مذكرة ميت..بقلم محمد اللغافي

مذكرة ميت

أنا الآن ميت تماما ،أكاتبكم من تحت ركام القبر ،..أعترف لكم بأنني أذنبت كثيرا..لكنني لا أستحق أن أموت في هذا الوقت وبهذه الحادثة العنيفة،..
أنا لم أكن عنيفا..انظروا الى الصورة ..ستقرأون في عيني البراءة ..ستدركون من خلال الملامح ،أنني ما زلت أطمح للحياة..وأنني حاقد على تلك اللحظة الخاطئة التي اختطفتني من بينكم ،..لو كنت أعلم من قبل أن نهايتي ستكون هكذا..ما هيأت نفسي للخروج من البيت،..وما فكرت في تلك المشؤومة التي تراءت لي في المنام ،..
لا أنكر أنني عشقت فيها كل شئ..،..كانت صبية جريئة..عيناها البلوريتان كانتا تتخطفاني في منامي واستيقاظي...
أنا كذلك كان لدي حلم..وطموح كبير..كنت هكذا أفكر في الاستقرار.."رصيد في البنك" أتزوج سلوى ..أسكن في آخر طبق من عمارة فضائية..!سأنزل "بلاسانسير" وأتوجه الى سيارتي الفاخرة ..وأنا أسوي ربطة عنقي وزر المعطف الأنيق...
أمسح الضباب عن الزجاج الأمامي ..وسلوى من ستقوم بالسياقة..،..طفلان يتبادلان اللعب في المقعد الخلفي..وسنسافر في العطلة الي "الأسطنبول" او الى أرض النيل ..ربما سنكتشف التاريخ من جديد..عن طريق الأهرامات أو في شرم الشيخ........عفوا......هذا لم يحدث ولن يحدث أبدا....فسلوى الآن تبحث عن شاب آخر ..ينسيها وجهي السالف..ينسيها كل اللحظات التي قضيناها نحلم بين أشجار السندباد...وورد الكاردينيا والأقحوان الذي يطرز حديقة الكورنيش ،..
سلوى الآن تعيش على أمل ...تعيش حلما آخر..وأنا لم يبق من جسدي المشعر غير بعض العظام النخرة..،..
ما زلت أذكر يومها ..حين تركت الكرسي الذي أعتقد أنه ما زال يحمل بصمات أصابعي..هناك في مقهى الزهور...وهرولت لاستقبالها ..وهي تنزل من" الأتوبيس" ..فصدمتني تلك الشاحنة اللعينة........
كان الجو رطبا ..والشارع نديا،
آه ..كم كانت مفجعة تلك الميتة..
صار رأسي تحت العجلة الخلفية ..!..كنت أراني كما كنت أراكم في نفس الوقت تتحلقون حولي ..وتضعون أيديكم على عيونكم.....
لابأس ....أعلم أن المشهد مفزع.
.أحبائي كادوا أن يغتسلوا بدمي لو لم تمسكوهم...،...سلوى الوحيدة..لم تستطع البقاء بينكم ..غادرت ..وهي تحمل صورتي في قلبها ...وأنا ما زلت أحملها كاملة في ما تبقى من رميم
....وقفت في الأخير سيارة حمراء..نزل منها فريق..مكون من عدة أفراد...استجمعوني..وأخدوني الى مستودع الأموات...،...
ياه كم قساةأولئك الذين يعاشرون الأموات..!
أخدوا جثتي ..رموها بعنف هناك في جهة من غرفة مثلجة..بعدها ..جاء فريق آخر ..فتق صدري ..أستاصل القلب والشرايين...ثم أخاطوني وهيأوني للدفن ...
أنا الآن مرتاح من صخبكم ..وضجيجكم أيها الأحياء.

زائر

كل سطر كتبته كان بمتابة خيط حرير لن أكون متسرعا لأقول مادا ستصنع بهده الخيوط الحريرة إلا أني أتوقع أن تكون صورة شاعرية...

قصة جميلة جدا و حيوية تجبر من يقرأ سطورها بتخيل أحداتها.
لن أقييمها لأنها فوق التقييم و فوق كل علامات يمكن أن يعطيها أستاد من أساتدة هده البلاد .دام قلمك في تدفق و سيلان .

فعلا الجنس الادبي مهما ترفد عليه الاستاذ اللغافي شعرا او سردا الا وتميز مقروءه بانسيابية شديدة الانحدار ايقاعيا حيث فك العقدة عند الحكي او البناء الدائري لنسق بيت القصيد تكملة/اي تيسير الخطاب الشعري الهادف رسالة كفكرة شاعرية طي القصيدة ...و بين هذا و ذاك صدقا اعلن بكل تواضع استاذيتك في مضمار الادب جدارة و استحقاقا...

يرادفك التالق معنى ايها البهير ومضا

شكرا جزيلا لك حبيبي محمد شكرا على اطرائك النبيل اتجاه نصوصي المتواضعة..

أكن لك كل الود

زائر

حين تركت الكرسي الذي أعتقد أنه ما زال يحمل بصمات أصابعي
..........................
أحبائي كادوا أن يغتسلوا بدمي لو لم تمسكوهم.
........................
أنا الآن مرتاح من صخبكم ..وضجيجكم أيها الأحياء
..................................
مقاطع شعرية في قلب قصة الحياة
و تأملات ميت على قيد الحياة
و نص يعبق بفلسفة متفردة
دمت متألقا في الشعر

مبدع يا محمد حتى النخاع
تحة لقلمك الراشد

زائر

محمد اللغافي كتب:: مذكرة ميت

أنا الآن ميت تماما ،أكاتبكم من تحت ركام القبر ،..أعترف لكم بأنني أذنبت كثيرا..لكنني لا أستحق أن أموت في هذا الوقت وبهذه الحادثة العنيفة،..
أنا لم أكن عنيفا..انظروا الى الصورة ..ستقرأون في عيني البراءة ..ستدركون من خلال الملامح ،أنني ما زلت أطمح للحياة..وأنني حاقد على تلك اللحظة الخاطئة التي اختطفتني من بينكم ،..لو كنت أعلم من قبل أن نهايتي ستكون هكذا..ما هيأت نفسي للخروج من البيت،..وما فكرت في تلك المشؤومة التي تراءت لي في المنام ،..
لا أنكر أنني عشقت فيها كل شئ..،..كانت صبية جريئة..عيناها البلوريتان كانتا تتخطفاني في منامي واستيقاظي...
أنا كذلك كان لدي حلم..وطموح كبير..كنت هكذا أفكر في الاستقرار.."رصيد في البنك" أتزوج سلوى ..أسكن في آخر طبق من عمارة فضائية..!سأنزل "بلاسانسير" وأتوجه الى سيارتي الفاخرة ..وأنا أسوي ربطة عنقي وزر المعطف الأنيق...
أمسح الضباب عن الزجاج الأمامي ..وسلوى من ستقوم بالسياقة..،..طفلان يتبادلان اللعب في المقعد الخلفي..وسنسافر في العطلة الي "الأسطنبول" او الى أرض النيل ..ربما سنكتشف التاريخ من جديد..عن طريق الأهرامات أو في شرم الشيخ........عفوا......هذا لم يحدث ولن يحدث أبدا....فسلوى الآن تبحث عن شاب آخر ..ينسيها وجهي السالف..ينسيها كل اللحظات التي قضيناها نحلم بين أشجار السندباد...وورد الكاردينيا والأقحوان الذي يطرز حديقة الكورنيش ،..
سلوى الآن تعيش على أمل ...تعيش حلما آخر..وأنا لم يبق من جسدي المشعر غير بعض العظام النخرة..،..
ما زلت أذكر يومها ..حين تركت الكرسي الذي أعتقد أنه ما زال يحمل بصمات أصابعي..هناك في مقهى الزهور...وهرولت لاستقبالها ..وهي تنزل من" الأتوبيس" ..فصدمتني تلك الشاحنة اللعينة........
كان الجو رطبا ..والشارع نديا،
آه ..كم كانت مفجعة تلك الميتة..
صار رأسي تحت العجلة الخلفية ..!..كنت أراني كما كنت أراكم في نفس الوقت تتحلقون حولي ..وتضعون أيديكم على عيونكم.....
لابأس ....أعلم أن المشهد مفزع.
.أحبائي كادوا أن يغتسلوا بدمي لو لم تمسكوهم...،...سلوى الوحيدة..لم تستطع البقاء بينكم ..غادرت ..وهي تحمل صورتي في قلبها ...وأنا ما زلت أحملها كاملة في ما تبقى من رميم
....وقفت في الأخير سيارة حمراء..نزل منها فريق..مكون من عدة أفراد...استجمعوني..وأخدوني الى مستودع الأموات...،...
ياه كم قساةأولئك الذين يعاشرون الأموات..!
أخدوا جثتي ..رموها بعنف هناك في جهة من غرفة مثلجة..بعدها ..جاء فريق آخر ..فتق صدري ..أستاصل القلب والشرايين...ثم أخاطوني وهيأوني للدفن ...
أنا الآن مرتاح من صخبكم ..وضجيجكم أيها الأحياء.

[b]

زائر

لا تسعني الكلمات و لا الجمل للتعبير عن مدى روعة القصة وصورها الحزينة.

اثارني العنوان(مذكرة ميت) لما فيه من حس فلسفي وتناقض وتسلسل احداث القصة الدرامية التي انتهت نهاية لا استطيع ان اقول انها حزينة ربما الموت افضل في بعض الحالات.

يعطيك الصحة اخي المبدع

واتمنى لك المزيد من التالق و الحس الفني

تحيات اسية الغيوانية Very Happy

شكرا لكم أصدقائي

لطف منكم متابعة هذا النص الملطخ بكبرياء ميت
كان يعشق الحياة

» رؤية..بقلم محمد اللغافي
» تجليات بقلم محمد اللغافي
» حول الشاعر محمد اللغافي *منقولة من موقع الشاعرمحمد اللغافي
» الشاعر محمد اللغافي وجه المغرب الحضاري الشاعر محمد اللغافي
» شحاذ..بقلم الشاعر..محمد مقتدير