه ماء الحياة،وثالث مغروس جهة الصرﱠة لتنظيف المثانة بماء مطهر، كان أخي وحده من يقف بجانبه ، حتى الأحباب ملوا زيارته ، ثلاث عمليات جراحية متقاربة أنستهم المحبة الصادقة وقتلت فيهم المشاعر الطيبة. طبعت قبلة على جبهته في صمت ، تسمرت بجانبه مشدوها كتمثال ،كانت أنـّاته تنطلق كرصاصات بندقيته ، لازلت أتذكر تصويباته الدقيقة ، كان رفاقه يلقبونه ب "الرّامي ".. وكان منهم من يشتري له الخراطيش لاصطحابه معه، ومساء كل أحد، كنا نتلذذ باللحم البري الطري..نأكل حتى نشبع ..كانت المرات الوحيدة التي نشبع فيها من اللحم،أعياد كبيرة تهديها لنا بندقيته البهية .. - آي! صرخ فجأة. تزلزل القلب وسط الصدر، تدفق الدم يجري في كل مكان، دنوت منه وقبلت يده في حنو. - على سلامتكْ .. ما يكونْ عندك باسْ! علق في ضعف : -هلـْكوني أولـْدي ..طابْ لحمي ..ثم أومأ بعينين غائرتين إلى الأنبوب المشدود إلى وسطه : التيـّو كايحـْرقـْـني بزّاف.. خص نبقى ناعسْ على ظهري مده.. آحْ ! - لا تتحرك ! رجوته في لطف، في التو دخل الدكتور، طأطأ برأسه وهو يلقي السلام كعادته ، ابتسم في وجه أبي وهو يتفحص اللون الأحمر الذي ينساب عبر الأنبوب ، التفت إلى الممرضة وخاطبها بالفرنسية قليلا ثم خرج. همس أخي في أذني : - لقد طلب ثمانية آلاف درهم، بباقي المصاريف سنحتاج إلى عشرة آلاف درهم. عدت أنظر إليه، ألفيته قد أرخى جفنيه، لم أشعر إلا وقلبي يسأل : أين الفتوّة يا أبتاه؟ أين سويس أيام زمان وأين شيرشْ ؟ صرت وردة ذابلة قد ذهبت نضارتها وغادرتها طراوتها..ذهب جمالها وتلاشت رائحتها.. صرت مجرد كومة من اللحم المترهل والعظم الهش..أين الشباب وأين الطلقات التي كانت تجعلني أقفز رغم أنفي يا أبي؟ كالأطلال صارت الجدران بعدك.. تحول البيت إلى قبر بارد . وهي؟ ليتك تراها يا أبت ! كعصفورة في الفلاة صارت.. لا تجد شجرة تحط عليها. أضحت المسكينة عنوان الأسى والعصبية ..لم تعد تستطيب الجلسات العائلية، تبادر إلى النوم كل مرة، تتكوم تحت الغطاء كقطة مريضة، لقد انفرط العقد لغيابك الذي طال يا أبت! أغمضتُ عيني قليلا وقد تهالكت على مقعد بلاستيكي، اغتالني الزمن وأخذ روحي بعيدا.. كنت عندها أشعر بشيء أملس يلحس وجنتي، فتحت عيني، وجدت يده تراقص عنقود فاكهة حب الملوك الناضجة الحمراء، انطلقت من تحت الغطاء كالصاروخ، سارع إلى إخفاء الحبات وراء ظهره باسما: - يا للهْ.بوسْـني هـْـنا، واضعا أصبعه على خده. بعد تقبيله سلمني الحبات الشهية، ثم بدأ يبتسم وهو يشير بعينيه إلى جيب معطفه، زحفت بجسمي الصغير نحوه نابشا.. لملمت أشلاء ذكرياتي البعيدة، قمت خارجا لقضاء بعض الأغراض، التحق بي أخي مستدركا في صوت خفيض: - آه.. نسيت أن أحدثك عن التحليلات، يجب أن نؤدي ثمانمائة درهم، النتائج يوم الأربعاء المقبل..نتمنى أن تكون جيدة، الطبيب يشك في سرطان المثانة... صرخت وأنا أغرس فيه عينين جاحظتين : السرطان ؟ السلام عليك اخي التجاني ابكيتني يا رجل بهذا القص الجميل فكاني اعيش مرض والدي...عافاه الله وعافا والدك الكريم ولا ارك الله فيه مكروه يارب نتمنى له الشفاء العاجل مع فائق المودة اختك مهدية
| |
|
| |
منيرة الفهري
عدد الرسائل : 15 تاريخ التسجيل : 19/02/2011
| موضوع: رد: الوجه الآخر الخميس مارس 03, 2011 9:38 am | |
| ما أروع ما قرأت للأديب زايد التيجاني...أنا أيضا بكيت و أنا أقرأ هذا النص الرائع...بل هذه التحفة النادرة....شكرا على بوحك الجميل و على قلمك النازف وجعا أخي التيجاني | |
|
| |
زايد التجاني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 593 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: رد: الوجه الآخر الخميس مارس 10, 2011 10:46 pm | |
| - هشام ناجح كتب:
- أخي زيد تحية طيبة من أعماق القلب وأشكرك على هذا النص النابع من شعاب النفس
لقد اشتقت الى والدي الذي افتقدته منذ عقد من الزمان وقد أحيى نصك هذا مجموعة من الذكريات العزيزة الى قلبي كانك تعرف والدي مليا انهاوحدة المستويات الفاعلة نفسيا واجتماعيا وشطر اخر تتجسد فيه الرؤى لتحديد حبنا للأخر. لغة وطبيعة النص ترغمك على تذوقه .
محبة هشام ناجح لأخيه التيجاني أكتب من أنت لتعرف من أنت .
العزيز هشام نعم كل منا يفتقد أحباءه خاصة الاقربين ، لكن عندما يتلوى أحدهم من الالم ..وبشكل متواصل فهنا يكون الوقع أشد . اسأل الله الصحة والعافية للجميع ممتن لمرورك البهي أخي . كل المودة | |
|
| |
زايد التجاني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 593 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: رد: الوجه الآخر الخميس مارس 10, 2011 10:49 pm | |
| - mohamed zitoni كتب:
- نتمنى الشفاء لأبيك يا أخي زايد
قلوبنا معك وشكرا على تسجيل حضورك شكرا أخي محمد على دعوتك الطيبة
شكرا على عواطفك النبيلة كل المودة | |
|
| |
زايد التجاني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 593 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: رد: الوجه الآخر الخميس مارس 10, 2011 10:58 pm | |
| السلام عليك اخي التجاني ابكيتني يا رجل بهذا القص الجميل فكاني اعيش مرض والدي...عافاه الله وعافا والدك الكريم ولا ارك الله فيه مكروه يارب نتمنى له الشفاء العاجل مع فائق المودة اختك مهدية
[/quote] الاخت الكريمة مهدية
شكرا على العواطف النبيلة والمواساة الجميلة عافى الله أباك وأبي وعافى كل المرضى والمتألمين في هذه الدنيا . كل المودة | |
|
| |
زايد التجاني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 593 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: رد: الوجه الآخر السبت مارس 26, 2011 4:49 pm | |
| [quote="منيرة الفهري"] ما أروع ما قرأت للأديب زايد التيجاني...أنا أيضا بكيت و أنا أقرأ هذا النص الرائع...بل هذه التحفة النادرة....شكرا على بوحك الجميل و على قلمك النازف وجعا أخي التيجاني
العزيزة منيرة كلماتك هي الاروع لقد مات بطل قصتي وخمد الجسد المتألم وانتهى الامر مودتي أختي الكريمة | |
|
| |
رشيدة فقري شاعرة إدارة عامة أمينة الصندوق للجمعية
عدد الرسائل : 1208 تاريخ التسجيل : 25/12/2007
| موضوع: رد: الوجه الآخر السبت مارس 26, 2011 7:09 pm | |
| اخي الكريم زايد التجاني رحم الله فقيدكم واسكنه فسيح جناته والهمكم الصبر والسلوان اخي لقد تاثرت بهذه القصة اولا لحبكتها القصصية المميزة ولانها كانت تحكي مراحل من حياة المرحوم هي نفسها ما عاش والدي المرحوم الذي توفي السنة الماضية كان هذا المرض اللعين يتلدد على اكل لحم مرضاه احياء واكل قلوب احبتهم رويدا رويدا ابعده الله عن كل احبتنا وحتى اعدائنا محبتي الخالصة اختك رشيدة | |
|
| |
محمدمحضار مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 474 العمر : 63 Localisation : خريبكة تاريخ التسجيل : 18/01/2010
| موضوع: رد: الوجه الآخر الأحد مارس 27, 2011 12:54 pm | |
| هذا النص الجميل قرأته منذ ثلاث سنوات وكتبت التعليق التالي
نص له قيمته الادبية والانسانية..يتميز بفورة مشاعر قوية تلمس عبر فقراته...السارد مارس لعبة الحكي بلغة القلب فكانت النتيجة ملحمة عواطف مسترسلة..كل هذا تتخلله لقطات الفلاش باك التي فتحت الباب امام القارئ لعقد المقارنات واستحضار وضع الاب في القديم والحاضر...الاسلوب تميز بسلاسته وانسيابيته ..لغة الحوار كانت ناجحة..والنص على العموم تحفة ابداعية تستحق التنويه....
رحم الله والد صديقنا زيد التجاني | |
|
| |
زايد التجاني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 593 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: رد: الوجه الآخر الإثنين أبريل 18, 2011 12:10 am | |
| - رشيدة فقري كتب:
- اخي الكريم زايد التجاني
رحم الله فقيدكم واسكنه فسيح جناته والهمكم الصبر والسلوان اخي لقد تاثرت بهذه القصة اولا لحبكتها القصصية المميزة ولانها كانت تحكي مراحل من حياة المرحوم هي نفسها ما عاش والدي المرحوم الذي توفي السنة الماضية كان هذا المرض اللعين يتلدد على اكل لحم مرضاه احياء واكل قلوب احبتهم رويدا رويدا ابعده الله عن كل احبتنا وحتى اعدائنا محبتي الخالصة اختك رشيدة استاذتي رشيدة غفر الله لهما ولجميع المسلمين والمسلمات سررت بتعقيبك الجميل
مودتي الخالصة | |
|
| |
زايد التجاني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 593 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: رد: الوجه الآخر الإثنين أبريل 18, 2011 12:13 am | |
| - محمدمحضار كتب:
- هذا النص الجميل قرأته منذ ثلاث سنوات وكتبت التعليق التالي
نص له قيمته الادبية والانسانية..يتميز بفورة مشاعر قوية تلمس عبر فقراته...السارد مارس لعبة الحكي بلغة القلب فكانت النتيجة ملحمة عواطف مسترسلة..كل هذا تتخلله لقطات الفلاش باك التي فتحت الباب امام القارئ لعقد المقارنات واستحضار وضع الاب في القديم والحاضر...الاسلوب تميز بسلاسته وانسيابيته ..لغة الحوار كانت ناجحة..والنص على العموم تحفة ابداعية تستحق التنويه....
رحم الله والد صديقنا زيد التجاني ا لصديق محضار جميل في تصرفاتك ...جميل حتى في تعاليقك سررت بمرورك بديار حرفي
كل المودة | |
|
| |
حميد يوسفي شاعر شارك في ديوان" نوافذ عاشقة"
عدد الرسائل : 2177 العمر : 55 تاريخ التسجيل : 26/03/2008
| موضوع: رد: الوجه الآخر الأحد مارس 25, 2012 11:38 pm | |
| .أين الشباب وأين الطلقات التي كانت تجعلني أقفز رغم أنفي يا أبي؟
مامعنى رغم أنفي ؟
ولماذا تم اختيارك لأنفك ؟
أما كان أن تستعمل رغما عني فهي أفضل ومتناسقة | |
|
| |
الزهرة درار مشرف
عدد الرسائل : 1048 تاريخ التسجيل : 26/05/2007
| موضوع: رد: الوجه الآخر الإثنين مارس 26, 2012 3:07 pm | |
| رغم أنفي أو رغما عني كلها عبارات صحيحة في الكتابة الأدبية لا أعرف ما الذي أصاب الصديق يوسفي نتمنى أن يراجع نفسه | |
|
| |
زايد التجاني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 593 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: رد: الوجه الآخر الخميس مارس 29, 2012 4:47 pm | |
| فعلا استاذة زهرة ، لاندري ما أصاب الاستاذ يوسفي، لو انه علق على النص دون الاقتصار على الاخطاء لقلنا لا بأس ، هي وجهة نظر محترمة ، لكن النظر الى النصف الفارغ من الكأس دون الاهتمام بالنصف العامر ، هو سلوك يثير الشك والقلق.لان النقد هنا يكون من أجل النقد لا غير ...الله يهديه أخلاص
استاذ يوسفي ، رغما عني أو رغم أنفي كلاهما لهما نفس المعنى ، والاخير أشد تعبيرا . وهو تعبير قديم وليس من نحتي ، وقد خص الانف هنا بالذكر لانه رمز الأنفة والكبرياء لذا عندما نقول مثلا : استسلم العدو رغم أنفه ، فيعني ذلك انه استسلم بذلة وصغار .
أشكر لك مرورك على كل حال
مودتي | |
|
| |
حميد يوسفي شاعر شارك في ديوان" نوافذ عاشقة"
عدد الرسائل : 2177 العمر : 55 تاريخ التسجيل : 26/03/2008
| موضوع: رد: الوجه الآخر الخميس مارس 29, 2012 9:32 pm | |
| يقولون بأن الانسان يصاب بالحمق ساعة في كل يوم ،وأنا أقول بل اليوم كله، فمادا عساه أن يصنع انسان في زمن محاط بالهبل ...والجنون،الا ان يصيبه الجنون لذا أعذروني ان رأيتموني أخطأت الصواب ، ووقعت فريسة جنون
تقديري ..واحترامي للجميع
| |
|
| |
| الوجه الآخر | |
|