أسماء محمد إدارة عامة
عدد الرسائل : 2070 تاريخ التسجيل : 23/01/2008
| موضوع: الأديب والصحفي العراقي يقرأ "للموت مكل هذا الحب" للغافي الثلاثاء أغسطس 05, 2014 3:14 pm | |
| حين تتعب حمامة الشاعر فتحط في خم الدجاججريدة اخبار الخليج تاريخ النشر :12 يونيو 2010
بقلم: فيصل عبدالحسن لم ألتق شاعرا أو أديبا أو كاتبا يفخر بمهنته التي يعيش منها وعياله، كهذا الشاعر، فهو يعمل منذ بواكير حياته، وكما عرفته منتصف التسعينيات شخصيا، كإسكافي، ويقع كشكه الصغير في أفقر حي من أحياء الدار البيضاء، وهو أيضا يعيش فيه مع زوجته وأطفاله وأبويه، ويقع الحي في منطقة عشوائية، بنيت بيوتها من ألواح الصفيح، خارج اطار التخطيط العمراني للمدينة، وجغرافيتها، والغريب أن الشاعر لا يكتفي بالفخر أمام الجميع بمهنته، بل يضعها أيضا على غلاف ديوانه، وتحت عنوان الديوان "الاسكافي... محمد اللغافي" فيدخلها حيز الشعر وجمالياته. تتمثل الرؤية الجمالية عند الشاعر محمد اللغافي بعثوره على تقنيات شعرية مبتكرة، وتكوينات أسلوبية تتحول في ذهن المتلقي إلى إيقاعات فنية مؤكدة دينامية العمل الشعري وتوليداته، وتتمحور رؤى الشاعر في ديوانه "للموت.. كل هذا الحب" فيما يصنعه الشاعر في يومه، وبذلك فهو يفارق البلاغة الشعرية المطلوبة ويجنح إلى الفعل في الكلمة، ويقطع ترابط العلاقات اللفظية، التي تبنى عليها عادة الكتابة الشعرية في قصيدة التفعيلة، والقصيدة العمودية، فهو من الجيل الشعري المغربي التسعيني، الذي بنى تجربته الشعرية بما كان يمتلكه من مفردات شعرية قليلة، لكنها ضاجة بالحياة، ويعتريها نسق متصاعد، نسميه محبة الحياة وحرارة دماء الشباب، وبحث هذا الشباب الدائم عن وسائل عملية لرسم التجربة المعاشة وتحويلها إلى نص شعري له صوره وبلاغته يعكس فيه قلقه، حيث تصير العبارات في أي نص من هذه النصوص عصافير دورية شديدة الحذر، تحمل عدة أوجه في التأويل، عبرات تحيلك للشك أكثر مما تحيلك لليقين، تعيد تجربة كاتبها بعيدا عن الناس وفخاخ الصيادين، لتستقر في عش دافئ وناء جدا عن الآخرين، وهي أيضا محاولات حقيقية لقراءة واقع حياة الشباب المغربي، الساكن في قاع المجتمع المغربي وفقره، في بيوت صفيحه وأهل جحوره الصخرية عند سواحل المحيط، حيث بيوت الناس أرض محفورة في الصخر والرمال والبؤس. نصوص هذا الشاعر حملت أيضا فورات الشباب وبحثهم الدؤوب عن كوى للأمل للانطلاق إلى حياة أفضل وواقع يعيشه الشاعر من دون أن يذل نفسه بسبب لقمة الخبز وحبة الدواء، والمأوى الذي يستره عن العيون، لقد أراد الشاعر في قصائد ديوانه اعادة وقع ألحان أسطوانة الفابلاندي (؟لَفٌقفوِء) فهو لا يعيد اللحن ذاته، لكنك تتعرفه، وقعا وتنهدات وأصواتا رقيقة ضاجة بالحزن، انه يعيد كل هذا شعرا حزينا، بالغ الإحباط، شديد التأثير: "بالعياء.. أقص سبيلي/ كمن.. ضيعته السفائن في الزوبعات/ هي.. الفقاعات التي تطفو فوق الماء/ آخر.. ما قد تبقى/ من أنفاس القراصنة / فلماذا.. حين اختلجت غيمتنا/ سقطت في البركة.. كل صناديق القرية؟! " والشاعر هنا استعار صوت القرويين المتعبين، محاولا رسم ساعاتهم وأيامهم وشهورهم وسنواتهم المملوءة بالإحباط والفقر والملل: "وحين تراني/ اشنق الوقت/ إلى زاوية/ في فنجان اسود/ وسيجارة رخيصة/ أو حين ترى الجريدة تكرر/ نفس المقال الذي نشرته في صفحتها الأولى/ في الصفحة الأخيرة/ اعلم/ أن الوطن /في كف رجل شاحب". إن المعادلة التي يضعها الشاعر لواقع تمتزج فيه لواعج البحث عن خلاص، والاستسلام للقدر الغاشم والتمرد عليه، فالشعر يغرب عن العالم كما الشمس ولكن غروبه يكون إلى داخل صدره، وفي هذا الغروب ترى الغيوم المكفهرة، ومطر الأوجاع: "حين تراني أغرب في صدري/وترى الغيوم... تمطر وجع الأيام/ اعلم/ انه/ لم يبق بيني وبين الوصول إلى الله سوى/ وطأة على القلب خفيفة" فالشاعر يصل إلى الموت وإلى خالقه حبا ومودة عبر غيوم، وأمطار وأوجاع، انه يصل إلى محبته من خلال أمنياته الطيبة، لهذا العالم المخلوق يصل إليه بفكره وقبل أن يصل إلى ذلك الاطمئنان الروحي والسكينة، فثمة وطأة خفيفة على القلب لم تزل، لتصل إلى لحظة ما انقطع بينه وبين خالقه. تتنوع مفردات الشاعر، وصوره وهو لا يحلق دائما في السماء باحثا عن الفكرة لإكمال المعنى، فمفرداته تبحث فيما هو أرضي، فهو يقول على سبيل المثال عن ذلك الرجل الذي عشق شاربه كثيرا، ولكنه نحر شعيرات ذلك الشارب في حضن امرأة تبحث عن وجه خامس لها، لتبدل ملامح وجهها الرابع: "الرجل الذي ظل يعشق شاربه/ ضيعه/ في حديقة امرأة/ مازالت /تبحث عن وجهها الخامس/ في الحقيبة" ويعلو صوت الشاعر مجددا في ذات القصيدة التي يتناول فيها اليومي، والمألوف ليتحدث عن السمو والحقيقة والذات الشعرية التي تمنح الوجود حضورا ودينامكية، وفي قصيدته "حالات شريدة" يخبرنا هامسا: "استفاق على ضجيج جثته الهامدة/ تركه/ وانسحب إلى الحقيقة"، ثم يقودك الشاعر بعد ذلك إلى مدينة الدار البيضاء، وهو المفتون بعمارتها وطرقها وساحاتها الواسعة، وأسواقها الحديثة ونسائها الجميلات، وأسماء شوارعها المتكررة، لكن بالرغم من محاولاته الدؤوب لجعلك تشم أريج المدينة مبثوثا في خبايا القصيدة، وسراديبها السرية، فإنك تشعر بأن اللغافي يبقى وفيا لبيوت الصفيح وأهل ذلك القاع، كأنما تلك البيوت قارات معزولة عن قارات الأرض، وترتعش كلمات الشاعر، وهي تحضر لنا تلك الأمكنة في متن القصيدة، كأنما الشاعر يهوى استعادة الأشكال والصور القديمة ويعيد رسمها من خلال ذاكرة معطوبة: "ما الذي /اتعب الحمامة لتحط في خم الدجاج/ ما الذي/ احدث التعسف بالحبر .../ضد البحر؟/ ليس من احد/ يعرف معنى الاكتظاظ" أو حين يروي لنا الشاعر عن تلك الغرفة:" كانت الأمكنة تنهار في الغرفة/ مضاجعة غير رسمية/ تمت على صدر الجدار". نرى نزوع الشاعر في ديوانه واضحا إلى التكوين الفسيفسائي، فهو يجمع قصائده محاولا تلوين فضائه الشعري بما هو يومي، لكنه لا يقع في الابتذال، مضيفا إلى ذلك نزوعه للإجابة عن أسئلة فلسفية عميقة تؤرقه، ونجتزئ من قصيدته "ميتافيزيقيا": "تصور معي/ أن أكون قادرا على الخلق/ ارفس الكون/ وكل الكلمات.. بجميع اللغات/ في أجفان امرأة أعشقها /ثم/ استوي/ في لحظة تأمل حكيمة/أرى/هذه المملكة العظيمة/ هذه الكوة/ في جغرافيتي مقيمة/ تصور معي". إن دعوة الشاعر إلى رفض المتعارف عليه، في كتابة النص الشعري، بكلماته المكررة في قصائد غيره من الشعراء، ورموزه ومصطلحاته، وصوره الشعرية التقليدية، و"استبدالها بكلمات" تنقل لنا الشعور الحسي بالأشياء وجمال الحياة والفرح بصغائرها وكبائرها، وهكذا كانت نصوص كثيرة من الديوان، ومنها على وجه الخصوص قصائد: "حالات شريدة" و"في الأعماق" و"وشوشة" و"لك أنت هذه الأغنية" و"للموت...كل هذا الحب". * للموت.. كل هذا الحب/ ديوان شعر طبع في مطبعة الشروق/ الدار البيضاء- المغرب. * كاتب وصحفي http://www.akhbar-alkhaleej.com/11768/article/388976.html# | |
|
عبد الكريم العمراني مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 470 العمر : 57 Localisation : أرفود تاريخ التسجيل : 05/11/2010
| موضوع: رد: الأديب والصحفي العراقي يقرأ "للموت مكل هذا الحب" للغافي الخميس أغسطس 07, 2014 9:57 am | |
| من الأخطاء الشائعة القول إسكافي وتصويب ذلك أن نقول إسكاف. | |
|