عَاقِلٌ و لاَ خَيَارْ

مَحْضُورٌ أن تَرَى عينيكَ بِأمِّ عينيك

أن تُصَاهِرَ نَسَبَكَ العَرِيق

أو تَنْتَفِضَ على صَمْتِك،

فعليكَ أيها المَأتُورُ عن الأقَاوِيل

أن تُجِيدَ الإنْحِنَاءَةَ لِلْفَتَاوِي

أن تَنْتَحِلَ نعتكَ كما وُصِفْ

و تَسْلُكَ هُدُوءَكَ بِأمَانٍ

لئَلاّ يَهْطُلَ عليكَ وَبَالُ السّاسَةِ

جَارِفًا أحَاسِيسَ تُهَجِّنُكَ

بالأمس صُودِرَ منكَ الجنون

فصِرْتَ عاقِلاً بعقلٍ جديد

لكنكَ تُهَلْوِسُ بأفكارٍ

تَنْبَعِتُ من شُرُودِكَ القديم،

سَلَبُوكَ أسئلة الدهشةِ الأولى

و عَصَرُوا جنسكَ ليَجِفّ منكَ الوجود

لكنكَ كل مرة!

كنتَ تَنْفَلِتُ من طَوْقِ أدْلُوجَاتِهِم

تَلْهَثُ وراء أيّامِكَ الصّارِخَة

تَجُوُب نِطاقَ مواقفكِ مُسْتَفْهِمًا

و تُبَعْثِرُ أفكارًا مُنْدَسّةً

بين رُفُوفِ الشرق

وكواليسِ الغرب.

كم مرة ألْبَسُوكَ زَيّ الرِّجْعِيّة!

رَقّصُوكَ على أوْثَارٍ

هَادِرٍ صَخَبُهَا باللاّمَعْنَى

و حَنّطُوكَ حيا

ليَحْتَفِظُوْا بمَمَاتِكَ للأجْيَال

لكنكَ أبدا!

لم تَسْتَصِغْ منطقَ هَبَائِهِم

فَغَدَوْتَ لتَلْتَحِقَ بالضّائِعِ من هَوَيّتِكَ

وقفتَ من عَثْرَتِكَ و آنْغَمَسْتَ بالتّحَرّرِ

تسلُكُ ما ضاعَ من العُبُور عند نَفْيكَ

مُنَقِّبًا عن مصيركَ القَائِم

و عَابِثًا بالأسْطُرِ المَسَاطِير

تلكَ من غَلّتْ حَيْرَتَكَ بالتّطَيّرِ

و جعلتكَ تُحَجِّرُ حُريتكَ في الدم

مُكَبّلَةً لسانَ لغتكَ

بسلطةِ الصّمتِ لا بِحِكْمَتِه.

لَكَمْ رَفَضْتَ الأرض !

و حَلمْتَ بالتّوَاضُعِ لها،

لكن !

أرْهَقَكَ التّوَاجُدُ الصّنَمِي المُحَاصَر

فحَاوَلْتَ النّزُوحَ عبرَ مَدَالِجِ

على الأقلِّ تُنْصِفُ جَدْوَاكَ

لكن مرةً اخرى!

الحدودُ أعْلَنَتْ إنْتِدَابَهَا عليكَ

حَرَمَتْكَ من الأرض

و أنْتَ بعضُ صَلْصَالِهَا

فَحُوصِرْتَ بلا آنْتِمَائِكَ لها

و شُنِقَتْ أفكاركَ علانِية

لأن لكَ أطوارٌ

غريبةٌ عن نطاقِ الواقع.

21-22/4/2004

أعجبني ما قرأت
بوح جميل المعنى
البحث في المتناقضات غني ومغني
وكذا الموقف
دامت لك هذه القريحة

نص يحمل وجه طريق صاحبه الذي يمثل أوجاع الوطن الذي اغتصب منا قهرا ولم يتوخى لنا بعد هذه العواصف الإنتماء اليه .
دمت موفقا أخي نور الدين لتكميل رسم وجه هذا الطريق الذي يؤدي الى الوطن المفقود