مكابدات شعرية
تدثرْت بالأشعار مـن رغـم علتـي
بأقصى بلاد ليس في سوحهـا شِعْـرُ
يراهـا بنـو قومـي كـأن نسيجهـا
هبـاء فـلا قـرٌّ تقيـك ولا حــرُّ
تدثّرت بالأشعار فـي شـر موطـن
تموت به الأشواق والطرس والحِبـر
بـلاد يصيـر المـرْء فيهـا بهيمـة
يـروم لـه بُـرّأ ويتعـبـه الـبُـرّ
تـرى جانبيهـا مقفـريـن وإنـمـا
تعمّرهـا الشنعـاء والفئـة الغُـبْـرُ
إذا هبـت النكبـاء طـار عجاجهـا
فأدركتها صحـراء ليـس بهـا حُـرّ
بلاد يموت العيْـر ظِمْئـا بهـا ومـا
حياة رقيق حيـن يرتمـض الظُّهْـرُ
تشبّثت بالأشعـار فـي وهَـنٍ كمـا
أهان بني الإسلام فـي بدئـه الكُفـرُ
يمـرّ بـك الأقـوام هـزْءا كأنـمـا
بكفّيْـك أوحـالٌ ومـا بهمـا سِفْـرُ
وإمــا تـلـوت قافـيـات فـإنـه
نهيق وبـالآذان مـن صوتـه وقـر
قصاراك أن تشدو بشعـرك مفْـردا
وتحفظه الأوراق إن ضمّـك القبـر
تشبّثْـت بالأشعـار نضـوا وإنـمـا
على راحتي منـه بضاحيتـي جمـر
تأسيْت بالأقيـال مـن كـل شاجـع
وقاومت هذا البطش ليس معي ذُخْـرُ
يحاصرنـي هـذا وهـذا يذمـنـي
وحظيَ من هـذا وصاحبـه خُسْـرُ
ولكننـي جلْـد العريـكـة جلـمـدٌ
على نزْر أنصاري وحولي العدى كثْرُ
تخيّلتنـي فيـمـا أقــاوم منبـعـا
تجُوهِـل لكـنْ مـاؤه طيّـبٌ نهْـر
فما عاش قبلي شاعر مثـل عيشتـي
ومن عاشها حاشاي يمحقـه الضّـرّ
تمرّ به عشـر وعشـر ولـم يـزَلْ
تهاجمـه الأقـزام حيلتـه صِـفْـرُ
ولو كان قاسـى رائـدٌ مـا يحزّنـا
لماجاءنـا مـمـا يؤلّـفـه سـطـر
يحالفنـا فقـر وصُـغْـر كلاهـمـا
فواحربا قد حطنـا الفقـر والصُّغْـرُ
كأنـيَ إمـا قلـت يومـا قصـيـدة
هنالـك مجنـون يعابـثـه سِـحْـرُ
به خبَلٌ قـد جـاوز النـاس أمـره
فلا عفوَ يرجو وهْو مضطرب عُـرُّ
يقولـون يـا لِلّـه ضـاع شبـابـه
وقـد كـان مكـرام الشمائـل يفْتَـرُّ
فهذا جـزاء الشاعـر اليـوم هاهنـا
وليس لمثلي غير أن يذهـب العمـر
6-10-03