هــــــــي
قصة قصيرة
تشارلس كوفمان
ترجمة \\ مي المدلل
-هي- تجلس في كوخ ريفي بسيط، تنظر من خلف باب زجاجي، انه يوم صيفي رطب، -هي- لم تكن انيقة بما فيه الكفاية كانت ترتدي قميصاً رمادياً بنصف كم بجيبين اماميين تضع في احدهما قلم ازرق.
رائحة تحت ابطيها تشبه رائحة طارد الحشرات بنفحة ليمونية، ذراعاها وساقاها العضليتان تدلان على مظهر ذكوري خشن اما اقدامها العارية فكانت تثبت انها مشت مسافات طويلة على ارض صلبة.
عيناها تتابعان المرج الاخضر المنحدر حيث خلفه يقبع مستنقع مائي يقسمه مصب النهر الى قسمين، خلف المستنقع يمكنك رؤية غابة مرتفعة عن الارض، الاصوات الوحيدة التي يمكن سماعها هي اصوات همهمة براد قديم، سقسقة جدجد* وعواء ذئب قادم من رابية جزيرة بعيدة عن الشاطئ.
لثلاث اسابيع مضت كانت لا تفعل شيئاً سوى عد الطيور وادخال اسمائها ضمن سجلات اعدتها لهذا الغرض على الكومبيوتر: 1 طائر متوسط الذيل، 2 طائر ابتر الطرف، 1 قرقف*، 1 بوم مزغبة الرأس، 4 طائر حاد الطرف (انثى فقط)، 1 قطرس*بني اللون، 1 نقار.
-هي- تميل لان تكون لوحدها اكثر من ميلها لعملها في المدينة، انه يوم جميل و
–هي- لا تستطيع التفكير في مكان افضل من المكان التي تجلس فيه الان.
-" مومس سوداء؟ " قالت على نحو مفاجئ "هل تسمي فتاة تشبه الشوكولا بحلاوتها مومس سوداء؟ "
-" هذا هو الحال ايتها المومس السوداء، القرار بيدي، هل ذلك يبرر مقاطعتها لمشهد مسرحي مخطط له بعناية؟ "
-" حسناً، لا يعجبني ما فعلت، هل انت جاد بشأن تركي هنا لوحدي في ملجأ الطيور البرية؟ والى متى؟ "
-" ليس طويلاً "
-" حقاً؟ "
- " –هي- ستلتقي بشخص جديد الان"
-" لكنك قلت انها تحب البقاء لوحدها "
-" احياناً واحياناً لا "
- " ولكن من الذي سيعجب بمنظر فتاة باصابع تدل على مظهر رجولي وفي مكان معزول مثل هذا؟ دب اسود مثلاً؟ "
-" انه ليس معزولاً، انه فردوسي كما انني احب اقدامها "
- " هيا، بربك وما هو بالضبط الشيء الذي يجب ان اكونه؟ "
-" –هي- عالمة طيور "
-" وماهو المغزى من ذلك؟ "
- " –هي- ذكية جداً وهي بروفيسور بعلم الاحياء من جامعة كورنيل، اطروحتها التي قدمتها لنيل الشهادة كانت عن تشريح الجهاز التناسلي لانثى الديك الرومي البري "
-2-
-" وتعتبر نفسك كاتباً؟ "
-" اعتقد انها جذابة "
-" بالتأكيد، فقط لو كنا نعيش في بالوعة "
-" ثقي بي "
-" وهل لدي اسم أم انك ستظل تناديني –هي- الى نهاية القصة؟ "
-" لم اقرر بعد، كنت افكر بأسم ميدج او ... لا اعرف، سأعمل على ايجاد اسم لاحقاً "
-" لا بد انك تمزح، انا لم اطلب منك اكون تلك الـ ميدج عالمة الطيور ذات الاقدام القوية والعضلات المفتولة التي تعيش في الخيال "
-" ارأيتِ؟ -هي- تعرف مواصفات المراة الذكية "
-" كف عن مناداتي –هي-، ثم انا لم اطلب منك شيئاً، ان اكون نكرة افضل بالنسبة لي مما تخطط له "
-" –هي- ستغرم بشخص ما "
-" في وسط هذه المتاهة؟ عظيم "
-" –هي- ستقابل شخصاً ما في الغابة "
-" ماذا، مثلك انت؟ "
-" لا استطيع ايقاف مجريات القصة، انا ابتدعتها وانا من سيعمل على حدوث شيء ما معها "
-" حسناً اذن غيّر المشهد، ما رأيك بمدينة مانهاتن وبرونتو ؟
-" مانهاتن مدينة صاخبة ورائحتها نتنة، اما هنا سيكون فقط الرجل والطيور موجودين "
-" لقد اكتفيت من كلامك، غيّر الشخصية الى فتاة مثيرة من نيويورك "
-" لا اريدها فتاة مثيرة بل اريدها عالمة بالطيور "
-" اخشى انني سأرفض الاثنين، انت وكتابك "
-" اسمعي، المشهد سيكون في ملجأ بعيد للطيور، -هي- عالمة بالطيور وظيفتها تعداد الطيور، -هي- ستغرم برجل تلتقيه صدفة في الغابة، هل تريدين ان اغير شكل الاقدام؟ هل اعطيها شكلاً صغيراً ناعماً مثل راقصة باليه مرتدية احذيتها المربوطة حول كاحلها بينما تنظر من خلال الباب الزجاجي وهي تعد الطيور؟ "
-" استطيع ان اجسد شخصية فتاة تفك ثلاثة ازرار من قميصها، أترى ...؟ هكذا ... وبسبب حرارة الجو انا الان انحني لفك رباط حذاء الباليه "
-" لو كنت اريدها عارية لفعلت ذلك ولكنني لم افكر في ذلك، انها شخصية مفكرة والقصة رقيقة جداً "
-" حسناً ايها السيد الرقيق انا لا استطيع تجسيد تلك الشخصية المفكرة ولن اكون ضمن شخصيات قصتك "
-3-
-" –هي- ليس لديها خيار "
-" هل تعتقد ذلك؟ "
-" –هي- لا تستطيع الهروب "
-" راقبني وانا اخرج من هذا الباب ولا تناديني –هي- بعد الان، انها مسألة وجهة نظر فالكثير من الروائيين حازوا على جائزة نوبل في الادب من خلال استخدامهم لصيغة المبني للمجهول "
-" الجو سيكون ممطراً وبغزارة مع برق ورعد ودببة "
-" جملك الرخيصة الخالية من المعنى لا ترعبني "
-" قيوط* وقطط متوحشة، ذئاب مسعورة وموس*. انا لا امزح معك، يجب ان تكوني حذرة، لو كنت مكانك لشعرت بالقلق "
-" لا اهتم بما تحاول ان تفعله معي "
-" آها، حقاً؟ -هي- لا تهتم؟ حسناً اذن، لنر الى اي مدى قد وصلت –هي- "
تفتح الباب الزجاجي، تغلقه خلفها بقوة، تمشي حافية القدمين (اوه ما اجملها من اقدام) متجهة نحو المرج الاخضر، السماء مليئة بالغيوم والجو ينذر بعاصفة شديدة، -هي- تمشي صوب المنحدر بالاتجاه المؤدي الى مصب النهر، يعسوب بطير مرفرفاً بجناحيه الصغيرتين منساباً مع الهواء الساكن.
-هي- اصبحت اصغر فأصغر كلما كبرت المسافة، اختفت خلف المروج الخضراء ... الى الابد
الجدجد يسقسق بكآبة، صرير البراد القديم يحيل الكوخ البائس الى مكان لا يطاق، الكوخ ينوح على 156 عاماً من العزلة عن العالم.
-هي- تتجه نحو مانهاتن !!!* الجدجد: صرار الليل
* القرقف: طائر صغير
* القطرس: طائر بحري طبير
* القيوط: ذئب شمال اميركي صغير
* الموس: نوع ضخم من الايائل