الدار البيضاء - خديجة الفتيحي
أكد بنسالم حميش وزير الثقافة المغربي خلال ندوة صحفية عقدت بالدارالبيضاء مؤخرا، أن الدورة السابعة عشرة لمعرض الكتاب، والتي ستنطلق في الحادي عشر من فبراير الجاري، ستعرف توسعا دالا من حيث عدد دور النشر الذي ارتفع إلى 724، وكذلك عدد البلدان المشاركة الذي حدد بــ 42 بلدا، و أن هذا التوسع فرض زيادة في المساحة المخصصة للمعرض، حيث وصولت إلى 23 ألفا و800 متر مربع، وذلك لاستيعاب طلبات المشاركة الواردة على الوزارة من داخل وخارج المغرب.
وتوقف حميش في سياق حديثه الصحفي عند ظاهرة تردي أحوال القراءة والعزوف عنها، معتبرا أن تفشي هذه الظاهرة وفداحتها تعكسها بلاغة الأرقام والإحصائات في سوق الكتاب من كل الأصناف وفي مختلف الحقول والمواد، وبأنها باتت في نظره معطى بنيويا متناميا ينخر المشهد التعليمي والثقافي.
و تحاشى الحديث في هذا السياق عن مصير الخطة الوطنية للنهوض بالقراءة والكتاب بالمغرب، التي أعدت على عهد الوزيرة السابقة ثريا جبران اقريطيف، وأحيلت عليه بعد مباشرة مهامه بالوزارة.
وكانت الخطة تبلورت من خلال دراسة قامت بها لجنة متخصصة في العلوم الاجتماعية وعلوم الإعلام وشؤون الكتاب والقراءة، اشتغلت على مدى سنتين وهمت جميع القطاعات العمومية، والفاعلين الخواص، ودعتهم للمساهمة في مشروع وطني للنهوض بالقراءة والكتاب في المغرب.
وسبق هذا المشروع دراسة ميدانية أنجزت من طرف نفس الوزارة على عهد الوزير السابق، محمد الأشعري، انصبت على قطاع النشر والكتاب والقراءة، قام بها مكتب دراسات "إيديسا" سنة 2001 بدعم من اليونيسكو .
تهميش واحتقار شعار المعرض الدولي للنشر والكتاب
شعيب حليفي، الناطق الرسمي باسم المرصد المغربي للثقافة، وهي أحد المؤسسات الداعية لمقاطعة فعاليات معرض الكتاب، اعتبر في حديثه لـ"العربية نت" أن تراجع الوزارة عن تنفيذ توصيات الخطة الوطنية للنهوض بالقراءة والكتاب، تعد تضييعا للجهد والمال، وإهدارا للوقت، وبأن تعامل الأوصياء على الثقافة بالمغرب يؤكد بالملموس، وفي نظره، غياب تدبير حقيقي في مجال حيوي من المفروض وتبعا له، أن تُعطاه أهمية استثنائية لأنه مدخل من مداخل التنمية وتحصين الهوية.
وأشار حليفي إلى أن سياسة الجهات الوصية على الثقافة بالمغرب اتسمت بالكثير من الإهمال والتهميش والاحتقار، لافتقادها في نظره إلى غياب رؤية واضحة لتحديث العمل الثقافي، تستند إلى مشروع ثقافي ببرامج تثقيفية تساهم في تنوير الرأي العامّ وتحفز الشباب على الخلق والابتكار في مجالات التشكيل والإبداع والمسرح، وبالتالي توسيع دائرة الانفتاح على الأصوات والتجارب الإبداعية والثقافية والفكرية الجديدة.
وأبرز أن مجمل هذه الأسباب، هي التي دفعت بالمرصد لمقاطعة الدورة 17 للمعرض الدولي للكتاب، وكذلك عدم الترشيح لجائزة المغرب للكتاب، مشيرا إلى أن مئات من الأدباء أمسكوا عن المشاركة، وهو ما تبينه الأرقام في نظره.
وكشف حليفي أن الرقم الرسمي لعدد الذين ترشحوا في كل فروع الجائزة الخمسة لا يتجاوز 81 مؤلفا من أصل 2020 مؤلفا صدرت خلال سنة 2010، وأن هذا الرقم يتضمن كتب الطبخ والكتاب المدرسي، معلنا أن ما يقارب المائة مؤلف صدرت خلال هذا الموسم في كل فروع المعرفة لمغاربة لدى دور نشر عربية وأجنبية.
وتابع: إن التدبير الثقافي اليوم في مأزق حقيقي، والمأزق الأسوأ أن المسؤولين ليست لهم إرادة في التجاوب أو الحوار لتجاوز واقع ينذر بالمزيد من التعقد.
"جمود وعدم اعتذار"من جانبه أعلن حسن نفالي الأمين العام للائتلاف المغربي للثقافة والفنون، في تصريح خص به "العربية نت"، أن الائتلاف علق مشاركته هذه السنة في المعرض الدولي للكتاب، سواء فيما يتعلق بالندوات الفكرية والثقافية التي كان يساهم فيها منذ تأسيسه، ويضم هذا الأخير مجموعة من النقابات الفنية والإطارات الثقافية.
ويقول النفالي أن أسباب هذه المقاطعة تعود إلى ما حدث في السنة الماضية عندما رفضت الوزارة تعويض المبدعين والمثقفين عن مساهمتهم في الندوات الفكرية والثقافية، مردفا أن ذلك دفعهم هذا العام لكي لا يلتزموا مع المبدعين، خصوصا وأن الوزارة لم تكلف نفسها عناء الاعتذار عما وقع عبر بلاغ أو من خلال ندوة صحفية وتوضيح طرق التعامل خلال هذه الدورة لكي يعرف الكتاب والمبدعون طبيعة المشاركة ونوعيتها.
السبب الثاني في نظره، يعود إلى الجمود الذي تعرفه الوزارة على مستوى التواصل مع الهيئات الثقافية والفنية، مشيرا إلى أن المراحل السابقة على عهد الوزراء السابقين ساد فيها التواصل والحركية والتفاعل ما بين الطرفين على مستوى مجموعة من الاوراش ظلت مفتوحة، وكان يأمل في مواصلتها على عهد الوزير الحالي.
وأوضح أن الائتلاف كان يتوخى بعد أن تم إخراج بطاقة الفنان إلى أرض الواقع على عهد ثريا جبران الوزيرة السابقة وتوزيعها بكميات هائلة، أن تعالج اليوم الامتيازات التي تقدمها للفنان ووظيفتها المهنية والتنظيمية، مضيفا أن المقاولة الفنية مشروع كان الائتلاف يطمح في أن يفتح فيها ورشا، على اعتبار أن هذه المقاولات في نظره تعتريها الفوضى ولا تختلف حسبه عن مقاولة البناء، وبما أن القانون يشير إليها كان لابد من وضع تشريعات تنظيمية للمقاولة الفنية.
واستطرد متحدثا عن التقاعد الذي لازال بدوره مطروحا على طاولة الوزير خاصة بعد أن التزم من سبقوه بإنجاز ملف التأمين الصحي، معرجا على ملفات أخرى لم يحسم فيها الوزير، كوكالات الخدمات الفنية والدعم المسرحي الذي قال الوزير -حسب نفالي- إن القانون المنظم لها سيتغير، لكن الأشياء ظلت على ما هي عليه، ولهذه الأسباب أكد على مقاطعة الائتلاف للمعرض.
مشاركة للترويج جانب من المعرض
في مقابل ذلك أكد عبد الرحيم العلام عضو اتحاد كتاب المغرب لـ "العربية نت"، أن مشاركة الاتحاد في فعاليات المعرض، تأتي بالمقام الأول موصالة لتقليد مستمر منذ الدورات الأولى لهذه التظاهرة الدولية، ولتوفر عددا من الالتزامات والمؤشرات التي تضمن مشاركته وفعاليتها وأسباب نجاحها.
وقال إن أهم الالتزامات التي تشير إلى ذلك النجاح المتوقع، مضمون اتفاقية الشراكة والتعاون التي تجمع اتحاد كتاب المغرب ووزارة الثقافة منذ سنوات طويلة، والتي تم إبرامها بناء على توجهات ثقافية مشتركة ومقتضيات واضحة تحدد لكل طرف التزاماته تجاه الطرف الثاني يقول العلام، و خاصة فيما يتعلق بالشق الثقافي والتنشيطي أو بالشق المالي والمحاسباتي، واعتبار معرض النشر والكتاب في نظره فضاء معرفيا مفتوحا وسوقا للنشر وتداول الكتاب على الصعيد الدولي، وليس مناسبة احتفائية لجهة دون غيرها؛ إضافة إلى كون المعرض يشكل بالنسبة إليه مناسبة سنوية فريدة للكتاب والأدباء المغاربة لترويج لإنتاجهم المخطوط والمنشور، والانفتاح على مؤسسات ودور النشر المحلية والعربية والدولية، وتعميق الحوار حول قضايا الكتاب والنشر مع نظرائهم من الكتاب والأدباء العرب والأجانب.
وأشار العلام إلى أن وزير الثقافة أظهر استعداد دوائر وزارته للتعاون المثمر مع الاتحاد، واستدراك ما حدث من هفوات في الدورة السابقة، على اعتبار أنها مجرد سوء تفاهم لم يتم احتواؤه في حينه، معتبرا أن مشاركتهم ستبقى مرهونة بمدى السير العادي للأمور داخل فضاء المعرض، وبمدى التزام الوزارة بتعهداتها تجاه الشركاء والمشاركين والضيوف.
عن العربية نت