حليمة /قصة قصيرة لمحمد منير

زائر

حليمة
قصة قصيرة
محمد منير

المشهد نفسه يتكرر طول اليوم، على رصيف الشارع المحاذي للحي القديم، يقعدن عن بكرة أبيهن، نسوة على اختلاف أعمارهن وأفكارهن، تحمل كل واحدة منهن أطنانا من الأحزان والآلام رغم إتقانهن لعبة الابتسامة في وجه العابرين عليهن.
حليمة وجه جديد ، لفظته شوارع المدينة ليحط رحاله بين جموع النسوة المترامية على جنابات الشوارع المكتظة بالأجسام هنا وهناك .. لم تطو صفحتها الثالثة بعد من عمرها ولم تر من المدينة إلا وحشة تأكل منها ببطء وضياعا ينساب في مجرى عروقها البدوية.. حليمة لم تكن تعلم أنها ستراقص الأزقة والشوارع بحثا لها عن مأوى ليلي في حضن جسد لا يعرف إلا لعبة اللذة العابرة أو عابرا للشهوة ، يمتص منه دمها فيتركها في رحلة بحث جديدة ، لم تكن تعرف أن قدرها سينقلب عليها ساعة لمت صرة ملابسها وشدت بيدها على يد الحاج قاسم ، الرجل الذي لا يتقن إلا المتاجرة في عرق صبايا الدوار وبيعهن بكل الطرق الملتوية لغول المدينة القاتل .. كبر حلمها وحافلة سفرها من القرية إلى المدينة تطوي الحقول والمزارع المترامية في الطريق، رسمت في دواخلها صور متعددة مرة تنقش لها وجها يشبه وجه ابنة الحاج علي صاحب الحقول التي اقتات من عرقها وعرق أسرتها لسنين ، وفي أخرى تتقمص جسد زوجة صاحب " لكوري ديال الدجاج " المتمدنة والتي تجول في القرية وهي مزهوة بسيارتها الكبيرة التي اختلف أبناء الدوار حول اسمها ومصدرها.
كانت أحلاما تتّسع داخلها كما الطريق التي ما فتئت تطول وتطول .. الحاج قاسم أعياه صمته فقطع عليها حلمها الممتد على طول الطريق بإغرائها أكثر بالعالم السحري الذي هي مقبلة عليه..
- عائلة سي مسعود مسك عليهم الله ، وغادي يديروك وحدة من بناتهم
- ........
- ما غادي يخصك حتى خير بنتي.. غي كوني تسمعي واللي كَالوها ليك عمليها.
مازالت كلماته المعسولة ترن في أذنيها وهي تلعن تلك الساعة التي تركت فيها قريتها وعانقت مدينة لم تكن تعرف منها إلا اسمها الرنان، مدينة لم تجن منها إلا ضياعها المبكر، وتشردا رسمته لها تلك الأسرة اللعينة التي اقتاتت من جسدها ورمتها للشارع .
بأي وجه سترى أسرتها بعد أن ضاع منها كل شيء وهل سيصدق أهل القرية أنها سلبت عفتها في ليلة ظالمة، تساؤلات تفجّر رأسها كلما همت بالعودة والهروب من وحش هذه المدينة القاتل.. حليمة صورة تتعدد كل لحظة ، وكأننا في مصنع يومي لتفريخ البغايا وعشاق الشوارع الحمراء.
- عييت اربي من هزان الرجلين للي يسوى واللي ما يسواش..
لم تعد حليمة تطيق هذه الحياة، كم من مرة حاولت أن تضع حدا فاصلا بين الجسد والروح، أن تركب بحر الموت وتعلن لروحها راحتها الأبدية، لكنها تتراجع، شيء ما يحول دون أن تركب لعنة الموت المجاني.. كم فتشت عنه في دواخلها ، كم طرقت صمتها لعلها تجد جوابا كافيا لهذا الخوف من الموت ..
- زعمه عايشه ف جنة ، ياك جهنم هي .. هي.. أش غادي ندي منها مازال ، أللي عطا الله مشى ، سرقو فعز ليام ولد الـ ..... ، غصبني ف شبابي ورامي للكلاب .
تهز صرتها وتتجه في اتجاه البحر ، ربما تجد هناك ملاذها الأخير ، هكذا توشوش في دواخلها وتغيب في زحام الشارع الكبير.

..

عدد الرسائل : 403 تاريخ التسجيل : 18/12/2008

نص يحتاج إلى قراءة متمعنة لنقف عند خصوصياته

فيه إبداع وثقيل ببعض الزوائد حشوا
لكن الموضوع هو أكبر من النص لأنه في حاجة إلى إبحار في متخيل أوسع من التصوير الأوتوماتيكي
وعلى العموم
تجربة واعدة تستحق التنويه

» محمد منير
» شدارات .. محمد منير
» تغطية محمد منير
» اخر أعمالي ... ..
» قصة التاريخ ...........لمحمد محضار