ويكون التسكر أو السكر بأول كلمة يبدأ بها الشاعر صدر البيت الأول من القصيدة لتكون نفسها قافية العجز من البيت الأخير فتسمى (السكر الصعدري) نسبة الى الصدر أو العجز : وهو على مستوى التجنيس إذا احتوت الكلمة نفس الحروف
فيسمى ( التجنيس المعنوي )إذا كان يحمل نفس المعنى نحو أن تبدأ ب (دخل) في أول الصدر أو آخره من البيت الأول
أول تكون قافية للبيت الأول من القصيدة فتنتهي بها أي (دخل) في لآخلر البيت فتكون قافية تختتم بها القصيدة أو القطعة
ويسمى( التجنيس اللفظي) إذا احتوت الكلمة على نفس حروف الكلمة التي سبقتها إلا أنها لا تضم نفس المعنى نحو أن تبدأ
ب (ذهبا) وهي مثنى ماضي ذهب من الذهاب وتختم بها قافية البيت الأخير نحو (ذهبا ) وهي من الذهب .
ثم السكر أو التسكر الترادفي مثل أن تبدأ (دخل) وتنتهي ب (ولج ) لأن ولج ليست شرحا وإنما هي مرادفا لها .
ثم ( السكر التبييني ) لما سبقه كقوله في سورة الإخلاص : قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد.
وكلمة أحد ليست هي واحد لأن واحد له إثنان و إثنان لها ثلاثة أما أحد فأحدان أو ثلاثة أحدات فهي وثرية فردية أحادية
ما تتقبل أن تكون مثنى أوجمعا أما الكلمات التي أتت بعدها (كالصمد )و(ولم يلد ولم يولد)كلمات دالة على وحدانية الأحد
وهي ممهدة لما تشير إليه (كفؤا أحد ) وهي خاصية تلزم الكلمات التبيينية من أجل التفسير والتوضيح لما سبقها من كلمة احد إذن فأحد هو ماليس له كفؤ وكفؤا أحد هو جواب ل(قل هو الله أحد ) .
ثم( السكر) أو ( تسكر النتيجة) وهو ختم الأبيات أو القطعة أو القصيدة قافية بكلمة تبيين نتيجة معنى الكلمة التي أبتدأت بها الشاعرة السعدية التويجر المعروفة بمرجانة نحو قولها :
عذابا حين يمخرني الدواء ...على أمل الرجاء ولا شفاء
ألا يا أيها المرض اللعين ...ترفق إن جسمي فيه داء
كفا فتكا وتعذيبا فإن ...وجودك حين يؤلمني شقاء.
عذابا : مفعول مطلق لفعل محذوف نحو عذبني عذابا والفاعل هو المرض اللعين والإطلاق هنا يعني عمومية التعذيب
والإطلاق في كل مكوناته المؤدية إليه حتى اعطت للدواء صفة الناخر في قولها ( حين يمخرني الدواء) وعلميا ان الدواء له
مضاعفات جانبية تؤثر على الصحة ومن بينها هشاشة العظام وهو نوع من العذاب غير أنها تأخذه رجاءا في الشفاء غير
يائسة حيث تقول( على أمل الرجاء) ويائسة حين تقول (ولا شفاء) وهو تناقد تتضارب فيه الأضداد الذهنية التي يشعر بها المريض بلا م النفي نحو ( ولا شفاء) وحرف الجر نحو (على أمل الرجاء) ثم تبتدئ البيت الثاني بأداة التحضيض (ألا)
وياء النداء .والمنادى هو المرض الذي أعطته صفة اللعين وهي إشارة إلى اليأس الذي يقترب رويدا رويدا باستعمالها
ياء النداء للقريب ثم تليها بأي للنداء القريب جدا نحو ( يا أيها ) والهاء ضمير يعود إلى المرض ولا يعتبر هذا حشوا وانما
هو توكيد لما تشير اليه بيا لنداء القريب و ( أي ) للنداء القريب جدا إذ الهاء هنا شيئ نحس به إلى أن يقترب أكثر فيتضح مرضا وعلى هذا المستوى السردي لقوله تعالى (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) سورة البقرة الآية 176 ( اولئك الذين صدقوا)تعود الى (الموفون بعهدهم إذا عاهدوا)و أن بالوفاء يكون الصدق كما يكون بالصبر التقوى ويعود (اولئك هم المتقون) إلى ( والصابرين في البأساء والضراء) لأن التقوى تكون بالصبر والصبر على البأساء والضراء يكون من التقوى وكذلك ما جاءت به الشاعرة السعدية التويجر في( ألا يا أيها المرض اللعين ) يعود الهاء الى يا النداء القريب كما يعود المرض إلى النداء القريب جدا هذا السرد على مستوى التوضيب قدم الهاء بتقدم ياء النداء القريب وأخر المرض لتأخر النداء القريب جدا كما تقدم ( اولئك الذين صدقوا) لتقدم الوفاء (الموفون بعهدهم إذا عاهدوا) وتأخر (اولئك هم المتقون) لتأخر ( والصابرين في البأساء والضراء)
وكل ما ترغبه الشاعرة من المرض هو الترفق كما جاء في الدعاء الشريف ( اللهم إني لا أسالك رد القدر ولكن اسألك اللطف فيه) هذا كل ما تريد قوله الشاعرة (ترفق إن جسمي فيه داء) ثم كل ماتريده الرفق والكف من التعديب في قولها :
كفا فتكا وتعذيبا فإن ...وجودك حين يؤلمني شقاء. حيث أن كلمات لا زمة للسكر النتيجة المتجلى في شقاء تتكون من
ينخرني –المرض-داء –فتكا-تعذيبا – يؤلمني كلمات تمهيدية لشقاء كلمة قافية البيت الأخير وهي تبين نتيجة عذابا (من بداية الصدر من البيت الأول)وهو شرط من شروط اللازمة لسكر النتيجة كما هي لا زمة لسكر التبييني .
والسكرأو التسكر في الشعر هو كالقفل والغصن في الموشح وهو للتمييز بين القصيدة للسكر أو التسكر وبين الموشح القفل والغصن ولذا أقوا إن لكل مبتكر عنوان ما ابتكر وعليه اقول إن الشعر والقصيدة هو ما ابتكره الأوائل وعرفوه بقولهم (الشعر كلام موزون مقفى) تتجلى شاعريته في اسمه شعرا ثم جاء الندلسيون وابتكروا الموشح وسموه موشحا لا شعرا
ثم ابتكروا الزجل وهو الشعر النظم بالعامية ولم يسموه شعرا ولا قصيدة بل سموه زجلا ثم جاء الشعر الحر والنثري
ولذا لا يجوز أن نسميهما شعرا وإنما هما خواطر تكتب كل ما يخطر ببالك وقد تشعر به وقد لا ولذا يسمى خاطرة التفعيلة وخاطرة النثر , قياسا على الموشح وهو اقرب إلى الشعر ولا يسمى الا موشحا وللعربية قواعدها فال يجب أن تهد.وكما قال الشاعر الفارس محمد فكري في قصيدته بعنوان : اللغة العربية
لها من الحسن لفظا منطق الكلم ...بلاغة وبيانا معشر الأمم
محبوكة النسج لا عيب ولا خلل...سحر الكلام وحسن الرسم بالقلم
كالبحر في عمقه الياقوت والدرر...وكالسحابة إن تثلج على القمم
تهيج في داخلي حبا ومنزلة ...وهي التي رفرفت في القلب كالعلم
إلزم فصاحتها واصحب بلاغتها...ولا تعش أبدا مستودع العجم
كبائع المسك إن تصحبه عطرك...ونافخ الكير إن تقربه تئتلم
إصحب كتابك واسحب كل زائدة...فالحشو داء يصيب اللفظ بالسقم
الجهل والعلم مقرونان في رسم...والجهل ذو علة ةالعلم مسك دمي
استحسن اللفظ ثم أكتب معانيها ...ولا تكن حكما جهلا من العدم
فلا يصير الفتى ذا همة أبدا ...إلا إذا كان ذا صبر على الكلم
