هشام ناجح مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 188 العمر : 50 Localisation : الجديدة تاريخ التسجيل : 15/01/2011
| موضوع: قصة قصيرة : موسم الحصاد الإثنين أغسطس 01, 2011 1:15 pm | |
| اشتدت وحشة السنابل للمناجل المسنونة ، بعد أن أينعت وزهت بلونها الذهبي الساطع ، مثقلة بحبات الحياة . قد ترتبط هذه الحبات بمحاولة العيش في مخيلة والدتي ، فهي أصل وجودها ، لذلك تجدها حريصة على عدم تضييعها ، فتلتقطها حبة حبة كتلك النملة السيزيفية ، التي تعارك الحر اللافح والمسالك الوعرة من اجل الظفر بقوت أيام الشتاء الطويل . بدأت وفود الحصادين تتقاطر على فداننا " كدية بوشعيب" البعيد من بيتنا ، كجيش متعطش لنشوة النصر التي داهمها الانتظار لحول كامل . أعدت والدتي كانونها في هذا الخلاء الموحش ، بعدما جمعت الحطب ، تشعل نارها وتنفخ حتى تدمع عيناها لتختلط بكحلها ، فتزداد بهاء وجمالا كعروس استبشرت خيرا ببكارتها التي حافظت على خاتمها منذ أمد طويل . يبدو أن الحطب غير يابس بما فيه الكفاية هذه المرة. وبعدها توسطت الجمع بصينيتها المصفوفة الكؤوس، وبرادها المختوم بقرش فضي على قمة رأسه، وبجانبها طبق صنع من نبات السمار والدوم عليه خبزتان كبيرتان من القمح بحجم عجلتين، يتصاعد بخارهما محدثا خيوطا تذوب في بوثقة أنوار الشمس المزمجرة على السحنات الكالحة. وفي الجانب الآخر طيفور عليه " نخضة" من الزبدة. لينعموا بكأسهم الأخضر ووجبتهم الأولى التي تعد حدا فاصلا بين الليل الجائع السفاح، وصباح الكدح المرهق. وبعد حمدهم الله، وقف "بوشعيب الفدفاد" مشيرا إليهم ببداية العمل، ليلبسوا " التباندا" وتخللوا بأعواد القصب الموشورة من الأمام على أصابعهم للحد من خطورة المناجل، واشتد صياحهم بعد أن تقدمهم رئيسهم، وهو يراهن على صورة مجده الدائم، يحدج "علي ولد أمعمر" بنظرة فيها ازدراء، المتخلف عن الصف، لتتضح معالم الدروب في الفدان، كرأس أشعث حلق شعره بعناية فائقة . وتغمره نشوة الزهو والسمو، فيلقي بصوته الرنان مهيجا الأفئدة بمحاسبة الذات، ليحس الجميع بعدم جدوى الحياة، التي استعبدت القلوب، وغلفتها بحب هذه الدنيا الخضرة الحلوة الفانية : الصلاة على محمد كدما في السما و الارض الصلاة على نبينا كدما شافت عينينا كدما صلى في المدينة والعبد بو قشابة شراب طابا راه محبتوا كذابا وهي بابا ولا اله إلا الله اشتدت حمأةالقيظ فكانت الضرورة ملحة إلى أكل " صيكوك" هذه الوجبة الباردة التي تطفئ الظمأ ، وتخمد لهيب نيران البدن المتصبب بعرق الجد والمثابرة . فتجوب والدتي الفدان طولا وعرضا جامعة " الغمار" لتمنع بقرتها الدبساء من التهامه ، بعد أن نزعته بقوة من فمها ، كأنها تحاول أن تبين لها أهميته عندما تبتزك السنوات العجاف . استكان الظل يوازي نفسه ، الذي هو مؤشرهم لتناول وجبة الغذاء ... تداعى القوم إلى قصعة الكسكس المنمقة بخضارها السبع، وديكها السمين الذي يجسد افتتاح هذا اليوم المبجل. وبعدها استمرت المناجل تلكز سيقان السنابل بدون هوادة.. توردت القباب الأربع للمعاشات بحمرة الغروب الفاترة. فعاد الجمع أدراجهم إلى بيوتهم، بغية الراحة ، والاستعداد ليوم جديد من موسم حصاد " البكرية " .
عدل سابقا من قبل هشام ناجح في الإثنين أغسطس 01, 2011 8:14 pm عدل 1 مرات | |
|
مهدية أماني قاصة ...مشرفة
عدد الرسائل : 858 العمر : 68 Localisation : قلعة السراغنة تاريخ التسجيل : 23/03/2010
| موضوع: رد: قصة قصيرة : موسم الحصاد الإثنين أغسطس 01, 2011 3:27 pm | |
| اخي هشام السلام عليك الله الله .. على السرد الرائع اليانع كسنابل حقل ام هشام جمال وابداع وتأريخ لحدث قطف حب الحياة ..كادت ان تنسيناه المكنات الهادرة سلمت اناملك لن اوفي النص حقه من الاطراء بكلماتي المقضتبة هاته.. تقبل مودتي وكل عام وانت في الف عافية وصحة ... وابداع اختك اماني
ملوحظة.. قمت بتصحيح بعض الهنات التي اضرت باناقة السرد ارجو ان تتقبلها..
| |
|
هشام ناجح مشارك في الأضمومة القصصية حتى يزول الصداع
عدد الرسائل : 188 العمر : 50 Localisation : الجديدة تاريخ التسجيل : 15/01/2011
| موضوع: رد: قصة قصيرة : موسم الحصاد الثلاثاء أغسطس 02, 2011 2:37 pm | |
| وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته أختي مهدية وكل رمضان وقصة وأنتم بخير .
في البدابة بات من الضروري أن أشكرك على تكبير الخط واعادة تقويم النص فزاد بهاء .
تلهمنا السوسيولوجية القروية فنحاول أن نرصد بعض الطبائع الموسمية التي ترتبط عادة بطقوس تلاشت امام سطوة المكننة فنحاول أن لاندفن الماضي فيستمر الحكي ..........
كامل المودة والتقدير
أماالجديدة فهي كعادتها مدينة تستيقظ على رمالها الذهبية وأمواجها المتلاطمة وفواكها : التين الشوكي والبطيخ والعنب ( وللصائم فرحتان )
رمضان كريم | |
|