محمد الطيب
عدد الرسائل : 344 تاريخ التسجيل : 06/01/2011
| موضوع: الفتح المبين بصلح الحديبية الخميس أبريل 12, 2018 12:39 am | |
| الفتح المبين بصلح الحديبيةيروي ابن إسحاق أنه في السنة السادسة للهجرة وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالعمرة . ولهذا خرج الرسول صلى الله عليه وسلم في ألف وأربعمائة من أصحابه إلى مكة ليس معهم إلا السيوف في القِرب. – وقد وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية ، وهي مكان يبعد عن مكة ما بين50 و60 كم تقريباً. اضطر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التوقف في الحديبية وأمر أصحابه بالتوقف ، على الرغم من إيمانه بنفسه وشجاعة أصحابه ، كان يعلم أنه لو التجأ إلى الله تعالى وتوكل عليه وقاتلهم فسيغلبهم، غير أنه لم يفعل ذلك وفضّل الانتظار ، وعندما وصل المنع والعرقلة مرحلة معينة تبايع مع أصحابه ... تبايع على القتال حتى الموت في سبيل الإسلام ... هذه البيعة التي باركها الله تعالى من فوق سبع سموات : ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثـَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾. والحقيقة أن قريشاً اضطرت إلى قبول الأمر الواقع في معاهدة الصلح التي وقّعت عليها كما وقّع عليها الرسول صلى الله عليه وسلم إذ قالت للرسول صلى الله عليه وسلم : (وإنك ترجع عامك هذا فلا تدخل علينا الكعبة ، وإنه إذا كان عام قابل خرجنا عنها فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثاً معك سلاح الراكب . ومعنى هذا أن المسلمين شركاء في الكعبة أيضاً ، وأن لهم ديناً حنيفاً على ملّة إبراهيم ، بينما كان المفهوم السائد حتى آنذاك أن مكة والكعبة ملك للمشركين لا سيما لقريش ، وأقنعوا الجميع بهذا ، وكان على الجميع الانقياد إلى الشعائر التي وضعها المشركون، وما كان لأحد أن يضع شعائر خاصة ومختلفةً ، بينما كان من ضمن شروط معاهدة الحديبية حرية المسلمين في أداء الحج والطواف حول الكعبة بشعائرهم الخاصة بهم. وبعد مفاوضات ظهرت فيها إساءات موفد قريش سهيل بن عمرو، وغضب لها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتغاضى عنها الرسول إيثاراً للسلام على الحرب ، وقعت اتفاقية الهدنة والسلام لمدة عشر سنوات بين الطرفين .. وسرعان ما تبين للمسلمين أن إيثار الرسول للسلام كان خيراً وبركةً وفتحاً مبيناً . – لقد كان المفاوض من قِبل قريش (سهيل بن عمرو) يَعُدّ كل تنازل يقتطعه من المسلمين نصراً كبيراً له ، لذا فإنه كان يعترض حتى على أصغر المسائل ، فمثلاً عندما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه ليكتب معاهدة الصلح مع قريش ، قال له : اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال سهيل : (اكتب باسمك اللهم) فكتبها، ثم قال اكتب : (هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو)، فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ، فأشار الرسول صلى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله تعالى عنه أن يمحو كلمة (رسول الله) التي كان قد كتبها ، وتردّد عليّ رضي الله تعالى عنه ، إذ صعب عليه محو كلمة (رسول الله) فقام النبي صلى الله عليه وسلم بمحو تلك الكلمة بنفسه بعد أن دلـّه على مكانها عليّ ، وقال : "اكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو ، واصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ، ويكفّ بعضهم عن بعض ، على أنه من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليّه ردَّه عليهم ، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه. – وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشرط الجائر لحكمة رآها على الرغم من تبرم بعض الصحابة وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه . – وهكذا يرينا صلح الحديبية – بملابساته وشروطه – المدى الذي وصل إليه إلحاح الرسول على طلب السلام ؛ لأن ظروف الأمن والسلام هي المناخ الملائم لدعوة الإسلام التي يراد لها الدخول إلى القلوب والعقول ، ومن البديهي أن مناخ الحروب والقتال لا مكان فيه لتفتح العقول والقلوب على الحق ... ولا على الحوار الإيجابي ... وكما أثبت التاريخ ، فقد كان هذا الصلح – على ما فيه من إجحاف – فتحاً مبيناً ... وفيه نزل قوله تعالى : ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً﴾ عن الدكتورعبد الحليم عويس ـ بتصرف | |
|