شجرة سانت مارتن
باولو كويهلو
ترجمة : علي إبراهيم صافي
مساء عيد الميلاد في هذه القرية الصغيرة"سانت مارتن" في بيرييه الفرنسية، بينما كان القس يعد التحضيرات،مجهزا نفسه للقداس،تشمم رائحة ذكية.
كان شتاءً..
الزهور اختفت منذ أمد طويل. لكن عبقاً لازال عالقاً في الهواء،هكذا وكأنما الربيع قد عاد مبكراً. وبدافع من فضول،ذهب خارج الكنيسة باحثاً عن مصدر هذا العبق،فيصادف صبياً جالساً على درجات السلم المدرسي. بجانبه كان ثمة شجرة عيد ميلاد ذهبية.
آه.. انها لشجرة رائعة،قال القس. كان القس فرحاً وكأنه عانق السماء..
- من أين حصلت على هذه الشجرة؟.
لم يكن الصبي فرحاً بكلمات القس تلك.حقيقة،هذه الشجرة تكون أثقل وأثقل وانا احملها،لكن لا أعتقد إنها من ذهب.والآن أنا خائف ماذا عسى أمي وأبي ان يقولا عندما يريا هذه الشجرة.الصبي اخبر قصته:-
اليوم صباحا غادرت من مكان الى المدينة الكبيرة"Tarbes" ومعي النقود التي أعطتني إياها أمي بغية شراء شجرة عيد ميلاد جميلة. لكن ،في الطريق وصلت الى مكان صغير،هناك التقيت عجوزا وحيدة دونما أي فرد من عائلتها،ليحتفل معها هنا في هذا العيد الرباني. أعطيتها بعض المال لعشاء العيد،لأني ،متأكدا، كنت، من حصولي على تخفيضات في سعر الشجرة التي سأشتريها.
عندما وصلت الى "Tarbes" مررت بسجنها الكبير،كان جمهرة من الناس خارج السجن ينتظرون الزيارة،الجميع حزانى،لأنهم سيحتفلون بعيداً عن أعزاء لهم.سمعت من بعضهم أنه لا يقوى على قطعة حلوى!.
هناك كان وقع الحزن ثقيلاً على صبي بعمري. لذا قررت توزيع ما تبقى من نقود على المحتشدين بباب السجن الكبير،لأنهم ،قطعا، سيحتاجون المال أكثر مني. احتفظت بالقليل منه لغرض شراء الطعام.
بائع الزهور الذي سأشتري منه شجرة عيد الميلاد كان صديقا للعائلة،لذلك من المؤكد انه سيعطيني الشجرة. مقابل عملي لديه طوال أسبوع.
عندما وصلت السوق علمت ان بائع الزهور لم يفتح أبوابه لهذا اليوم،عملت جاهدا لاقتراض بعض المال قصد شراء شجرة عيد الميلاد تلك من مكان آخر،لكني فشلت. أقنعت نفسي؛ سيكون من الأفضل لو اكلتُ بعض الطعام،كي يتسنى لي التفكير بما سأعمله. عندما جئت الى حانة صغيرة،التقيت بطفل صغير يبدو انه غريب،بادرني بالسؤال لأنه لم يأكل ليومين.فكرت: أن الطفل/ المسيح،مؤكدا قد عانى من الجوع ذاته،لذلك أعطيته كل ما عندي وأقفلت راجعاً.
في الطريق اقتطعت غصن شجرة " "Pinje، وحاولت تزينه قليلاً،كان أقسى من ان ألويه،كما لو انه من الفولاذ.
هذا قطعا ليس بشجرة عيد الميلاد التي كانت أمي تنتظر ان أعود بها الى البيت.
عزيزي، أيها القس.
ان عبق هذه الشجرة،دونما شك،كانت السماء قد أعجبت به ايضا.
دعني أكمل قصتي بالكامل:-
في نفس اللحظة التي غادرت انت بها،المرأة العجوز ابتهلت،الى العذراء مريم-كأم شخصية-أن يكافئ هذا العمل الغير مُنتظر،أقارب السجناء وعوائلهم هناك،كانوا على يقين إنهم التقوا ملاكاً،لذلك صلّوا،مبتهلين، شكرا للملائكة عن الحلوى التي اشتروها.
ايها الصبي انت تلقيت شكر الرب،لأنك فكرت بجوعه. العذراء والملائكة والإله سمعوا أولئك الناس المصلين والمبتهلين لمساعدتك إياهم.
عندما قطعت شجرة "Pinje" ملأته العذراء برائحة الطفولة وعبق القلوب البريئة،عندما كنتَ ماشياً،حولتْ الملائكة أشواك الغصن الى ذهب.
في النهاية عندما انتهوا الى رأى المسيح العمل ليباركه.. ومن الآن فصاعدا،من يمسس هذا الغصن..يكون قد برأ من ذنوبه وتحققت أحلامه،وهكذا يكون.
على حذّ قول العارفين.. يوجد غصن الصاج المقدس ولما يزل في سانت مارتن،وقوته الكبيرة؛انه يعطي البركة لكلّ من يساعد الآخرين مهما كان بعيدا عن هذه القرية الصغيره في بيرييه.