تكرار
صباحات مكررة :
ينهض كل صاح على صوت المنبه الذي يشبه زمور الباخرة و الذي يضبطه ليلا على الساعة السابعة إلا الربع وهذه عملية متكررة . يدخل إلى الحمام ثم يرتدي ملابسه و يحمل الملف الأزرق. الملف الأزرق الذي أصبح كظله لأزيد من أربع سنوات ، نفس الملف به نفس الأوراق: نسخة من الدبلوم مصادق عليه – نسخة من البطاقة الوطنية مصادق عليها - نسخة لبيانات النقط مصادق عليها- إلا التجربة العملية ، فهذه لم يعرف كيف يحصل عليها، و الطلب الخطي اللعين الذي لم يأت بأية نتيجة، هل نسي شيئا؟ هذا السؤال أصبح هو الآخر جزءا من هذا المكرر.
شوارع مكررة :
يجتاز شارع الحسن الثاني ليصل إلى شارع الأمم و من شارع الأمم إلى شارع غاندي إلى شارع نابليون إلى شارع فرنسا إلى شارع الليمون إلى شارع ابن بطوطة إلى شارع الزيتون إلى شارع نابس إلى شارع ابن رشد إلي شارع الأبطال إلى شارع ... و شارع ... و شارع ... و آه من شارع جان جوريس... كل هذه الشوارع لم يملها يوما ، و لما يملها ؟ المهم أن تأتى بنتيجة.
حافلات مكررة ؟
ووسط كل هذا التكرار و اللخبطة خلق نوعا من التلوين ، والحق يقال لم يكن إراديا بل كان مجبرا على ذلك. بما أنه لا يملك ثمن تذكرة الحافلة ولأن ثمنها باهظ جدا عليه ، و عطلته السعيدة ليست لها أي بوادر للنهاية للآن ، قرر أن يستغل عطلته جيدا برياضة المشي الطويل المكرر أو الوقوف في طوابير تمارين الفوكاليز لإنشاد الكورالي أمام أبواب الحكومة الموقرة. هكذا كان قرار الاتحاد المغربي للعطل المستديمة.
حدث مكرر :
و مع ذلك هذا اليوم كانت محظوظا جدا، فمكتب المدير في الطابق الأول و لأول مرة شكر أصحاب الشركة من أعماق قلبه لأنهم وفروا عليه مهمة صعود الطوابق، لم يفهم لما تعجبهم إقامة الشركات في الطوابق الخامسة فما فوق؟ ربما يرجع ذلك إلى "خوفهم من عيون الحساد أمثاله" فالعين لا تعلى عن الحاجب لظروف قاهرة يعرفها أصحابها فقط. المهم قبل أن يدخل إلى مكتب المدير قرأ في نفسه ما تيسر له من بعض الآيات البينات ودخل.استقبله المدير بحفاوة بالغة و هذا برتوكول لا بد منه، قدم له الملف الأزرق و كله أمل بالقبول.فتح الملف و ابتسم بأدب شديد. بأدب شديد، ثم سألنه عن التجربة العملية ، قال في نفسه " اييه ، هذا ما ينقصني، وهل وجدت عملا لإيجاد هذه التي تسمونها التجربة؟؟؟ " الجواب الوحيد الذي خرج منه لحظتها هو الصمت . تلك هي التجربة الوحيدة التي كان يملكها ، إضافة إلى الساعات الطويلة من الركض السريع و البطيء ثم الصعود و الهبوط ثم العرق الذي تتصبب معه كل الطموحات و الآمال ، وأن كنت من ذوي "الصحة على قد الحال" فينصح لك بالاندثار سريعا ، ثم طلب منه أن ينتظر الرد طويلا ، لم يقل ذلك في وجهه لكثرة أدبه لكنه فهمها ضمنيا، فمن لهم سوابق مثله " كيفهمها و هي طايرة " شكرا سعادة المدير. ثم خرج ليجمع أوراق الشوارع المكررة التي فردها منذ قليل ، للتدقيق منذ أقل من عشرة دقائق: ياااااااااااااااااه ، كم هو الوقت ثمين عند هؤلاء المسؤولين؟؟؟
العمر لا يتكرر :
اسمه علي السايح،حاصل على دبلوم في الاقتصاد .يشرف على الخامسة و الثلاثين . أبوه انتظره طويلا ثم مات ، فهل يتكرر عمر الأموات؟؟ أمه ؟ ستنتظر هي الأخرى ما قدر لها.
هند ، انتظرت طويلا و في آخر لقاء له معها قالت : العمر يمضي يا علي . سأخونك هذه المرة.أما علي ،فقد فرضت عله تلك المشاوير المتكررة و ليست بيده أية خيانة ليرتكبها.