تسربلت أفكر الظلام، أيقظتني من نوم يكاد يكون أشبه بحفيف أشجار تتبعه ريح الصبا تعوي كالذئاب المسعورة في غاب
انقرضت فيه آكلة الأعشاب، واختفت حتى الماء جفت قناته و النبات ذبلت وروده و الشجر مال غصنه و العذاب أنهك قلعة
قلب تكبد مصائب جناها مع ضياع فكر وضاح يبلور منهجية الحياة.بإدراك فعال للعقل،دون سيطرة واضحة للنفس و
تبعيتها للهوى فأصبح كل منا يغني للهوى سلطان، وأي سلطان لا يتملكه العقل فيستطيع محاسبة النفس و نبذها عن
أهوائها حتى يتم إصلاح ما تم إفساده من طرف عجرفة الهوى.
فبالعقل وحده لا يمكن التغلب على الأهواء، والسير في طريق مستقيم دون نشوب أي أغلاط و بعيدا عن مشاق الحياة،
والوصول إلى السعادة المثلى.بل يجب أن نشركه بالفكر حتى يتمكن من فك المغالطات و رموز الحياة التي يبنيها الفرد، و
يمكن شخصيته من المضي قدما إلى الأمام دون معاكسة أو إشارة جدب من أطراف الأهواء المستمرة في خلخلة الوضع المعاش في عالم تغلغلت فيه آلة واحدة فبدا في المعمور سوى دويها و غبارها و نارها تحرق اليابس و الأخضر و تجرف في دماء و عروق من شهر في وجهها كلمة حق و شرف،هوت عليه وما زالت عقول ببغاوية تسير في ممر ضيق آخره خندق للوغى أخطر من أوله لأن العقول الببغاوية مجرد مقلدة لمغالطات أسلافهم .
و من هنا يتأتى لنا بأن كلما سايرنا عصرنا و درسنا و اجتهدنا نلنا شرفا وعزة و استفدنا من أخطاء أسلافنا و ذلك بإنارة العقول بالفكر الوضاح النقي البعيد عن عجرفة الهوى .