الثقة بالنفس
عن أهمية الثقة بالنفس ولماذا تضعف ثقة الكثيرين بأنفسهم؟.
نأتي خلال هذه المقالة إلى الوسائل العملية التي لابد أن نأخذ بها في حياتنا اليومية؛ من أجل أن تعيننا على الثقة بالنفس وتقديرالذات
إن أهم خطوة للثقة بالنفس هو قبولك لذاتك لكي تحقق أهدافك، بدون أي شروط مسبقة، ولكي تفعل ذلك فلابد أن تعرف نعم الله تعالى عليك التي ولاتُعد..ولا تحصى،
فقد كرمنا الله فخلقنا في أحسن تقويم،
فهل بعد هذا التكريم تكريم،
أبعد كل تلك القيمة العالية لهذه السلعة النفيسة التي هي النفس لا يحترمها الإنسان ولا يقدرها حق قدرها؟
فمن الآن عندما تنظر لنفسك انظر إلى ما وهبه الله تعالى لك من إمكانيات غير طبيعية
.
يقول ديل كارنيجي: (كان هارولد أبوت مدير معهدي منذ سنوات، وذات يوم التقينا فأوصلني إلى مرزعتي، وخلال الطريق أخبرني قصة مثيرة لن أنساها أبدًا.
قال: كنت دائم القلق، لكن في أحد أيام الربيع من عام 1943م، كنت أتمشى في أحد الشوارع وإذا بي أرى منظرًا أزال عني القلق، حدث ذلك خلال عشر ثوان فقط تعلمت فيها ما لم أتعلمه في السنوات العشر السابقة.
فمنذ سنتين، كنت أدير مخزن بقالة في مدينة وبي وقد خسرت جميع مدخراتي، وغرقت في ديون تحتاج إلى سبع سنوات من العمل لسدادها، وقد أقفلت مخزني وذهبت إلى بنك التجار والصناعيين؛ لاستدانة المال الكافي لانتقالي إلى مدينة كنساس للبحث عن عمل.
كنت أسير كرجل مهزوم فقد ثقته بنفسه وشجاعته، وفجأة رأيت رجلاً وقد بترت قدماه، كان يجلس على مقعد يرتكز على عجلات، ويزحف في الشارع بمساعدة قطع من الخشب أثبتها في كل يد.
التقيت به بعد أن عبر الشارع يرفع نفسه، ليصعد إلى الرصيف، وفيما هو يفعل ذلك، التقت عيناي بعينه فابتسم لي ابتسامة رائعة قائلاً: صباح الخير يا سيد إنه صباح جميل
أليس كذلك؟
وفيما أنا واقف أنظر إليه، عرفت كم أنني غني، فأنا أملك ساقين، وأستطيع السير، شعرت بالخجل من نفسي وقلت في نفسي: إذا كان هذا الرجل الفاقد لساقيه سعيدًا واثقًا من نفسه،
فكيف يجب أن أكون أنا بوجود ساقي؟
شعرت بالارتياح، وكنت قد قررت أن أستدين مبلغ مائة دولار فقط من البنك، فأصبح لدي الشجاعة الكافية لطلب مائتين، وكنت أنوي أن أقول:
إنني ذاهب إلى مدينة كنساس للحصول على عمل، فحصلت على المال وحصلت على العمل، ويومها ألصقت هذه الكلمات على المرآة حيث يمكنني قراءتها كل صباح:
شعرت بالكآبة لأنه لا حذاء لدي، حتى التقيت في الشارع برجل قُطِعت ساقاه).
إن أهم خطوة لتحقيق الثقة بالنفس هو قبولك لذاتك، بدون أي شروط مسبقة، ولكي تفعل ذلك فلابد أن تعرف نعم الله تعالى عليك التي ولاتُعد..ولا تحصى،
فقد كرمنا الله فخلقنا في أحسن تقويم،
فهل بعد هذا التكريم تكريم،
أبعد كل تلك القيمة العالية لهذه السلعة النفيسة التي هي النفس لا يحترمها الإنسان ولا يقدرها حق قدرها؟
فمن الآن عندما تنظر لنفسك انظر إلى ما وهبه الله تعالى لك من إمكانيات غير طبيعية.
للأسف الشديد بعض الناس الذين لا يقبلون ذاتهم، ويحاولون أن يتظاهروا بغير شخصياتهم يعتقدون بذلك أنهم سينجحون في إقناع الآخرين بمدى الثقة بالنفس التي يتمتعون بها، والحقيقة على غير ذلك تمامًا، إن ذلك معناه إعلان عدم الثقة بالنفس من أول لحظة؛ ولذا لا تحاول أبدًا أن ترفع سعرك أو تتظاهر بغير شخصيتك.
فمن اليوم كن لنفسك ولا تكون على عكسها ولا غيرك، تعامل مع الناس بشخصيتك لا بشخصية غيرك، وانظر إلى نفسك بصورة إيجابية، انظر إلى إمكانياتها وقدراتها، انظر إلى المواقف التي نجحت فيها، واجعلها دائمًا لك لتقوى ثقتك بنفسك .
والنفس البشـرية قابلة للخطاب المزدوج، قابلة لأن تستشعر عجزها وتقصيرها في طاعة الله، وفي الوقت ذاته تستشعر أنها أعز وأعلى بطاعة الله، وتأمل ذلك الخطاب القرآني للمؤمنين في غزوة أحد، خطاب الثقة والتأييد والتشجيع،
كما قال تعالى: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"[آل عمران: ١٦٥]، حتى في وسط الهزيمة والابتلاء لا ينسَ الإنسان وهو متعلق بربه أنه أعز بالطاعة والقربى من الله.
الوسيلة الثانية: طوِّر نقاط قوتك، وتغلب على نقاط ضعفك:
قيل لأحد السلف: (لنا عندك حويجة "تصغير حاجة")، فرفض وقال: (اطلبوا لها رجيلاً)، هكذا كان أسلافنا أمثلة رائعة ونماذج حية لتقدير الذات والتفكير بطريقة إيجابية.
الركن الأول: ركز على نقاط قوتك:
تأمل في قصة الملاكم العالمي محمد علي كلاي، فبعد أن جُرِّد من لقبه العالمي نتيجة رفضه الخدمة العسكرية في حرب فيتنام، عانى هذا البطل من الديون المتكاثرة ورفضت كثير من الولايات الأمريكية أن تمنحه تصريحًا لمزاولة الملاكمة على أرضها، ولم يكن أمامه من بد للعودة إلى الملاكمة سوى أن يتحدى أحد عمالقة الملاكمة وقتها وهو جورج فورمان، وهو ملاكم يهاب الجميع لقاءه، فماذا حدث؟
(لقد كان محمد علي كلاي خائفًا جدًّا من اللعب أمامه، ولكنه قبل التحدي، وكانت النتيجة الهزيمة الساحقة، فقد أصابه فورمان بإصابات عديدة منها 12 غرزة في وجهه، وكذلك إصابة في فكه وكسر في ذراعه، ليودع المستشفى في حالة سيئة جدًّا، فنصحه الناس ألا يلعب مرة أخرى، ولكنه استطاع أن يلعب ثانية وليس هذا فقط بل قرر أن يلعب أمام جورج فورمان نفسه.
أخذ يشاهد الفيلم التسجيلي للمباراة التي لعبها مع فورمان كي يتعلم منها حتى استوعبها تمامًا وبعد أن خرج من المستشفى بدأ يتدرب بشكل مكثف ليلاً ونهارًا، ثم تحدى فورمان مرة أخرى، فرد عليه فورمان قائلاً: سوف تشتاقون للقاء هذا الرجل مرة أخرى، فهذه هي آخر مرة يمكنكم أن تروه فيها، فإنه لم يستوعب الدرس من المرة الأولى، فودعوه بشدة؛ لأنني سوف أخلصكم منه تمامًا).
فماذا يصنع محمد علي كلاي أمام هذا التحدي؟ فجورج فورمان أقوى منه بنيانًا وأطول قامة وأشد في ضرباته ويتمتع بجمهور كبير وتأييد جارف، وكل الظروف ضده.
(كانت هذه المباراة في أفريقيا، فسافر محمد علي قبل البطولة بشهر كامل إلى هناك، ولأنه شخصية جذابة فقد أحبه الناس جدًّا، وكان ينزل إلى الشارع ويتدرب ويركض وسط الناس، حتى باتوا يهتفون باسمه ويشجعونه قائلين: محمد الفائز.. محمد الفائز.
ولما بدأت المباراة أراد محمد علي أن يقنع فورمان أن ضربته مهما بلغت من قوة فلن تؤثر فيه، في حين أن أي ملاكم آخر كان يتقي ضربة فورمان ولا يثبت أمام أكثر من جولتين أو ثلاث، ولكن محمد علي اعتمد على قوته الذهنية وابتكر أسلوبًا جديدًا وهو الارتماء على الحبال التي تحيط ملعب الملاكمة لتمتص الصدمة الناتجة عن ضربات فورمان الموجعة.
واستمر الحال على ذلك لمدة 12 جولة، وفي النهاية خارت قوة فورمان الذي لم يتعود على الصمود لجولات كثيرة، بينما استطاع محمد علي كلاي أن ينقض على منافسه بضربات متتالية قوية انتهت بضربة قاضية أجهزت على فورمان).
ولكن كيف استطاع محمد علي أن يهزم فورمان مع فارق القوة والإمكانيات التي كانت في صالح فورمان؟
إن السر في تلك الثقة الكبيرة بالنفس، التي تميز بها هذا الرجل، ولكن من أين أتت تلك الثقة؟ لقد تولدت لمحمد علي كلاي من تركيزه على نقاط قوته، وهي الصبر والاحتمال لقوة اللكمات، والاعتماد على القوة الذهنية وابتكاره لأسلوب الارتماء على الحبال الذي لم يكن معروفًا من قبل، ثم اختياره للوقت المناسب لينقض على منافسه
فلابد أن نجعل نَصْب أعيننا كلمة *بالثقة بالنفس* نتغلب على كل شئ في حياتنا...