بعد روايته "عطش الليل"
صدرت للروائي المغربي عبد القادر الدحمني رواية بعنوان
" أحزان حمان " عن دار الوطن للصحافة
والطباعة والنشر بالرباط في 197 صفحة من الحجم المتوسط، وتعالج الرواية المفارقات الاجتماعية
والإيديولوجية في الساحة المغربية وتركز بالأساس على الصراع القائم بين الخلاص
الفردي والخلاص الجماعي، والرواية تعكس عموما حياة الفئة الشبابية لما يسمى بمغرب
"العهد الجديد" وهو ما يطرح أسئلة علاقة الدولة بالمجتمع وكيفية تدبير
الاختلاف عامة خصوصا مع تطور أساليب التواصل..
ولعل " أحزان حمان" ترصد إرهاصات
الوعي الشبابي الجديد الذي شكل منطلقا لشرارة الربيع العربي..
تدور الرواية حول شخصية محورية (حمان)
تعتبر بمثابة مرآة تتجلى فيها باقي الشخوص، حيث يعيش هذا الأخير حياة هامشية فقيرة
خصوصا بعد وفاة أبيه، وتحمله أعباء الأسرة من بعده وكفاحه المزدوج لإثبات الذات
وضمان المستقبل، وهكذا يصطدم بعقبات/ أحزان كثيرة تحول دونه ودون مطلبه منها
بطبيعة الحال، عقبات ترتبط ارتباطا مباشرا بتجليات طبيعة النظام السياسي القائم،
تتجاذبه التيارات الإديولوجية ويحتفظ بحياده وفلسفته الخاصة إلى أن يسقط ضحية
اعتقال سياسي لم يكن في حسبانه، وحينها يراجع حياته ويكتب رواية أحزانه وقراءته
للواقع المغربي..
وبين اليأس والأمل، بين النضال والجبن، يتمكن "حمان"
من اكتشاف حقيقة دربه بعد نكسات كثيرة وارتطامات مدوية، تلك هي أحزان حمان، أحزان
الشبيبة المغربية الباحثة عن ذاتها وهويتها ومستقبلها، أحزان حمان إذن تجلٍّ من
تجليات الحلم المغربي الموجع تمكن الروائي عبد القادر الدحمني من رصد ووصف دقائق
خلجاته بلغة شاعرية شفيفة وسرد أنيق وحسّ سياسي حادّ..
يقول الراوي على لسان حمان في الصفحة
27- 28 :
"
الليل الموحش يملأني، يتوغل فيّ بلا هوادة، يفتح حزني كصنبور، ثم يرميني في بؤرة
الحنين، ألم في اتجاه الماضي، الحنين سلاح القلب الحزين في استنطاق الذاكرة، وأنا
ذاكرتي متورمة، شاردة بلا صوى ولا علامات.
تيه حزين من العذابات والهزائم، شدة الحاجة وألم
اليتم، اليتم قدري في وطن يكره أبناءه، ويرميهم في بحر الفساد والسجون، أو بحر
الجهل والموت..
ألبس عباءة أبي من جديد، وأتكئ قبالة صورته،
الصورة المعلقة بين الانشداه والتبسم، صورة العيد، صورة الفرح الجبري، قمة المأساة أن
يدفعك الوطن لتفرح قهرا رغم جراحك، رغم جوعك، رغم لحمك المنهوش ودمك المسفوك،
وروحك المعروضة في المزاد، فكرت في الأموال الطائلة التي يتم صرفها على المهرجانات
ثم ابتلعت يأسي وحلمي الساذج.."