لكِ الشعرُ يهفو كالنسيم الذي يسري
ويبسمُ لما دغدغَ الشوقَ في الزهرِ
فيسكبُ في أعماقِ روحك بوحَهُ
ويغفو كما تغفينَ مع بسمةِ الفجرِ
تتوقُ الحروفُ البيضُ أن تلثمَ السنا
على همسِ قلبٍ طار مع خفقةِ الصدرِ
فتنسجُ من همسِ الحبابِ خميلةً
من العشق تغري القلبَ من حيث لا يدري
وتوقظُ صمتَ الحلم من هجعة الكرى
فيزهرُ في عينيكِ مرجٌ من السحْرِ
أراكِ على أردانِ دوحٍ تراقصتْ
تحلّين خفقَ الدوحِ في بوحك السرّي
أراكِ على شطآنِ بحركِ نخلةً
تُغازلُ بوحَ الشعرِ في غابةِ الشعرِ
فأنت عراقُ الروح والنخلُ لفّها
كما لفلَفَت مزنُ السماء سنا البدرِ
وأنت فلسطينُ التي ما تبسّمَت
لغيري ولا تاقت لذي خفقةٍ غيري
ولا أفعمتْ روحاً كروحي بحبها
ولا أجّجتُ قلباً كقلبي بلا جمرِ
أليلايَ تغفو الروحُ ما شفّها النوى
وتصحو على إيقاعِ ذكراك والذكرِ
فمن أرجكِ الورديّ أترعني الجوى
ومن طرفك المكحول أثملني خمري
ومن زهرة القندول عطرت أحرفي
فباتت تبث الروح عطراً على عطر
ومن نبضة البحر الجميل تململتْ
قصائديَ الحمراءُ واستعذبتْ عذري
يزينُ قوافي الشعر أنْ كنتِ نبضَها
تناغي عباب الموج في شاطئ البحر
ويبحر فيك الحلم يختال باسماً
كما أبحرت رؤياك باسمةَ الثغرِ
مقدسةً يخضلّ في طيفك الهوى
ويسكب فيك النأيُ ذوباً من الخمر
تغلغل فيكِ الشعرُ همساً ورقّةً
فبتُّ أسير البحر أشكو مدى أسري
فكان أنا أو أنتِ حتى إخالنُي
ثملت به وانثال من روضِه نهري
فلسطين في أحلامِ روحك قبلة
ومرجاً من الأشواق أحيا به عمرِي
فإن كان بحر الصمت أرخى سدوله
وخيّم ليل السهد دهراً على دهرِ
فما طال عهدُ الليل والصبح سابحٌ
يداعبُ هدبَ الشمس في موجه السحري
وأنت على جنح الصباح يمامة
تبوح لصمت البحر شدوَ الربا الخضر
وتنفث أنفاس الهُيام ورجعها
على القدس يهمي الحب في رقة القطر
وقفتُ أناجي الموجَ حتى أذاقني
هواك الهوى بين " الرصافة والجسرِ"
فأشعلتْ الذكرى سحائبَ مهجتي
فبتُّ كليمَ القلب من رقة السُّمْرِ
وألفيتُ طيفَ الإلفِ يغتالُه النوى
كما اغتالني بعدي وشفَّ الجوى صبري
فباتتْ على بعد اللقاء مشوقةً
يهدهدُها صوتي الذي لجّ في الهجرِ