محمد داني شاعر وناقد
عدد الرسائل : 72 تاريخ التسجيل : 07/06/2010
| |
محمد داني شاعر وناقد
عدد الرسائل : 72 تاريخ التسجيل : 07/06/2010
| موضوع: رد: الكتابة النسائية في(جلباب للجميع) للقاصة فاطمة الزهراء الرغي السبت أغسطس 28, 2010 3:41 pm | |
| - ماذا تقول قصص المجموعة؟:عندما نتمعن في قصص المجموعة نجد كل قصة من قصصها تتضمن حدثا يشخص الواقع، ويدينه، ويبين مفارقاته...تلعب فيه الأنثى الدور الأول،ولو أنه دور نرى فيه من الفقر الإرادي، والخنوع، والإحباط.. وتردي القيم لديها.. هكذا نجد التنوع في الحدث، والذي نسطره على الشكل التالي:1- الثدي الأيسر: يستعرض صورة فتاة مريضة بسرطان الثدي، تتوجه إلى الرباط عبر القطار.. تمارس الدعارة لتوفير بعض المال... تسافر وحيدة..في مقصورة القطار تلاحظ أن شخصا واقفا أمام باب المقصورة يحملق فيها ، وبعد حديث قصير ، تعرف فيه عزيز صديق الدراسة الجامعية.. الذي لم تره منذ عشر سنوات...وتكتشف انه أستاذ جامعي...ومن خلال الحديث معه تفكر أنها ستصل ليلا إلى الرباط وعليها أن تبحث أين تنام إلى الصباح.2- زغاريد للفرح ولأشياء أخرى:امرأة تعاني من برود وزجها الجنسي... هي في الأربعين وزوجها في الخمسين.. معتقل سابق..ومدمن على المخدرات.. يقضي الوقت كله مع أصدقائه القدامى...المرأة لها رغبة في الإنجاب حتى لا يفوتها الركب...لكن تكتشف أن زوجها يعاني من عقدة نفسية، سببها أنه كلما اقترب من زوجته إلا وتذكر لحظة اغتصابه من طرف حراس السجن... فيصاب بنوبة بكاء..في الأخير وجدت الحل ، في الخروج إلى الشارع لإشباع جموحهاالجنسي...3- جلباب للجميع:الفضاء داخل المقبرة...امرأتان ورجل بجلبابين..يرتل قرآنا على قبر...تطلب منه الفتاة قراءة يس على القبر بعدما طلت شاهده بالجير...4- متاهة العشق:الراوية سامية الموظفة، تهاتف رجلا.. تسأله لم يهرب عن مكالمتها...من خلال حوارها نعرف أنه رجل عابث، وزير نساء...تتساءل لأن حيرتها أصبحت كبيرة أمام تصرف هذا الرجل..تبدأ في التفكير في رئيسها الذي تراه منشغلا هو أيضا عنها...ترى اهتماما من طرف فؤاد الذي يعينها في عملها... لكنه متدين ويطلب منها ارتداء الحجاب...منى صديقتها تطلب منها اللجوء إلى فقيه شهير، ليعمل لها تميمة حتى يجد القبول من طرف من تتعلق به...فجأة يطلب منها رئيسها عدم مغادرة العمل لأنه مشتاق إليها.5- حالة سقوط:إنها حالة شعور بالغربة، وبالاغتراب، وبالضياع، وفقدان الهوية.... رسام يحب رسم الوجوه، لكن لا يضع لها عينين..يطلب منه رسم لوحات الفانطازيا والفولكلور لأنها مطلوبة من طرف السياح...والده فقيه متزمت، يطلب منه دائما الابتعاد عن الرسم لأنه حرام، ورذيلة..أصبح يرسم في السطح ويخفي لوحاته، كما يخفي أخوه الأكبر مجلاته البورنوغرافية.ولا يجد بدا من الفرار من الحصار المضروب عليه من طرف أسرته من التنقل إلى مدينة أخرى ليرسم الوجوه بدون عينين.6- رائحة النعناع:الراوية تنتظر الروبيو ، الذي كانت والدتها تقول له في طفولته انه سيجذب النساء إليه بسبب لون شعره وعينيه.. كانت على علاقة معه عندما كان في الجامعة... أصبحت تبيع النعناع في السوق.. تشاهده قادما مع امرأة وبنت في العاشرة..تتذكر أيامها معه... يراها فيشيح ببصره عنها...7- رجل وامرأة في شارع مظلم:الراوية تتحدث بلسان شاب خرج إلى الشارع للبحث عن أنثى.. رآها قد نزلت من الحافلة.. فاتنة.. يتبعها وفي ركن مظلم يقوم بالاعتداء عليها وسرقة سلسلتها وخاتمها وحقيبتها.. تتوسل إليه، يسمع حركة فيطلق ساقيه للريح...وفي فراره تتراءى أمامه صورة صديقته التي سيلتقيها غدا لشرب فنجان قهوى،وطاجين السمك الذي سيتناوله عند سي العربي.8- رجلان وذكرى امرأة:امرأة تتذكر طفولتها وتسترجع صور الماضي لنرى من خلالها موت أمها وهي في الأسبوع الأول من عمرها...وكيف تناوب النساء على ترضيعها....9- قيلولة موت:عبد الله قلق يجوب القرية.. البلدة تعج بالسكان.. وتعاني الاكتظاظ... لم تحدث وفيات ...أهلها يعانون من مرض ، ولكن لا يموتون....الجمعة بعد الصلاة، يناقش الأمر مع السكان.. الذي يغضبون من كلامه.. لكن تتدخل أمه لتخبرهم أن السبب يعود إلى سماحهم لولدها بأن يموت ، واعتبروه شهيدا.. والحل هو الاهتمام بالأطفال والاعتناء بهم...10- كلمة مستعصية على الفهم:لبنى تجد على طاولتها كلمة غريبة محفورة... مكونة من أربعة أحرف... استعصى عليها فهمها...أخبرها سمير بأن الكلمة عيب...وأخبرها علي بأنه نقلها من دفتر أخيه الذي يدرس بالثانوية.الأستاذ يكتشف الأمر فيعاقبها وعليا بتنظيف طاولات القسم كلها... وعندما تعود إلى البيت تسأل أختها لكن تنبهها الأخت بان الكلمة لا تليق بسنها...وتقرر الذهاب إلى المكتبة العامة لتبحث في القاموس، فتجد أن الكلمة(love) تعني الحب.11- مد وجزر:فتاة جامعية تجد أستاذها يتحرش بها، فتبرم معه صفقة ، أن تنجح وتحصل على شهادتها، ويؤطرها في بحثها، وتمكنه من جسدها...بعد مدة تكتشف أنها حامل.. فيتنكر لها الأستاذ، كما يطلب منها مدير شؤون الطلبة أن تقوم بعملية إجهاض.. مع مده لها بمبلغ مالي...تتوجه إلى البحر لكن محاول ة الانتحار تبوء بالفشل، لأنها لم تقو على إغراق نفسها في اليم.12- مرآة لجسد يحتضر:فتاة تتعرض لحادثة وتموت، تخرج روحها من جسدها.. تشاهد تجمهر الناس حول الجثة...تحاول إيقاظ الجثة ولكن بدون فائدة...13- مولد حب:شخص ينظر في الطريق العامة وصول حبيبته... عاطل عن العمل، ليس له نقود ، وله سيجارتان.... حبيبته خادمة عند سيدة ، تأتي للقائه وتخبره انه عليها أن تعجل فسيدتها تنتظر ما امرتها بإحضاره من السوق...14- هو والنساء:تقدم لنا الراوية صورة حفل زفاف، الأب غير راض ، خاصة عندما علم أن والدته وزوجها حاضران، وهي التي تركته صغيرا وارتمت في حضن هذا الرجل...لكن زوجته تضغط عليه لحضور الحفل والسلام على أمه واخذ صور مع العريسين...15- الثامن من مارس وأشياء أخرى:عاملة حاملة للإجازة في اللغة العربية وآدابها...تعمل في معمل للخياطة...ينادي عليها مدير الإنتاج ليطلب منها تغيير ملابسها ويقدمها للمذيعة لتجري معها حوارا حول 8 مارس...16- نافذة: فتاة تقف أمام شباك نافذتها الحديدي، والدها منعها من متابعة الدراسة، والخروج إلا للذهاب إلى الحمام.. كانت تحب ابن البقال .. لكنها تصدم عندما يتزوج من أخرى...بدأت تتطلع من شباكها إلى الزقاق عل شابا يراها ويكون مخرجا لها من حبسها هذا...رأت شابا قادما،تملته،تعلقت به، يحمل كيسا أسود.. المفارقة أنه أزال غطاء صندوق القمامة وبدا يبحث فيها عن أشياء كان يضعها في كيسه البلاستيكي.. تبكي للصدمة.... يجدها والدها أمام الشباك، يتوعدها ، ويهددها بإغلاق النافذة نهائيا...ومن خلال هذا الحدث الذي عرضناه ، نجد أن القصص تفتقر إلى الخيط الرابط بينها، والخيط الفني الذي يميزها عن السرد العادي....فهي تفتقر إلى الحبكة المتينة، والرؤية القصصية...حيت نستشف أن الكاتبة تتعمد إعطاءنا هذه الصور السلبية عن المجتمع وعن المرأة لاستدرار عطف القارئ، وتعاطفه من الراوية...وهذا يدفعنا إلى تحليل نص قصصي من هذه المجموعة وقد اخترنا قصة(مد وجزر) وهي أحسن القصص في المجموعة،لما تتوفر عليه من فنية ، وجمالية، تجعلان منها قصة هادفة، ومتميزة...- تحليل تطبيقي لقصة(مد وجزر):إن العنوان(مد وجزر) يحيلنا إلى الحركتين البحريتين للموج، ومن خلال هاتين الحركتين يتبين لنا المد والجزر الذي يطبع حياة شخصية القصة، ويغطي نفسيتها والتي لا تعرف استقرارا... كما نستشف منها أن الحياة تتحكم فيها عملية المد والجزر.إن هذه الحركة نوع من العبثية، ونوع من الصراع النفسي الذي يدفع بالنفس والذات إلى الانفلات من المعقول إلى اللامعقول، ومن الاستقرار إلى الارتباك، والفوضى.. إنها حالة الاغتراب التي يمهد لها العنوان، والتي نكتشفها في النص.إن حركية العنوان ، نوع من العنف الداخلي الذي تريد الشخصية التخلص منه. وتقاسمنا إياه. وإيجاد نوع من التوازن، والاستقرار النفسي.إنها نوع من التجاذب اللامتساوي، تتجاذبه قوة كبيرة : الرغبة في الاتصال والانفصال، والذي تعانيه الشخصية من أول لقاءاتها.إن الحدث الذي تتضمنه القصة، هل نقول عنه إنه من المواضيع المألوفة؟... والذي تعرفه ردهات الجامعات والمعاهد، والمؤسسات التعليمية؟..أم أنه نوع من الطابوهات المسكوت عنها؟....كما تلفت الكاتبة انتباهنا للتحرش الذي تتعرض له الأنثى في جميع المجالات وفي جميع المقامات...لقد ولجت الكاتبة فاطمة الزهراء الرغيوي هذا الموضوع لفضح ممارسات لا تربوية، ولا إنسانية، مسكوت عنها . يقوم بها رسل علم، وحملة ثقافة وعلم.. فحين تسقط الأخلاق، وتضيع العلمية، ويفقد من ينعت بشبيه رسول الأمة، في الرذيلة ، والمساومات، وهتك أعراض الناس، باسم الأستاذية ، والعلم، يسقط المجتمع كله، وتسقط قيمه.إن القصة عبارة عن اعترافات طالبة جامعية، تجد نفسها ذات يوم حاملا جراء علاقتها المشبوهة ، والمبنية على المصلحة، وعلاقات/ الصفقة، حيث تسقط في مساومات أستاذ القانون المدني، والذي يتحدى الأخلاق والأعراف الجامعية... ليساوي بين الجسد والنقطة، والحصول على الشهادة، والتي أصبحت تساوي لحظة متعة مسروقة في مكتبه العلمي.إن الخوف على المستقبل ، والرغبة الجامحة في الحصول على الشهادة الجامعية، تحول الشخصية من طالبة جامعية إلى فتاة بائعة هوى... ويتحول الحرم الجامعي في لحظة شبقية إلى فضاء للقهر، والتسلط، وبيع الجسد، وذبح الكرامة، وانعدام تكافؤ الفرص، وضرب الرسالة النبيلة للجامعة، وقيمة شواهدها.وينتج عن ذلك حمل، يهدد مصير الطالبة/ الشخصية، ويدفع بها إلى محاولة الانتحار غرقا بعدما تنكر لها الأستاذ، وكذا مدير الشؤون الطلابية..ولكن فجأة يصحو ضميرها، وتثور نفسها ، لتتركنا الكاتبة نبحث عن نهاية، وذلك بتخيلنا ناهيات وسيناريوهات للقصة.إن القصة تصوير ، وإدانة صارخة للتحول الذي سار إليه المجتمع. إنه نوع من المسخ، والتفسخ الأخلاقي، والتربوي، والعلائقي، والذي ستكون له عواقب وخيمة على جميع المستويات.إن القصة سرد بضمير المتكلم، أعطاها نوعا من الواقعية... ووفر لها نوعا من إنسانيتها واجتماعيتها.إنها ذات سرد جمالي تتداخل فيه الأصوات الرؤى. إنها تعكس جوانب من شخصية الكاتبة...إن ضمير المتكلم هنا، يضعنا أمام تساؤلات عريضة، ونحن نسترسل في قراءة القصة. أسئلة نبحث من خلالها عن علاقة الكاتبة بالسارد ما دام هذا الضمير المتكلم يوحد السارد والشخصية الفاعلة، والتي توجهنا من خلال قراءتنا للنص والتفاعل معه، زمانا ومكانا للوقوف على إشارات مرجعية(أستاذ القانون المدني- المسؤول عن المكتبة- الطالبة- الصديقة منى- الزميل سمير- طبيب الحي الجامعي- مدير الشؤون الطلابية)، تثبت واقعية الحدث، وإنسانيته.إن السارد في القصة تحكي حياتها الخاصة داخل فضاء مكاني خاص. إنه الحرم الجامعي. هذا الحكي يمكن تقسيمه إلى أحداث صغرى:- الوقوف أمام البحر ومحاسبة الذات.- العلاقة المشبوهة داخل الحرم الجامعي.- الصفة/ الاتفاق مع أستاذ القانون المدني.- الشعور بالدوار، وظهور بوادر الحمل.- دعوة أطراف أخرى إلى التخلص من الحمل.- اللجوء إلى البحر للانتحار.- الانتفاضة ، والعدول عن فكرة الانتحار.إن هذه الأحداث تمتد على مدى فترة قصيرة، لا تتجاوز بداية السقوط في الرذيلة إلى ظهور أعراض الحمل. إنها في الواقع استرجاع لماض ولى، واسترجاع لذكريات قديمة، أيام الدراسة الجامعية.كما كسرت الكاتبة هذا السرد الحكائي الممتح من الذاكرة باستباقات، تحيل إلى أحداث ستقع لاحقا، ولكنها تتضمنها النهاية المفتوحة التي انتهى بها الحكي في القصة.إن دعارة الشواهد الجامعية، تدل عليها ما نراه اليوم من نتائج التي تسم جامعاتنا في كل أسلاكها. وتسم اللوائح التي تبين عدد الحاصلات على الشواهد، وعدد المسجلات والمقبولات في السلك الثالث، مقارنة مع عدد الذكور، والذي يطرح أكثر من علامة استفهام. إنها رسالة ترسلها الكاتبة للتنبيه، والتحذير، واتخاذ التدابير اللازمة. ومن الوهلة الأولى، يطالعنا ضمير المتكلم ، الذي يوحد بين السارد والشخصية. وبما أن زمن الكتابة جاء بعد زمن القصة، فإن الفاعل الذاتي في القصة يتمظهر في صورتين:1- يظهر باعتباره شخصية فاعلة، تشارك في الحدث، وتعمل على تطوره ونموه. وهو محور السرد. والفاعل الذاتي في قيامه بالفعل، وتتحكم فيه شروط اجتماعية، ونفسية، خاصة ترتبط بزمن القصة.2- يظهر كسارد مكتمل الوعي، كامل المعرفة. يعيد بناء حدث تم وانتهى في الزمن.. وهو بالتالي لا يقدم لنا حدثا ، وإنما يحاول تبريره، وتفسيره ، وتعليله.ومن هنا نستخلص علاقة ثالثة، هي: الكاتبة/ الشخصية. فهل هناك ملامح تجمع بينهما؟... وهل يمكن أن نجعل هذه القصة سيرة ذاتية في توجهها العام؟...أول ما يلفت انتباهنا، هو غياب (اسم العلم)، وطغيان ضمير المتكلم. وهذا التغييب يوهم بوجود مسافة بين الكاتبة والشخصية. ووجود حكاية يتداخل فيها الواقعي بالتخييلي. فهل هذا تشويش فني مقصود من طرف الكاتبة فاطمة الزهراء؟...والقصة تتوزع على فضاءات أساسية، هي:- شاطئ البحر.- البيت(غرفة النوم- السرير).- الجامعة.- مكتب أستاذ القانون المدني.- مكتبة الجامعة.- عيادة الطبيب.- الساحة الجامعية.- الحي الجامعي.- البحر.إن هذه الفضاءات المكانية، تمثل الشرخ الكبير الذي تعانيه الشخصية. فباسم الحرية والتحرر، تسقط الشخصية/ الضحية في الرذيلة. هل هو نوع من الفشل والتكالية، والذي تبرر به الشخصية سلوكها غير المقبول؟...هذه الفضاءات المكانية يتغير زمانها، ويمتد فترة قصيرة، ليعاد استحضارها في زمن منفصل، هو زمن الحكي، والكاتبة. فزمن الكتابة يساوي ويطابق زمن الاستحضار لهذه الأحداث.وكلها استمرارية لحياة الساردة/ الشخصية، والتي تعلمنا بطريقة غير مباشرة، بأن مشروع الانتحار باء بالفشل، وحب الحياة غلب على اليأس. وهذا ما يطرح سؤالا عريضا: هل زمن الكتابة، والحكي هو شعور بالندم؟... وتأنيب الضمير، واستيقاظه، وتبرير غير مقنع لهذا الحمل غير المشروع.... لتروي لنا تفاصيله وأسبابه؟.. هل هذه الكتابة نوع من الخروج من الأزمة؟ ... ونوع من التخفيف عن الذات؟...إن فضاء البحر تصوره لنا الشخصية على أنه فضاء الأزمة، وفضاء الندم، وفضاء التملي في المشكلة. فالبحر يمثل بؤرة القصة.كان البحر العالم الذي تكتشف فيه الشخصية واقعها، وتبحث فيه عن حل لمشكلتها<<كان البحر يرتمي تحت قدمي موجة موجة, وبين كل واحدة وأخرى يتراجع. تركت ملح الماء يتسرب إلي من حذائي الخفيف شيئا فشيئا، كأنه يتذوقني. كل موجة تستبيح قطعة جديدة من جسدي..... وجدتني أواجه البحر. أغمس فيه قدمي. أتذوقه ويتذوقني.. أردت أن أتوارى فيه.. أن يحملني خارج قفصي إلى الموت>>...إن الصورة التي تنقلها لنا الكاتبة فاطمة الزهراء الرغيوي عن الجامعة، كسرت الصورة الجميلة التي كنا نحملها عنها. وأظهرتها لنا على أنها لا تختلف عن غابة الذئاب التي توجد خارج الجامعة.إننا نكتشف فيها عالما لا متجانسا، انتهازيا، وبالتالي نكتشف في القصة حقيقة فضاء ظل الكثير يتستر على عاره بشعارات كاذبة.إن هذه القصة، تمتاز بشخصياتها الرئيسية(الكاتبة/ الساردة/ الشخصية/ الموقف)، وثرائها عبر امتداد الزمن وتنوعه، الذي غلب عليه الاستحضار، والمتح من الذاكرة.إن الشخصية الرئيسية، ذات ملامح سيزيفية...إنها ضد العرف، والتقاليد.. تركب نفسها باسم الحرية والتحرر:<< أليس هذا الجسد لي؟... ألست حرة في امتلاكه بالطريقة التي تناسبني؟.. لم لا يمكنني أن أكون مساوية في رد الفعل كزميلي سمير، الذي ينتقل من طالبة إلى أخرى دون خشية العواقب؟...>>.إن قصة (مد وجزر) ذات قيمة فنية سردية، برعت الكاتبة فيها، الشيء الذي يجعل منها كاتبة شابة ، يتوعدها مستقبل زاهر في فن القصة القصيرة. [1] - منصر، (نبيل)، الخطاب الموازي،دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء، ط1، 2007، ص: 33[2] - معتصم، (محمد)، المرأة والسرد، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، ط1، 2004، ص:19 | |
|
محمد داني شاعر وناقد
عدد الرسائل : 72 تاريخ التسجيل : 07/06/2010
| موضوع: رد: الكتابة النسائية في(جلباب للجميع) للقاصة فاطمة الزهراء الرغي السبت أغسطس 28, 2010 3:50 pm | |
| - ماذا تقول قصص المجموعة؟:عندما نتمعن في قصص المجموعة نجد كل قصة من قصصها تتضمن حدثا يشخص الواقع، ويدينه، ويبين مفارقاته...تلعب فيه الأنثى الدور الأول،ولو أنه دور نرى فيه من الفقر الإرادي، والخنوع، والإحباط.. وتردي القيم لديها.. هكذا نجد التنوع في الحدث، والذي نسطره على الشكل التالي:1- الثدي الأيسر: يستعرض صورة فتاة مريضة بسرطان الثدي، تتوجه إلى الرباط عبر القطار.. تمارس الدعارة لتوفير بعض المال... تسافر وحيدة..في مقصورة القطار تلاحظ أن شخصا واقفا أمام باب المقصورة يحملق فيها ، وبعد حديث قصير ، تعرف فيه عزيز صديق الدراسة الجامعية.. الذي لم تره منذ عشر سنوات...وتكتشف انه أستاذ جامعي...ومن خلال الحديث معه تفكر أنها ستصل ليلا إلى الرباط وعليها أن تبحث أين تنام إلى الصباح.2- زغاريد للفرح ولأشياء أخرى:امرأة تعاني من برود وزجها الجنسي... هي في الأربعين وزوجها في الخمسين.. معتقل سابق..ومدمن على المخدرات.. يقضي الوقت كله مع أصدقائه القدامى...المرأة لها رغبة في الإنجاب حتى لا يفوتها الركب...لكن تكتشف أن زوجها يعاني من عقدة نفسية، سببها أنه كلما اقترب من زوجته إلا وتذكر لحظة اغتصابه من طرف حراس السجن... فيصاب بنوبة بكاء..في الأخير وجدت الحل ، في الخروج إلى الشارع لإشباع جموحهاالجنسي...3- جلباب للجميع:الفضاء داخل المقبرة...امرأتان ورجل بجلبابين..يرتل قرآنا على قبر...تطلب منه الفتاة قراءة يس على القبر بعدما طلت شاهده بالجير...4- متاهة العشق:الراوية سامية الموظفة، تهاتف رجلا.. تسأله لم يهرب عن مكالمتها...من خلال حوارها نعرف أنه رجل عابث، وزير نساء...تتساءل لأن حيرتها أصبحت كبيرة أمام تصرف هذا الرجل..تبدأ في التفكير في رئيسها الذي تراه منشغلا هو أيضا عنها...ترى اهتماما من طرف فؤاد الذي يعينها في عملها... لكنه متدين ويطلب منها ارتداء الحجاب...منى صديقتها تطلب منها اللجوء إلى فقيه شهير، ليعمل لها تميمة حتى يجد القبول من طرف من تتعلق به...فجأة يطلب منها رئيسها عدم مغادرة العمل لأنه مشتاق إليها.5- حالة سقوط:إنها حالة شعور بالغربة، وبالاغتراب، وبالضياع، وفقدان الهوية.... رسام يحب رسم الوجوه، لكن لا يضع لها عينين..يطلب منه رسم لوحات الفانطازيا والفولكلور لأنها مطلوبة من طرف السياح...والده فقيه متزمت، يطلب منه دائما الابتعاد عن الرسم لأنه حرام، ورذيلة..أصبح يرسم في السطح ويخفي لوحاته، كما يخفي أخوه الأكبر مجلاته البورنوغرافية.ولا يجد بدا من الفرار من الحصار المضروب عليه من طرف أسرته من التنقل إلى مدينة أخرى ليرسم الوجوه بدون عينين.6- رائحة النعناع:الراوية تنتظر الروبيو ، الذي كانت والدتها تقول له في طفولته انه سيجذب النساء إليه بسبب لون شعره وعينيه.. كانت على علاقة معه عندما كان في الجامعة... أصبحت تبيع النعناع في السوق.. تشاهده قادما مع امرأة وبنت في العاشرة..تتذكر أيامها معه... يراها فيشيح ببصره عنها...7- رجل وامرأة في شارع مظلم:الراوية تتحدث بلسان شاب خرج إلى الشارع للبحث عن أنثى.. رآها قد نزلت من الحافلة.. فاتنة.. يتبعها وفي ركن مظلم يقوم بالاعتداء عليها وسرقة سلسلتها وخاتمها وحقيبتها.. تتوسل إليه، يسمع حركة فيطلق ساقيه للريح...وفي فراره تتراءى أمامه صورة صديقته التي سيلتقيها غدا لشرب فنجان قهوى،وطاجين السمك الذي سيتناوله عند سي العربي.8- رجلان وذكرى امرأة:امرأة تتذكر طفولتها وتسترجع صور الماضي لنرى من خلالها موت أمها وهي في الأسبوع الأول من عمرها...وكيف تناوب النساء على ترضيعها....9- قيلولة موت:عبد الله قلق يجوب القرية.. البلدة تعج بالسكان.. وتعاني الاكتظاظ... لم تحدث وفيات ...أهلها يعانون من مرض ، ولكن لا يموتون....الجمعة بعد الصلاة، يناقش الأمر مع السكان.. الذي يغضبون من كلامه.. لكن تتدخل أمه لتخبرهم أن السبب يعود إلى سماحهم لولدها بأن يموت ، واعتبروه شهيدا.. والحل هو الاهتمام بالأطفال والاعتناء بهم...10- كلمة مستعصية على الفهم:لبنى تجد على طاولتها كلمة غريبة محفورة... مكونة من أربعة أحرف... استعصى عليها فهمها...أخبرها سمير بأن الكلمة عيب...وأخبرها علي بأنه نقلها من دفتر أخيه الذي يدرس بالثانوية.الأستاذ يكتشف الأمر فيعاقبها وعليا بتنظيف طاولات القسم كلها... وعندما تعود إلى البيت تسأل أختها لكن تنبهها الأخت بان الكلمة لا تليق بسنها...وتقرر الذهاب إلى المكتبة العامة لتبحث في القاموس، فتجد أن الكلمة(love) تعني الحب.11- مد وجزر:فتاة جامعية تجد أستاذها يتحرش بها، فتبرم معه صفقة ، أن تنجح وتحصل على شهادتها، ويؤطرها في بحثها، وتمكنه من جسدها...بعد مدة تكتشف أنها حامل.. فيتنكر لها الأستاذ، كما يطلب منها مدير شؤون الطلبة أن تقوم بعملية إجهاض.. مع مده لها بمبلغ مالي...تتوجه إلى البحر لكن محاول ة الانتحار تبوء بالفشل، لأنها لم تقو على إغراق نفسها في اليم.12- مرآة لجسد يحتضر:فتاة تتعرض لحادثة وتموت، تخرج روحها من جسدها.. تشاهد تجمهر الناس حول الجثة...تحاول إيقاظ الجثة ولكن بدون فائدة...13- مولد حب:شخص ينظر في الطريق العامة وصول حبيبته... عاطل عن العمل، ليس له نقود ، وله سيجارتان.... حبيبته خادمة عند سيدة ، تأتي للقائه وتخبره انه عليها أن تعجل فسيدتها تنتظر ما امرتها بإحضاره من السوق...14- هو والنساء:تقدم لنا الراوية صورة حفل زفاف، الأب غير راض ، خاصة عندما علم أن والدته وزوجها حاضران، وهي التي تركته صغيرا وارتمت في حضن هذا الرجل...لكن زوجته تضغط عليه لحضور الحفل والسلام على أمه واخذ صور مع العريسين...15- الثامن من مارس وأشياء أخرى:عاملة حاملة للإجازة في اللغة العربية وآدابها...تعمل في معمل للخياطة...ينادي عليها مدير الإنتاج ليطلب منها تغيير ملابسها ويقدمها للمذيعة لتجري معها حوارا حول 8 مارس...16- نافذة: فتاة تقف أمام شباك نافذتها الحديدي، والدها منعها من متابعة الدراسة، والخروج إلا للذهاب إلى الحمام.. كانت تحب ابن البقال .. لكنها تصدم عندما يتزوج من أخرى...بدأت تتطلع من شباكها إلى الزقاق عل شابا يراها ويكون مخرجا لها من حبسها هذا...رأت شابا قادما،تملته،تعلقت به، يحمل كيسا أسود.. المفارقة أنه أزال غطاء صندوق القمامة وبدا يبحث فيها عن أشياء كان يضعها في كيسه البلاستيكي.. تبكي للصدمة.... يجدها والدها أمام الشباك، يتوعدها ، ويهددها بإغلاق النافذة نهائيا...ومن خلال هذا الحدث الذي عرضناه ، نجد أن القصص تفتقر إلى الخيط الرابط بينها، والخيط الفني الذي يميزها عن السرد العادي....فهي تفتقر إلى الحبكة المتينة، والرؤية القصصية...حيت نستشف أن الكاتبة تتعمد إعطاءنا هذه الصور السلبية عن المجتمع وعن المرأة لاستدرار عطف القارئ، وتعاطفه من الراوية...وهذا يدفعنا إلى تحليل نص قصصي من هذه المجموعة وقد اخترنا قصة(مد وجزر) وهي أحسن القصص في المجموعة،لما تتوفر عليه من فنية ، وجمالية، تجعلان منها قصة هادفة، ومتميزة...- تحليل تطبيقي لقصة(مد وجزر):إن العنوان(مد وجزر) يحيلنا إلى الحركتين البحريتين للموج، ومن خلال هاتين الحركتين يتبين لنا المد والجزر الذي يطبع حياة شخصية القصة، ويغطي نفسيتها والتي لا تعرف استقرارا... كما نستشف منها أن الحياة تتحكم فيها عملية المد والجزر.إن هذه الحركة نوع من العبثية، ونوع من الصراع النفسي الذي يدفع بالنفس والذات إلى الانفلات من المعقول إلى اللامعقول، ومن الاستقرار إلى الارتباك، والفوضى.. إنها حالة الاغتراب التي يمهد لها العنوان، والتي نكتشفها في النص.إن حركية العنوان ، نوع من العنف الداخلي الذي تريد الشخصية التخلص منه. وتقاسمنا إياه. وإيجاد نوع من التوازن، والاستقرار النفسي.إنها نوع من التجاذب اللامتساوي، تتجاذبه قوة كبيرة : الرغبة في الاتصال والانفصال، والذي تعانيه الشخصية من أول لقاءاتها.إن الحدث الذي تتضمنه القصة، هل نقول عنه إنه من المواضيع المألوفة؟... والذي تعرفه ردهات الجامعات والمعاهد، والمؤسسات التعليمية؟..أم أنه نوع من الطابوهات المسكوت عنها؟....كما تلفت الكاتبة انتباهنا للتحرش الذي تتعرض له الأنثى في جميع المجالات وفي جميع المقامات...لقد ولجت الكاتبة فاطمة الزهراء الرغيوي هذا الموضوع لفضح ممارسات لا تربوية، ولا إنسانية، مسكوت عنها . يقوم بها رسل علم، وحملة ثقافة وعلم.. فحين تسقط الأخلاق، وتضيع العلمية، ويفقد من ينعت بشبيه رسول الأمة، في الرذيلة ، والمساومات، وهتك أعراض الناس، باسم الأستاذية ، والعلم، يسقط المجتمع كله، وتسقط قيمه.إن القصة عبارة عن اعترافات طالبة جامعية، تجد نفسها ذات يوم حاملا جراء علاقتها المشبوهة ، والمبنية على المصلحة، وعلاقات/ الصفقة، حيث تسقط في مساومات أستاذ القانون المدني، والذي يتحدى الأخلاق والأعراف الجامعية... ليساوي بين الجسد والنقطة، والحصول على الشهادة، والتي أصبحت تساوي لحظة متعة مسروقة في مكتبه العلمي.إن الخوف على المستقبل ، والرغبة الجامحة في الحصول على الشهادة الجامعية، تحول الشخصية من طالبة جامعية إلى فتاة بائعة هوى... ويتحول الحرم الجامعي في لحظة شبقية إلى فضاء للقهر، والتسلط، وبيع الجسد، وذبح الكرامة، وانعدام تكافؤ الفرص، وضرب الرسالة النبيلة للجامعة، وقيمة شواهدها.وينتج عن ذلك حمل، يهدد مصير الطالبة/ الشخصية، ويدفع بها إلى محاولة الانتحار غرقا بعدما تنكر لها الأستاذ، وكذا مدير الشؤون الطلابية..ولكن فجأة يصحو ضميرها، وتثور نفسها ، لتتركنا الكاتبة نبحث عن نهاية، وذلك بتخيلنا ناهيات وسيناريوهات للقصة.إن القصة تصوير ، وإدانة صارخة للتحول الذي سار إليه المجتمع. إنه نوع من المسخ، والتفسخ الأخلاقي، والتربوي، والعلائقي، والذي ستكون له عواقب وخيمة على جميع المستويات.إن القصة سرد بضمير المتكلم، أعطاها نوعا من الواقعية... ووفر لها نوعا من إنسانيتها واجتماعيتها.إنها ذات سرد جمالي تتداخل فيه الأصوات الرؤى. إنها تعكس جوانب من شخصية الكاتبة...إن ضمير المتكلم هنا، يضعنا أمام تساؤلات عريضة، ونحن نسترسل في قراءة القصة. أسئلة نبحث من خلالها عن علاقة الكاتبة بالسارد ما دام هذا الضمير المتكلم يوحد السارد والشخصية الفاعلة، والتي توجهنا من خلال قراءتنا للنص والتفاعل معه، زمانا ومكانا للوقوف على إشارات مرجعية(أستاذ القانون المدني- المسؤول عن المكتبة- الطالبة- الصديقة منى- الزميل سمير- طبيب الحي الجامعي- مدير الشؤون الطلابية)، تثبت واقعية الحدث، وإنسانيته.إن السارد في القصة تحكي حياتها الخاصة داخل فضاء مكاني خاص. إنه الحرم الجامعي. هذا الحكي يمكن تقسيمه إلى أحداث صغرى:- الوقوف أمام البحر ومحاسبة الذات.- العلاقة المشبوهة داخل الحرم الجامعي.- الصفة/ الاتفاق مع أستاذ القانون المدني.- الشعور بالدوار، وظهور بوادر الحمل.- دعوة أطراف أخرى إلى التخلص من الحمل.- اللجوء إلى البحر للانتحار.- الانتفاضة ، والعدول عن فكرة الانتحار.إن هذه الأحداث تمتد على مدى فترة قصيرة، لا تتجاوز بداية السقوط في الرذيلة إلى ظهور أعراض الحمل. إنها في الواقع استرجاع لماض ولى، واسترجاع لذكريات قديمة، أيام الدراسة الجامعية.كما كسرت الكاتبة هذا السرد الحكائي الممتح من الذاكرة باستباقات، تحيل إلى أحداث ستقع لاحقا، ولكنها تتضمنها النهاية المفتوحة التي انتهى بها الحكي في القصة.إن دعارة الشواهد الجامعية، تدل عليها ما نراه اليوم من نتائج التي تسم جامعاتنا في كل أسلاكها. وتسم اللوائح التي تبين عدد الحاصلات على الشواهد، وعدد المسجلات والمقبولات في السلك الثالث، مقارنة مع عدد الذكور، والذي يطرح أكثر من علامة استفهام. إنها رسالة ترسلها الكاتبة للتنبيه، والتحذير، واتخاذ التدابير اللازمة. ومن الوهلة الأولى، يطالعنا ضمير المتكلم ، الذي يوحد بين السارد والشخصية. وبما أن زمن الكتابة جاء بعد زمن القصة، فإن الفاعل الذاتي في القصة يتمظهر في صورتين:1- يظهر باعتباره شخصية فاعلة، تشارك في الحدث، وتعمل على تطوره ونموه. وهو محور السرد. والفاعل الذاتي في قيامه بالفعل، وتتحكم فيه شروط اجتماعية، ونفسية، خاصة ترتبط بزمن القصة.2- يظهر كسارد مكتمل الوعي، كامل المعرفة. يعيد بناء حدث تم وانتهى في الزمن.. وهو بالتالي لا يقدم لنا حدثا ، وإنما يحاول تبريره، وتفسيره ، وتعليله.ومن هنا نستخلص علاقة ثالثة، هي: الكاتبة/ الشخصية. فهل هناك ملامح تجمع بينهما؟... وهل يمكن أن نجعل هذه القصة سيرة ذاتية في توجهها العام؟...أول ما يلفت انتباهنا، هو غياب (اسم العلم)، وطغيان ضمير المتكلم. وهذا التغييب يوهم بوجود مسافة بين الكاتبة والشخصية. ووجود حكاية يتداخل فيها الواقعي بالتخييلي. فهل هذا تشويش فني مقصود من طرف الكاتبة فاطمة الزهراء؟...والقصة تتوزع على فضاءات أساسية، هي:- شاطئ البحر.- البيت(غرفة النوم- السرير).- الجامعة.- مكتب أستاذ القانون المدني.- مكتبة الجامعة.- عيادة الطبيب.- الساحة الجامعية.- الحي الجامعي.- البحر.إن هذه الفضاءات المكانية، تمثل الشرخ الكبير الذي تعانيه الشخصية. فباسم الحرية والتحرر، تسقط الشخصية/ الضحية في الرذيلة. هل هو نوع من الفشل والتكالية، والذي تبرر به الشخصية سلوكها غير المقبول؟...هذه الفضاءات المكانية يتغير زمانها، ويمتد فترة قصيرة، ليعاد استحضارها في زمن منفصل، هو زمن الحكي، والكاتبة. فزمن الكتابة يساوي ويطابق زمن الاستحضار لهذه الأحداث.وكلها استمرارية لحياة الساردة/ الشخصية، والتي تعلمنا بطريقة غير مباشرة، بأن مشروع الانتحار باء بالفشل، وحب الحياة غلب على اليأس. وهذا ما يطرح سؤالا عريضا: هل زمن الكتابة، والحكي هو شعور بالندم؟... وتأنيب الضمير، واستيقاظه، وتبرير غير مقنع لهذا الحمل غير المشروع.... لتروي لنا تفاصيله وأسبابه؟.. هل هذه الكتابة نوع من الخروج من الأزمة؟ ... ونوع من التخفيف عن الذات؟...إن فضاء البحر تصوره لنا الشخصية على أنه فضاء الأزمة، وفضاء الندم، وفضاء التملي في المشكلة. فالبحر يمثل بؤرة القصة.كان البحر العالم الذي تكتشف فيه الشخصية واقعها، وتبحث فيه عن حل لمشكلتها<<كان البحر يرتمي تحت قدمي موجة موجة, وبين كل واحدة وأخرى يتراجع. تركت ملح الماء يتسرب إلي من حذائي الخفيف شيئا فشيئا، كأنه يتذوقني. كل موجة تستبيح قطعة جديدة من جسدي..... وجدتني أواجه البحر. أغمس فيه قدمي. أتذوقه ويتذوقني.. أردت أن أتوارى فيه.. أن يحملني خارج قفصي إلى الموت>>...إن الصورة التي تنقلها لنا الكاتبة فاطمة الزهراء الرغيوي عن الجامعة، كسرت الصورة الجميلة التي كنا نحملها عنها. وأظهرتها لنا على أنها لا تختلف عن غابة الذئاب التي توجد خارج الجامعة.إننا نكتشف فيها عالما لا متجانسا، انتهازيا، وبالتالي نكتشف في القصة حقيقة فضاء ظل الكثير يتستر على عاره بشعارات كاذبة.إن هذه القصة، تمتاز بشخصياتها الرئيسية(الكاتبة/ الساردة/ الشخصية/ الموقف)، وثرائها عبر امتداد الزمن وتنوعه، الذي غلب عليه الاستحضار، والمتح من الذاكرة.إن الشخصية الرئيسية، ذات ملامح سيزيفية...إنها ضد العرف، والتقاليد.. تركب نفسها باسم الحرية والتحرر:<< أليس هذا الجسد لي؟... ألست حرة في امتلاكه بالطريقة التي تناسبني؟.. لم لا يمكنني أن أكون مساوية في رد الفعل كزميلي سمير، الذي ينتقل من طالبة إلى أخرى دون خشية العواقب؟...>>.إن قصة (مد وجزر) ذات قيمة فنية سردية، برعت الكاتبة فيها، الشيء الذي يجعل منها كاتبة شابة ، يتوعدها مستقبل زاهر في فن القصة القصيرة. [1] - منصر، (نبيل)، الخطاب الموازي،دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء، ط1، 2007، ص: 33[2] - معتصم، (محمد)، المرأة والسرد، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، ط1، 2004، ص:19 | |
|
مصطفى رضوان مشرف ..عضو حركة الحواس الخمس الأدبية
عدد الرسائل : 948 تاريخ التسجيل : 22/05/2008
| موضوع: رد: الكتابة النسائية في(جلباب للجميع) للقاصة فاطمة الزهراء الرغي الأحد أغسطس 29, 2010 8:50 pm | |
| شكرا أستاذ محمد داني على هذه القراءة التقريبية
جهد يستحق التنويه نتمن لك وضعه في الجامعة لتعم الاستفاذة | |
|
ربيع عامر الغيواني أديب مميز
عدد الرسائل : 1461 تاريخ التسجيل : 27/12/2007
| موضوع: رد: الكتابة النسائية في(جلباب للجميع) للقاصة فاطمة الزهراء الرغي الثلاثاء أغسطس 31, 2010 10:51 am | |
| تحية ابداعية للناقد محمد داني قراءتك هنا أخذت طابعا أكاديميا محضا وما أحوجنا إلى مثل هذه الالتفاتة سننتظر مواضيعك بشوق كبير | |
|
الزهرة درار مشرف
عدد الرسائل : 1048 تاريخ التسجيل : 26/05/2007
| موضوع: رد: الكتابة النسائية في(جلباب للجميع) للقاصة فاطمة الزهراء الرغي الأحد سبتمبر 05, 2010 1:54 am | |
| شكرا لك أستاذي محمد داني
قربتنا بالفعل من هذا العمل السردي مودتي | |
|