[b]
انتظر طويلا كي يتلقى الجواب .. وهاهو اليوم هنا ينتظر من جديد ..كل ذلك الزمن كان ثقيلا مليئا بالخوف والهواجس المتلاطمة .. الأحلام كبيرة جدا جدا والماضي كان متعبا .. كيف سيكون الحاضر .. لابد أنه بلون البذلة التي يلبسها أزرق قاتم ، او أنه بلون ربطة العنق الحمراء ..هناك تغيير .. فهو لم يرتد بذلة من قبل ولا ربطة عنق ..
" الحمد لله الأزرق وإن كان قاتما فهو أحسن من الأسود والأحمر ..آه من الأحمر .. على العموم هناك أمل .."
كان ينظر إلى الساعة بتواتر ملح الكرسي لا يكاد يثبت .. حركاته تدل على توتره
" الأوراق .. نعم إنها هنا .. كلها هنا لاتنقص منها واحدة .. آه .. اين النسخة ؟؟ نسخة البطاقة الوطنية .. اوف .. هاهي ذي هنا .. أتذكر طريقة إلقاء التحية .. لابد أن أبدو واثقا من نفسي .."
الدقائق تمر ثقيلة ثقيلة .. السيدة على المكتب أمامه تنظر إليه خلسة .. كان يشعر بنظراتها المنزعجة ..
- " هل سأدخل الآن سيدتي أم سأنتظر كثيرا .. ؟؟؟"
- "بعد قليل المدير يتكلم على الهاتف في عمل .. اهدأ قليلا كل شيء سيكون على ما يرام .. "
- "الله يطمنك يا سيدتي .."
دق الجرس .. آه إنه جرس المكتب .. لابد أنه سيدخل الآن .. كيف سيستقبله السيد المدير ؟؟؟ أنا أيضا متوترة .. لابد أن المدير سيكون بشوشا .. مسكين هذا الرجل .. جسمه يرتعد والعرق يتصبب من جبينه .. أخرج منديله وأخذ ينشف عرقه دون جدوى .. اكاد أسمع دقات قلبه أنا أيضا دقات قلبي أصبحت سريعة متلاحقة ..
- " سأدخل الآن سيدتي .. ؟؟؟"
نظرت إليه وابتسمت .. انسحبت من خاف المكتب وحملت ملفا ثم اختفت وراء باب الإدارة دون أن تنبس بكلمة
رهيب جدا أن تشعر باللامبالاة أو أن يتجاهلك الناس وأنت في أمس الحاجة إلى سماع كلمة تشجيع أو حتى إلى من يسألك إن كنت تريد شربة ماء ..
فعلا فهو في حاجة إلى شربة ماء .. فهو يشعر أنه سيغمى عليه .. اليوم سيتقرر مصيره .. مستقبله المهني .. حياته .. كل هذا معلق بتلك اللحظات
تظهر الكاتبة من جديد من خلف باب القدر .. يقف استعدادا للدخول وهو يتطلع إلى باب الإدارة ..
- "سأدخل الآن أليس كذلك سيدتي ..؟؟؟ "
- " أها تفضل من هنا .. السيد المدير سيستقبلك الآن "
اشتبك قدمه برجل الكرسي أحس بدوار شديد .. لابد أن يكون قويا .. أخيرا .. أخيرا .. أخيرا .. تقدم نحو الباب .. عدل ربطة العنق .. قرأ سورة الفاتحة وردد الدعاء ثم قال باسم الله وفتح الباب ودخل ..
- " مساء الخير سيدي المدير .. أنا .. .. "
نظر إليه المدير دون أن يتحرك من مكانه .. حنحن .. قلب بعض الأوراق بين يديه .. نظر إليه مرة أخرى ..
- " مساء الخير .. أنا آسف يا .. .. لقد شغر المنصب منذ لحظات .. .. "
لم يدرك .. لم يسمع بعد كلمة " آسف " شيئا .. أحس بدوار شديد ووقع على الأرض .. ..
هنا الحاضر ..وهنا المستقبل .. ..