شيء في الترجمة
لطالما فكرت في الكتابة يوما قصة قصيرة من دقيقتين او 4 دقائق الخص فيها ما مر لفترة 4 سنوات من العمل الشاق.فاخدت ورقة وقلما وبدأت .......كانت بطلة قصتي امرأة تبدو في وجهها الطفولي. ولما سالمتها.... ،وافقت وقتها على مجالستي .....كانت تبدو منزعجة بعض الشيء. سألتها عن سبب ذلك،ردت على الفور أنها كذلك... من بعض المتطفلين عليها .تم تابعت قائلا :ولكن ماذا تفعلين اليوم؟
فأجابت متأنية ،وعلى وجهها ابتسامة عريضة تختزن وراءها قراءات كثيرة...:
إني اهتم بتطهير النفوس وتزيينها....وأنشط جلسات كثيرة ...اشرح فيها للحضور أرائهم وانقل بينهم الأخبار.... إلا أن هؤلاء جعلوني عصابية بعض الشيء...قالوا عني الساقطة الخائنة.ورغم دلك،إني اسهر دوما على مراجعة كلماتهم و انتقاءها من اجل المحافظة عل طهارة أرواحهم .. . و مزاجهم.
وبعد فترة من السكوت القاتل...تبين لي أن تركز على شيء لا تدركه إلا النساء بعضهن لبعض...،فسألتني:
كيف أبدو لديك وانأ جالسة أمامك ألان؟...هل أبدو مختلفة بعض الشيء على ما كنت علبه مند 4 سنوات؟
أجبتها على مضض:كان شعرك مختلفا... ،وكنت نحيفة بعض الشيء..وجميلة رغم كل ذلك، وأما واليوم فأنت سمينة... لكنك.. أكثر جمالا من ذي قبل....
وعندها زادت قائلة:
إن هؤلاء اليساريون.... لا يأتون بأفكار مثالية... ولا يودون الا الاستمتاع باللغو... وراء كتابات الآخرين...،وان الذين يملكون القدرة على العطاء والابتكار... لا يملكون تلك الجرأة لتحقيق تلك الرغبة.وعندما سألتها عن رغبة هؤلاء منها...،ردت علي دون حشمة أو حياء....:إنهم رجالا شبقيون فقط.فهم دائما يطاردونني وأعينهم متوقدة ورائي ... رغم أني غير جميلة.
وبعد ارتشاف قهوة المساء..، سألتها عن مشروعها المستقبلي،قالت:لا تحزن،سأحسن من وضعي. وسأرضي نفسي.. وان كنت أبدو كئيبة بعض الشيء... لان لدي رغبة في داخلي.. تحفزني على رغبات أخرى.. تمكنني من العيش في ذاكرة الآخرين.
إلا انه عليك أن تعلم ما وصل إليه الصراع المرير الذي لحق بهذا الكتاب.هي بعض التدخلات التي كانت تعج بحقد وكراهية لا مثيل لهما.إذ أن احدهما كان يقول يوما من اجل إعداد كتاب جديد بديل:
إن ما يعدنا به برنامج مادة الترجمة وكتاباها مجرد أوهام في أذهان واضعيه. وأنا مع كل عمل جماعي يشارك فيه جميع أطر مادة الترجمة، بدل الاكتفاء بفريق أعز ما يطلبه فتات التعويضات.
فكان ردي عليه قاسيا للغاية لأنه أرهقني غواتا:
إن حقدا دفينا ما زال يعج بمخيلة العديد من الأساتذة الذين كان وما يزال همهم الوحيد هو إرباك السير العادي لمادة الترجمة وهم لا يشعرون.إن العمل على إنقاذ الترجمة هو أولا العمل بما هو موجود ثم نقده والبحث عن بديل له فيما بعد أو تطويره.فلا ينبغي،دائما الانحناء إلى أسفل لتكتب لنا من شلال فمك،لأننا لسنا بحاجة إلى هذه التهافت.
ثم زدت قائلة وأنا في شدة الغضب :
وعليك أن تعلم أن هذه التعويضات التي أسالت لعابك وأفاضت غيضك لزمن طويل وجعلت منك أستاذ ترجمة دون مقرر أو برنامج ، تتجول في متاهات المواد العلمية وتطرب لشطحات التلاميذ لتبين لهم انك اعلم ممن وضعوا هذا المقرر، ليست إلا بقشيشا لا يكفي لشرب قهوة الصباح.ولكنه انجاز صارخ تطرب له النفوس على كل حال.أما ملاحظاتك وقراءاتك الواهية وكل ترقباتك لدليل انك قد جمعت حقائبك وخرجت متقاعدا دون هوية.
وختمت قولي بما عرفته أثناء قراءاتي عن فن الخطابة:
إني لا أخاف من راقب الناس ومات غما،او راقبها وفاز هما.إني من الناس الذين لا يتخاذلون أمام كل حديث مستفيض،وان اقتضى الحال،سارد بقريض على كل كلام نقيض.
عجبت كل الإعجاب لجأشها وعزمها على المضي قدما . وبعد أن استراحت قليلا ودب الدم في كل مناطق جسدها ،سألتني ثانية وماذا عنك أنت ؟ الم تعد تهتم بالتأليف المدرسي منذ ذلك الوقت؟...فأجبتها:هل أبدو لك أني سمنت مثلك ؟ إني ما زلت كما كنت أو اقل...لكن عليك أن تعلمي أن احدهم زاد على ذلك قولا:
إن دراستي للكتاب أسفرت بينت إن المادة قد هتكت عورتها ....وان الكتاب لا يرقى بتاتا الى طموحات الناشئة وانتظاراتها...وان الهدف من المادة أصبح هو دفع التلاميذ إلى شراء بضاعة فاسدة فقط...
كان أخر ردودي الذي على إثره انتفض غبار الطاولة ليسلك كل واحد منا مسلكه كما يلي:
1- ا ن اي تدخل او نقد او مقاربة تلزم السماع ثم الكلام وتلزم الفهم ثم القراءة في التفكير والتامل في منهاج الترجمة أولا ثم البرنامج الدراسي ثانيا.إلا انه ينبغي المعرفة ان كل مقاربة غائية في رأينا لا تسعى إلا إلى تحقيق غائيتها،ويكون إذن من الباطل التسليم بما قد تناولتموه سواء كان ذلك على مستوى المحتوى أو على مستوى الشكل.
2 - ا ن التفكير والتأمل من اجل استنتاج مقاربات منهجية وأسس نظرية ومستويات للتحكم في اللغة، فذلك ضرب من الخيال.ومن اجل تحقيق ذلك،ينبغي اقتناص المعايير الوظيفية التي سوف تنبني عليها تصوراتكم في تصنيف النصوص التي سوف تستضيفها ترجمتكم سواء عليها كانت نصوص متخصصة أو عامة.ثم ،ينبغي الإضافة إليها مختلف أنواع المصادر التي ستعتمدها في التنظير لذلك ومن ضمنها اللسانيات ونظريات الترجمة.وعليه،إن كنت لن تستعمل في ذلك النقل،فهل تستعمل بدله العقل؟
3- - إني كنت أتصور ان تدخلكم سوف يقتصر على السيرورة المغرية للترجمة من اجل استخلاص العمليات الذهنية والأهداف المهارية التربوية التعليمية لتدريس الطلبة باستعمال دروس وتمارين تطبيقية مع تلقينهم لعلم الترجمة كذلك أو بالأحرى تدريسهم المواد الحقة عن طريق الترجمة،لكنه جاء ردا يتيما.....
رفعت عينيها إلى أعلى متلطفة .ثم،شرعت في جمع لوازمها بعد أن امتلأ صدرها ريحا .تأوهت...ووقفت...وهي تشكرني...قائلة:
انك لم تسألني عن اسمي...فانا الترجمة......فأجبتها :اعرف...اعرف...إني جعلت منك... بطلة لقصتي...لكنها لم تسمعني...وانصرفت دون أن تلتفت مرة ثانية. ...
انعنيعة احمد