ارثك الشفاهي
لم يتحسس الزمن الهارب حوله ..لم يتدارك الانفاس التي تتقطع دواخله رغم سيره الحثيث...و لم ينتبه للصوت الذي احتوى المكان رعبا و ذعرا لهول ما حدث...انه قطعة من ثلج تستغور عمق طود من جليد...
يصقع المكان..يحنط في رحيل الزمن الهارب قيمة الانسان الايلة للسقوط عند تصحر الشيب .. تقوس الظهر.. وشحوب التجاعيد التي تقرأ شخصية العم عروب المعمرة طويلا ...
ولازال يحيا بيننا اسطورة و غرابة ...
اطرافه تتحرك عكس زيغ نظراته النزقة التي توحي للرائي ان الجسم لحظة صراع نفسي قدغيب قسرا روحه فيما وراءالوعي بالماحول..هو العم عروب انفصام امثل لنفي بين الحضور ..
يستلم من لحظته اليتيمة مواجع الايام السالفة لتتغنى رتابة و قتامة و محيط يطفو في لج من العتامة ...فمن هو العم عروب.لج صاخب بتمليات صوفية ترتكن شطحات صوفية .. فتمجد طرح السؤال تحديدا للهوية المسروقة بفعل فاعل مجهول ...انها هوية الانسان التي نريد استردادها اليه
ولا زال الان يحيا بيننا قصة و بداية ...
لنساله جميعا لعله يخرج من مدار التيه الذي يبلعه ضلالا و شرودا ..لنستكشف عوالمه الملغومة لغزا ... لغز الموت الشفيف الصامت وحيا ...انه علبتنا السوداء ..خرساء شمطاء...تسكن حمم الاسئلة المفقودة في تجاويف الارحام المستنسخة عمق نظرات متكسرة لينا غلظة وجفاء..
لا زال بيننا رجع ووأد لنهاية هي ميلاد صحوتنا...للاطلاع و المكاشفة
من انت ايها العم عروب؟؟؟
انتظرنا الجواب و ننتظره و لازلنا ننتظره عسى ان ينبس ببنت شفة و لو رجما بالغيب انه للاسف ... يواصل رقاد الليل بالنهار ..يحدجنا بنظراته الشزراء التي منهما ينط بؤبؤآه سخرية بالتحليق المشوه حول شخصه الفاخم اعتزازا بصمت مهيب...و تتساقط الاسئلة اثناء النوم او عند يقظته كتساقط اوراق التوت خريفا..
و انه كالخريف مثقل بثمار تحفز على الاغواء و الغواية
من انت ايها العجوز ?..
لا نعرف منك الا الاسم عروب...
حدثنا بحق الله عليك عن سرك بيننا...
فكل من عاصروك موتى..
قلدوك حكمة ما قبل الرحيل التدريجي لرجالات لرموز ... كانوا منا و كم من اسرار انهارت على فردانيتها موتا رافقت صدور من احتوتها نارا و اعصارا ..
من انت ايها العم عروب و ما علاقاتك بابائنا فلقد اشاروا لنا ونحن صغار انك تحفظ سر ماوراء تاريخناالذي نتأرشف سواده دهاليز عمقنا.. تاريخ المذابح و المكوس و الوشاية
من انت ...أتاريخ متحرك بقلقنا..بفقرنا.. بصمتنا بوأد زمن عاطفي توقف مقبرة لهؤلاء الاحياء منا ?... ...
فتاريخناالسقيم نعلمه خزي ..ذل و نتانة تزكم فطرة الانسان السليم طبيعة لكن اوجز لنا كيف تسنى خداعه رغم التوابث يوم الفتنة .. السقوط الاول و اضطهاد العقل الذي لازال راسفا في اغلال الوصاية و الحجر لمن ملكوا صكوك الغفران
ايها العم عروب ما السر الذي تتسربله لغزا..
اشتد لغط الحاضرين حوله .. اطرش.. اخرس... ربما عنيد لا يرجى منه تواصل.. او.. لربما سبب ازمتنا التي ما فتئت تعقم شروط الحضارة حولنا ..انه رمز يأسنا ..من يدري قد يكون ارث سخافتنا في الحياة و الوجود..
طالع سوء ينطع وجودنا ذلة ورقا ..فما احوجنا الى حرقه بل اعدامه شنقا لالالالا بل القائه في الجب افضل الوسائل و انجعها الا لبيب قام بيننا وصاح قد يصعد يوسف نبيا بتاويله الاخرس ..
كيف بالله عليكم تحاكمون العم عروب لمجرد انه ساكت...السكوت كلام خارج التخوم فمن يدري ان كان وراء سكوته حكمة..
فاجابه اخر لا لا يا سيدي كل الاموات منا اشارت ان في ملكية العم عروب هذا سر ما آل اليه الوضع الذي نحن عليه راهنا
اي وضع اردف القول آخر...دعوا الوضع و الازمة و التخلف وكل ما من شانه ان يرتبط بواقعنا فنحن ادرى بذلك لكن علينا معرفة السر الذي يتملكه العجوز عروب...و يستمر اللغط اشتدادا ليتوحد صوتا الزمن يعد بوابل الاسئلة الذي صار ينهمر عليه من كل حدب وصوب و بالرغم يظل العم عروب قطعة ثلج تصقع دواخل طود من جليد الان طفق يتحدث اشارات .. يتكلم بحركة اطرافه المعوقة حينما يريد ان يهرش راسه او حينما ينش عن محياه ذباب المكان فيحدث الجمع بنزق العينين الكليلتين الجاحظتين...فمن منا يفسر كل هذه الاشارات ...ملامح توحي باشياء نتملكها فيه ..جميعها كمؤشرات لحقيقة ما....و تتساقط الاسئلة فواحة بالشذوه الاسر للخواطر المختلجة يأسا ....اانه تاريخ على قاعدة الاستثناء قد بعث من رماد اللاادرية فينقا وتاريخنا برخه و عنقائه نعلم شواذه وفواذه.?...ايمتلك العم عروب خريطة ما?.. او سر تركيبة كيميائية لازمتنا العلمية في المدنية و الحياة ?... من يا ترى هذا العجوز الصامت الذي حير من كل الشرائح المتحلقين حوله??? ..و يستمر السؤال و تستمر العلاقة به واهية من منطق الاستجابة ...عجوز نعرفه و نحن صغار لا يغادر كوخه.. حيه.. بلده الا ناذرا ...و يستمر الهرج و المرج يعلو تارة و ينخفض تارة اخرى بين الحاضرين....
و اخيرا...
و اخيرا..
قام وسط الجموع...و صاح صرخة هي العواء و الرثاء مدوية شقت عنان السماء...انها ميلاد الخطبة العصماء ..اسمعوا وعوا انه يتكلم محاورة كتلك التي وصلتنا عن فلاسفة اغريق .. نطق احد الحضور...هذا زرادشتكم يتكلم..
اشار بعصاه المعقوفة على الواقفين بالجلوس ..فجلس الجميع ثم استوى على دكانة ترتفع راس تلة .. نهض فاستوى و اخيرا قام واقفا قائلا..
انا عروب نعم عروب صيغة مبالغة لاسم فاعل لكنه فاعل موبوء خيانة للامانة ..للفطرة و العروبة لانني انسوخكم الممجد بالقهر و كمال الانفصال ..فانا ممن تبقى حيا من الاسلاف هم مثلي لكنهم ماتوا على نفس الخيانة الاي لازلت ارتجي كفارة ممن يبعث الى الامة من يجدد لها دينها ...لست تاريخا و لا ذكرى و لا مقطع من مشاهد نكستنا.....انامثلكم احمل بذور موتي بين احضاني لكن ما اوده فعلا الافصاح عنه و ما قد اواستصوني به اجدادكم عني.. انما هي رسالة من كلمتين فصاح الجميع ماهي?,.. ما هي ?...ما هي?... سنطبقها عن حذافيرها ان كانت وصية ..فهي قطعا موجبة التنفيذ للوفاء.. فاجاب لا لا فاقد الشيء لا يعطيه فالحوا على الطلب الحاحا ما هي الجملة التي اوستودعها عندك اجدادنا ارثا شفاهيا عندئذ صاح حسير الرأس قائلا =اليكم ارثكم فما بقي لي بعد افشاء سره الا الرحيل فأردفوا جميعا القول ما هو ارثنا الشفاهي يا عروب فصدح غاضبا =العرب انقراض/العرب/ // انقراض/العرب انقراض//..انتهى قولهم المفدى صوما حينا من الدهر و اليكم مرادفاتي الاتية/.. كلكم انقراض ...انتم موات .....انتم موتى....انتم قبور...انتم قبور تتحرك في دوائر الفراغ المغلقة...لحود تمشي...روامس تتحلقني...انتم الدمس في بطن الثرى يا هالا تستشعرون الظلمات في عيون هذا الغروب.. سكت اتكأ على عصاه ...تتعالى القهقهات ....هتف الجميع :اجتمعنا حول السخافة فما اسخفنا....[rtl]تعددت السنة الاحباط لهجات الاثباط...الاي فقد صخت السمع لدواخلي...
هل فعلا نحن الانقراض?.....اين العجوز ?..لقد اختفى بين الحضور فمن هو الوجه الاخر للعجوز ?... /انا /ذات السامع للوصية ....هل حقا العرب انقراض?... هلا بحثنا اسباب الانقراض التي تاتي ازمة الاخلاق على رأسها ..لا غرابة الدين فينا ...لا خيانة اولوا الامر فيما تعاقدوا عليه ذوذا عن المصير المشترك ...?....
في هذه اللحظة حسوت القهوة وضعت القلم على المنضدة و قطعت الورقة اربا اربا ...ساعتذاك سالتني زميلة قبالتي كانت تنتظر طلق النص المسرحي ..الم تتمم مسرحيتك التي قررت تهيئة مناخها للصغار ??,...حدجتها بنظرة غاضبة وقلت خير لي ان امزق الفكرة لاننا امة خلودها في قرآنها ..على ان اوطن في العقول الغضة قيما.. و سكتت....لكن صراخ الشخصية ما انفك يلاحقني ...يلاحقني.....
[/rtl]
محمد القصبي
القصر الكبير
[rtl]المغرب الاقصى[/rtl]