في القصص البوليسية التقليدية، أو << القصص ذات اللغز>>، فإن الحبكة تبدأ بجريمة قتل، وتتطور حسب كرونولوجية مقلوبة، بما أن الأمر يتعلق بالنسبة للمحقق إيجاد ما جرى قبل الجريمة، والتي ينفتح عليها العمل. كما أن اهتمام التحقيق البوليسي- استنطاق المتهمين ، والبحث الدقيق عن المؤشرات- ينصب على أسباب الجريمة، والظروف، والملابسات، وسلاح الجريمة: فالمحقق يتمكن من الحل بإقصاء واحدا بعد واحد ، المتهمين الذين لا يسمحون له من التأكد من فرضياته.
فالقصة البوليسية إذن تنبني أساسا حول الملاحظة، والتفكير المنطقي. وبالنسبة للقارئ، فإنه يجد فيها لذة تشابه لذة اللعب، وتمارين التفكير والاستقراء، حيث يتشبه البطل، ويتمثله، ويقارن نفسه به.
وحتى التفكير، وإعداد الخطط ذهنيا حالة صعبة عند المحقق، ومهمة بالنسبة للقارئ. والمؤلف يضاعف من الحواجز والعقبات المادية، والفخاخ المنطقية خلال التحقيق: العديد من المتهمين، جرائم جديدة، تحولات، وكثير من التهديدات ضد المحقق نفسه. الشيء الذي يكون حكاية جد معقدة، ولكن دائما ممتعة.
وخلال التحقيق، المحقق يبين للقارئ كل المؤشرات، ولكن ليس كل تفكيراته، وتخميناته، التي تروج في ذهنه. كما انه لا يكشف الفاعل/ المجرم إلا في آخر القصة، أو عامة يشرع في كيفية حل القضية.
<< إن القارئ والمحقق يجب أن تكون حظوظهما متساوية في حل المشكلة>>، وهذا ما لاحظه s.s.van Drine في مقالة تحت عنوان( المجلة الغامضة Mystère magazine )( 1951)، حيث طرح عشرين قاعدة أساسية للرواية البوليسية.