شيميو ترابي

موضوع: شيميو ترابي السبت يناير 14, 2012 12:57 pm

الطريق طويل إلى العاصمة، الحافلة العجوز تتوقف باستمرار، معدتها تكاد تسقط من فمها..
ترفع الستارة المتسخة على النافذة المغبشة.. وتجوب الفضاء بعيونها الفارغة..
ما أقسى الحياة، حين تسحب نفسها منك..
يمتد الريف على يمينها، المنازل الصغيرة، والناس، والأفراح الكبيرة..
كانت الدنيا ربيعا، حين رأته، النظرة الأولى على طريق النهر، وفي الغد كان العرس، واستيقظ الفرح مبكرا في جسدها، حين أنجبت "إحسان".
زوج شاب يعمل طيلة اليوم، في ضيعات البرتقال، وزوجة جميلة، تطوف بيوت الجارات، تبيع الكحل للسيدات، و العطر للآنسات، والملابس للعرائس..
حين تبتسم، تضحك الدنيا، ويفتح باب الرزق، تشتري النسوة كل شيء، وتطلبن المزيد..
تنزل كل شهر إلى المدينة، تتسوق ما تحتاج من دكاكين الجملة، و تعود..
السفر اليوم، مختلف..
حين بتر الطبيب ثديها اليمنى، بكت، حتى نضبت منها الدموع..
وحين اشتهى الداء، ضفتها اليسرى، وهبته إياها دون بكاء..
عندما يضع القَدر أصبعه، على اسمك، لا مفر..
انطفأ وجهها المشرق، و شفاهها،جفت حتى تشققت، أهدابها الكحيلة، انسلت كما ينسل الضوء، من مصباح قديم..
و الضحكة، ابتعدت..
أصابعها الجميلة، شاخت،..
ويداها كشجرة عجوز، بانت عروقهما، و ازرقتا من أثر الحقن..
تتقيأ الفلاحة التي بجانبها، يتطاير عصير فمها، يلطخ جلبابها، يلوث المقاعد، الستارة والنوافذ..
معدتها، تكاد تسقط،من فمها..
البنايات العالية تلوح..
المدينة تقترب..
ما أقسى اقتراب المدينة..
و نزول الحافلة، أقسى، و أصعب..
ترفع عيونها إلى السماء.. تتنهد بعمق..
تشق طريقها المعتاد..
الخطوات فاترة..
تلعب إحسان في بهو الدار، تجري خلفها، تختبئ إحسان تحت المائدة الكبيرة، كفأرة صغيرة، مقلدة صوت القطة، تبحث عنها، تضحك إحسان حين تسمع المواء، تعرف القطة مكانها، فتمسكها..
تتمرغ الاثنتان، على حصير الضحك..
اللعبة هاته، أصبحت باهتة هي الأخرى..
كل شيء باهت، وجوه الناس، واجهات المتاجر، أخضر الحدائق، وأزرق السماء..
تلقي التحية بصوت ميت، و تمد دفتر المتابعة للمرضة..
- فاطمة بنت أحمد..
تقرأ الممرضة في الدفتر..
- تهز برأسها..
- الحصة الرابعة "شيميو ترابي"، سريرك جاهز اتبعيني..
للدواء حين يسري في عروقها، مذاق السم..
- آخر حصة، و بعدها يقرر الطبيب مصير الثدي.. الله يشافيك.
تغمض عيونها..
و تردد في نفسها: حين يضع القدر أصبعه على اسمك.. لا مفر.

شكرا القاصة مريم على هذا الطبق الدسم بسلاسته

عزيزتي مريم
نصك برغم المرارة التي بين سطوره امتعني كثيرا بفضل سلاسة القص وجمال اللغة سلمت وبورك قلمك اختي
محبتي
اختك رشيدة فقري

ربيع عامر الغيواني كتب:: شكرا القاصة مريم على هذا الطبق الدسم بسلاسته

صباح الخير أخي ربيع

بوركت و أسعد الله يومك

مودتي

رشيدة فقري كتب:: عزيزتي مريم
نصك برغم المرارة التي بين سطوره امتعني كثيرا بفضل سلاسة القص وجمال اللغة سلمت وبورك قلمك اختي
محبتي
اختك رشيدة فقري

أميرة الحرف رشيدة فقري

مرحبا أختي

سعيدة بوجودك أيتها البياض

لك السعادة

دومي

تغمض عينيها بدل عيونها
مع خالص المودة أختي مريم

[quote="mohamed zitoni"]تغمض عينيها بدل عيونها
مع خالص المودة أختي مريم[/quote

عيون صحيحة، و عينين أصح

شكرا أخي محمد الزيتوني

كل المودة

أختي مريم

نص كثيف وعميق الدلالة ,مشكورة أختي

مودتي

فكري محمد كتب:: أختي مريم

نص كثيف وعميق الدلالة ,مشكورة أختي

مودتي

محمد فكري

شكرا أخي الكريم

لأنك هنا

كل المودة لقلمك

أسعد كثيرا ايتها العزيزة بالاطلاع على نصوصك وهذا أحدها,, عميق، جميل وسلس,,,
دمت بود

موضوع: رد الخميس فبراير 09, 2012 1:15 am

أسجل اعجابي أختي مريم بهذا السرد الموفق.